فهرس الكتاب

عباد مجهولين الأسماء

عباد مجهولين الأسماء ... 635 عابد آخر سلم بن زرعة بن حماد أبو المرضي، شيخ بعبادان له عبادة وفضل، قال: ملح الماء عندنا منذ ينف وستين سنة وكان ههنا رجل من أهل الساحل له فضل قال: ولم يكن في الصهاريج شيء وحضرت المغرب فهبطت لأتوضأ للصلاة من النهر، وذلك في رمضان وحرشديد فإذا أنا به وهو يقول: سيدي أرضيت عملي حتى أتمنى عليك أم رضيت طاعتي حتى أسألك؟ سيدي غسالة الحمام لمن عصاك كثير، سيدي لولا أني أخاف غضبك لم أذق الماء ولقد أجهدني العطش.
قال: ثم أخذ بكفيه فشرب شرباً صالحاً فتعجبت من صبره على ملوحته فأخذت من الموضع الذي أخذ فإذا هو بمنزلة السكر فشربت حتى رويت.
قال أبو المرضي: فقال لي هذا الشيخ يوماً: رأيت فيما يرى النائم كأن رجلاً يقول لي: قد فرغنا من بناء دارك لو رأيتها قرت عيناك وقد أمرنا بنجدها والفراع منها إلى سبعة أيام واسمها السرور، فأبشر بخير فلما كان اليوم السابع وهو يوم الجمعة بكر للوضوء فنزل في النهر وقد مد فزلق فغرق فأخرجناه بعد الصلاة فدفناه.
قال أبو المرضي فرأيته بعد ثالثة في النوم وهو يجيء إلى القنطرة وهو يكبر وعليه حلل خضر فقال لي: يا أبا المرضي أنزلني الكريم دار السرور فما أعد لي فيها؟ فقلت: صف لي فقال: هيهات يعجز الواصفون عن أن تنطق ألسنتهم بما فيها، فاكتسب مثل الذي اكتسبت وليت أن عيالي يعلمون أن قد هيئ لهم منازل معي، فيها كل ما اشتهت أنفسهم، نعم وإخواني وأنت معهم إن شاء الله.
ثم انتبهت.
636 عابد آخر العطار قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: رأيت رجلاً على ساحل عبادان قد قطع الجذام يديه ورجليه وقد ذهب بصره فجعلت أنظر إليه وأقول في نفسي: مجذوم مكفوف قال: فصاح وقال: من ذا المتكلف الذي يدخل بيني وبين مولاي قال بشر فأدبني قوله.
637 عابد آخر علي بن سعيد العطار قال: مررت بعبادان بمكفوف مجذوم وإذا الزنبور يقع عليه فيقطع لحمه فقلت الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفتح من عيني ما أغلق من عينك.
قال: بينما أنا أردد الحمد إذ صرخ، فبينا هو يتخبط نظرت إليه فإذا هو مقعد فقلت مكفوف يصرع مقعد مجذوم.
قال: فما استتممت حتى صاح: يا متكلف ما دخولك فيما بيني وبين ربي؟ دعه يفعل بي ما شاء.
ثم قال: وعزتك وجلالك لو قطعتني إرباً إرباً أو صببت علي البلاء صباً ما ازددت لك إلا حباً رضي الله عنه.
638 عابد آخر عابد بعبادان قال: مكثت ستة أيام لم أطعم شيئاً.
قال: قلت أجرب نفسي على الصبر.
فلما كانت الليلة السابعة دخل في قلبي من ذلك سرور، ورأيت أني قد صبرت وعملت شيئاً فإذا بقائل يقول: لم تبلغ كنه الصابرين، إنما الصابرون المستقلون لأعمالهم، الخائفون عليها من فسادها، الوجلون من ردها عليهم، فأولئك هم الصابرون.
639 عابد آخر أحمد بن محمد البزاز قال: كنت بعبادان وكانت ليلة عاشوراء، فدخلت إلى دار السبيل فرأيت فقيراً جالساً يأكل خبز الشعير وملحاً جريشاً فاحترق قلبي عليه وكان معي ألف دينار للتفرقة بعبادان فسألت عنه فقيل: هو أفضل من ههنا في الزهد ومنازلة الفقر فقلت في نفسي: أعطيه الدنانير التي معي فإني لا أعرف المستحقين.
فلما أصبحنا قصدته وسلمت عليه وجلست إليه وباسطني وباسطته فقلت له: رأيت الشيخ البارحة يأكل خبز الشعير وملحاً جريشاً وأعلم أنه كان صائماً فحملت إليه شيئاً ليتحكم فيه.
وقدمت إليه الكيس وقلت له: هو ألف دينار فشدد النظر وقال: خذه فإن هذا جزاء من أفشى سره إلى الناس.
640 عابد آخر أبو الخير الأسود المعروف بالعسقلاني قال: كان بعبادان رجل زنجي مفلفل الشعر يأوي الخربات، فحملت معي شيئاً وطلبته فلما رفع بصره تبسم وأشار بيده إلى الأرض، فرأيت حولي حيث أرى دراهم ودنانير تلمعان.
ثم قال لي: هات ما معك فناولته وهربت وهالني أمره.
641 عابد آخر عبد الله بن محمد قال: كتب إلي إسحاق بن موسى الأنصاري يذكر أن عباد بن كليب حدثهم قال: كنت بعبادان فرأيت شاباً من قريش عليه جبة صوف فسمعته يقول: إن لله عباداً يستروحون إلى الغموم فقلت: يرحمك الله تلبس الصوف؟ فقال: إنما أنا عبد فإذا أعتقت لبست فذكرت ذلك لشريك فقال: ما أكره الصوف لمثل هذا، ما خرج هذا الكلام إلا من كنز.
642 عابد آخر بحر أبو يحيى العابد قال: رأيت عابداً بعبادان يبكي عامة الليل والنهار فقلت له: يا أخي كم تبكي فازداد بكاء ثم قال لي: فما أصنع إذا لم أبك؟ فما أصنع إذا لم أبك؟ وغشي عليه.