فهرس الكتاب

عبد الواحد بن زيد

537 عبد الواحد بن زيد حاتم بن سليمان قال: شهدت عبد الواحد بن زيد في جنازة حوشب فلما دفن قال: رحمك الله يا أبا بشر فلقد كنت حذراً من مثل هذا اليوم رحمك الله يا أبا بشر فلقد كنت من الموت جزعاً أما والله لئن استطعت لأعملن رجلي بعد مصرعك هذا.
قال: ثم شمر بعد واجتهد.
الحارث بن عبيد قال: كان عبد الواحد بن زيد يجلس إلى جنبي عند مالك بن دينار فكنت لا أفهم كثيراً من موعظة مالك لكثرة بكاء عبد الواحد.
زيد بن عمر قال: شهدت مجلس عبد الواحد بن زيد بعد العصر فكنت أنظر إلى منكبيه ترتعد ودموعه تتحدر على لحيته وهو ساكت والناس يبكون فقال: ألا ستتحيون من طول ما لا تستحيون؟ وفي القوم فتى فغشي عليه فما أفاق حتى غربت الشمس.
فأفاق هو يقول: ما لي ما لي؟ كأنه يعمي على الناس أمره.
ثم خرج فتوضأ.
مسمع بن عاصم قال: شهدت عبد الواحد ذات يوم وهو يعظ.
قال: فمات يومئذ في ذلك المجلس أربعة أنفس قبل أن يقوم.
قال مسمع: فأنا شهدت جنازة بعضهم.
مالك بن ضيغم قال: سمعت بكر بن مصاد يقول: عبد الواحد بن زيد يقول: إخوتاه ألا تبكون شوقاً إلى الله عز وجل؟ ألا إنه من بكي شوقاً إلى سيده لم يحرمه النظر إليه، يا إخوتاه ألا تبكون خوفاً من النار؟ ألا إنه من بكى خوفاً من النار أعاذه الله منها.
يا إخوتاه ألا تبكون؟ بلى فابكوا على الماء البارد أيام الدنيا لعله يسقيكموه في حظائر العرش مع خير الندماء والأصحاب من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
قال: ثم جعل يبكي حتى غشي عليه.
حصين بن القاسم الوزان يقول: لو قسم بث عبد الواحد بن زيد على أهل البصرة لوسعهم فإذا أقبل سواد الليل فطرت إليه كأنه فرس رهان مضمر متحزم.
ثم يقوم إلى محرابه كأنه رجل مخاطب.
حبان الأسود قال: حدثني عبد الواحد بن زيد قال: أصابتني علة في ساقي فكنت أتحامل عليها للصلاة.
قال: فقمت عليها من الليل فأجهدت وجعاً فجلست ثم لففت إزاري في محرابي ووضعت رأسي عليه فنمت فبينما أنا كذلك إذا بجارية تفوق الدمى حسناً تخطر بين جوار مزينات حتى وقفت علي وهن خلفها.
فقالت لبعضهن: ارفعنه ولا تهجنه فأقبلن نحوي فاحتملنني عن الأرض وأنا أنظر إليهن في منامي.
ثم قالت لغيرهن من الجواري اللائي معها: افرشنه ومهدنه ووطئن له ووسدنه.
قال: ففرشن تحتي سبع حشايا لم أر لهن في الدنيا مثلاً ووضعن تحت رأسي مرافق خضراً حساناً.
ثم قالت للائي حملنني: اجعلنه على الفرش رويداً لا تهجنه.
قال: فجعلت على تلك الفرش وأنا أنظر إليها وما تأمر به من شأني.
ثم قالت: احففنه بالريحان قال: فأتي بياسمين فحفت به الفرش.
ثم قامت إلي فوضعت يدها على علتي التي كنت أجد في ساقي فمسحت ذلك المكان بيدها ثم قالت: قم شفاك الله إلى صلاتك غير مضرور.
وقال: فاستيقظت والله كأني قد أنشطت من عقال فما اشتكيت تلك العلة ليلتي تلك ولا ذهبت حلاوة منطقها من قلبي: قم شفاك الله إلى صلاتك غير مضرور.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أبو سليمان الداراني: أصاب عبد الواحد بن زيد الفالج فسأل الله أن يطلقه في وقت الوضوء.
فإذا أراد أن يتوضأ انطلق وإذا رجع إلى سريره عاد عليه الفالج.
محمد بن عبد الله الخزاعي قال: صلى عبد الواحد بن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة.
قال أبو سليمان الداراني: ذكر لي عن عبد الواحد بن زيد قال: نمت عن وردي ليلة فإذا أنا بجارية لم أر أحسن وجهً منها عليها ثياب حرير خضر وفي رجليها نعلان والنعلان يسبحان والزمامان يقدسان، وهي تقول: يا ابن زيد جد في طلبي فإني في طلبك ثم جعلت تقول: من يشتريني ومن يكن سكني ... يأمن في ربحه من الغبن فقلت: يا جارية ما ثمنك؟ فأنشأت تقول: تودد الله مع محبته ... وطول فكر يشاب بالحزن فقلت: لمن أنت يا جارية؟ فقالت: لمالك لا يرد لي ثمناً ... من خاطب قد أتاه بالثمن فانتبه وآلى على نفسه أن لا ينام الليل.
أسند عبد الواحد عن الحسن البصري وأسلم الكوفي.