فهرس الكتاب

الربيع بن عبد الرحمن

549 الربيع بن عبد الرحمن ويعرف بالربيع بن برة.
محمد بن سنان قال: سمعت الربيع بن برة يقول: ابن آدم إنما أنت جثة منتنة طيب نسيمك ما ركب فيك من روح الحياة فلو قد نزع منك روحك ألقيت جثة ملقاة وجيفة منتنة وجسداً خاوياً.
قد جيف بعد طيب رائحة واستوحش منه بعد الأنس بقربه أي الخليفة منك أعجب إذ كنت تعلم أن هذا مصيرك وأن التراب مقيلك ثم أنت بعد هذا الطول جهلك تقر بالدنياعيناً.
أسمعته يقول: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} "سبأ" أما والله ما حداك على الصبر والشكر إلا لعظم ثوابهما عنده لأوليائه فمن أعظم منك غفلة أو من أطول في القيامة منك حسرة إذ كنت ترغب عما رغب لك فيه مولاك وأنت تقرأ في الليل والنهار {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} .
عباد بن الوليد القرشي قال: قال الربيع بن برة: عجبت للخلائق كيف ذهلوا عن أمر حق تراه عيونهم وتشهد عليه معاقد قلوبهم إيماناً وتصديقاً بما جاء به المرسلون؟ ثم ها هم في غفلة عنه سكارى يلعبون.
ثم يقول: وأيم الله ما تلك الغفلة إلا رحمة من الله لهم ونعمة من الله عليهم.
ولولا ذلك لألفي المؤمنون طائشة عقولهم طائرة أفئدتهم منخلقة علوبهم لا ينتفعون مع ذكر الموت بعيش أبداً.
داود بن المحبر عن أبيه قال: مر بنا الربيع بن برة ونحن نسوي نعشاً لميت فقال: من هذا الغريب الذي بين أظهركم؟ قلنا ليس بغريب بل هو قريب حبيب.
قال: فبكى وقال: من أغرب من الميت بين الأحياء؟ قال: فبكى القوم جميعاً.
عن محمد بن سلام قال: سمعت الربيع بن عبد الرحمن يقول: رضيت لنفسك، وأنت الحول القلب، أن تعيش عيش البهائم، نهارك هائم وليلك نائم والأمر أمامك جد.
محمد بن سلام الجمحي قال: كان الربيع بن برة يقول: نصب المتقون الوعيد من الله أمامهم فنظرت إليه قلوبهم بتصديق وتحقيق فهم والله في الدنيا منغصون، ووقفوا ثواب الأعمال الصالحة خلف ذلك فمتى سمت أبصار القلوب إلى ثواب الأعمال تشوقت القلوب وارتاحت إلى حلول ذلك، فهم والله إلى الآخرة متطلعون بين وعيد هائل ووعد حق صادق لا ينفكون من خوف وعيد إلا رجعوا إلى شوق موعود.
فهم كذلك وعلى ذلك في الموت جعلت لهم الراحة.
ثم بكى.
عاصم الخلقاني قال: قال الربيع بن عبد الرحمن: إن لله عباداً أخمصوا له البطون عن مطاعم الحرام، وغضوا له الجفون عن مناظر الآثام، وأهملوا له العيون لما اختلط عليهم الظلام رجاء أن ينير لهم قلوبهم إذا تضمنتهم الأرض بين أطباقها، فهم في الدنيا مكتئبون وإلى الآخرة متطلعون، نفذت أبصار قلوبهم بالغيب إلى الملكوت فرأت فيه ما رجت من عظيم ثواب الله فازدادوا لله بذلك جداً واجتهاداً عند معاينة أبصار قلوبهم ما انطوت عليه آمالهم فهم الذين لا راحة لهم في الدنيا وهم الذين تقر أعينهم غدا ًبطلعة ملك الموت عليهم.
قال: ثم يبكي حتى يبل لحيته بالدموع.
محمد بن سلام الجمحي قال: سمعت الربيع بن عبد الرحمن يقول في كلامه: قطعتنا غفلة الآمال عن مبادرة الآجال فنحن في الدنيا حيارى لا ننتبه من رقدة إلا أعقبتنا في أثرها غفلة، فيا إخوتاه نشدتكم بالله هل تعلمون مؤمناً بالله أغر ولنقمته أقل حذراً من قوم هجمت بهم العبر على مصارع النادمين فطاشت عقولهم وضلت حلومهم مما رأوا العبروالأمثال، ثم رجعوا عن ذلك إلى غير قلعة ولا نقلة؟ فبالله لتبلغن من طاعة الله ورضاه أو لتنكرن به ماتعرفون من حسن بلائه وتواتر نعمائه إن تحسن أيها المرء يحسن إليك وإن تسيء فعلى نفسك بالعتب فارجع فقد بين وحذر وأعذر فما للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً.
زعم بعض نقلة الحديث أن الربيع بن برة أسند عن الحسن، وذكر له حديثاً.
وإنما الربيع المذكور في ذلك الحديث هو الربيع بن صبيح، وأما ابن برة فلا نعلم له مسنداً.