فهرس الكتاب

محمد بن سيرين

504 محمد بن سيرين يكنى أبا بكر، مولى أنس بن مالك.
كاتبه أنس.
وقال ابن عائشة: كان سيرين من أهل جرجرايا وكان يعمل قدور النحاس، فجاء إلى عين التمر يعمل بها فسباه خالد بن الوليد.
عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك قال: هذه مكاتبة سيرين عندنا: هذا ما كاتب عليه أنس بن مالك فتاه شيرون على كذا وكذا ألفاً، وعلى غلامين يعملان عليه.
بكار بن محمد قال: حدثني أبي أن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة طيبها ثلاث من أزواج رسول الله ودعوته لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدرياً منهم أبي بن كعب يدعو، وهم يؤمنون.
قال بكار: وأنبأ ابن عون قال: كان محمد بن سيرين إذا حدث كأنه يتقي شيئاً، كأنه يحذر شيئاً.
جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن سيرين يحدث رجلاً فقال: ما رأيت الرجل الأسود، ثم قال: أستغفر الله ما أراني إلا قد اغتبت الرجل.
عن ابن عون قال: كانوا إذا ذكروا عند محمد رجلاً بسيئة ذكره محمد بأحسن ما يعلم.
طوق بن وهب قال: دخلت على محمد بن سيرين وقد اشتكيت.
فقال: كأني أراك شاكياً.
قلت: أجل.
قال: اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه، ثم قال: اذهب إلى فلان فإنه أطب منه.
ثم قال: أستغفر الله أراني قد اغتبته.
عاصم الأحول قال: سمعت مورقاً العجلي يقول: ما رأيت رجلاً أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد ابن سيرين.
قال: وقال أبو قلابة: اصرفوه حيث شئتم فلتجدنه أشدكم ورعاً وأملككم لنفسه.
عن أيوب قال: قال أبو قلابة: وأينا يطيق ما يطيق محمد بن سيرين؟ يركب مثل حد السنان.
أبو عوانة قال: رأيت محمد بن سيرين يمر في السوق فيكبر الناس.
قال خلف: كان محمد بن سيرين قد أعطي هدياً وسمتاً وخشوعاً فكان الناس إذا رأوه ذكروا الله.
بسطام بن مسلم قال: كان محمد بن سيرين إذا مشى معه رجل قام وقال: ألك حاجة؟ فإن كان له حاجة قضاها.
فإن عاد يمشي معه قام فقال له: ألك حاجة؟.
عن عاصم قال: لم يكن ابن سيرين يترك أحداً يمشي معه.
حماد عن حبيب عن ابن سيرين قال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً جعل له واعظاً من قلبه يأمره وينهاه.
ابن عون قال: سمعت محمداً يقول في شيء راجعته فيه: إني لم أقل لك ليس به بأس، إنما قلت لك لا أعلم به بأساً.
الأشعث قال: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شيء من الفقه، الحلال والحرام، تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان.
عن هشام قال: أوصى أنس بن مالك أن يغسله محمد بن سيرين.
فقيل له في ذلك، وكان محبوساً.
فقال: أنا محبوس.
قالوا: قد استأذن الأمير فأذن لك في ذلك.
قال: فإن الأمير لم يحبسني إنما حبسني الذي له الحق.
فأذن له صاحب الحق فخرج فغسله.
عن رجاء بن أبي سلمة قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: أما ابن سيرين فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما.
عن هشام، عن ابن سيرين أنه اشترى بيعاً فأشرف فيه على ثمانين ألفاً فعرض في قلبه منه شيء فتركه.
قال هشام: والله ما هو بربا.
عن السري بن يحيى قال: لقد ترك ابن سيرين ربح أربعين ألفاً في شيء دخله.
قال سري: فسمعت سليمان التيمي يقول: لقد تركه في شيء ما يختلف فيه أحد من العلماء.
سعيد بن عامر قال: سمعت هشام بن حسان يقول: ترك محمد بن سيرين أربعين ألف درهم في شيء ما ترون به اليوم بأساً.
هشام بن حسان يذكره قال: كان ابن سيرين إذا دعي إلى وليمة أو إلى عرس يدخل منزله فيقول: اسقوني شربة سويق.
فيقال له: يا أبا بكر أنت تذهب إلى الوليمة أو العرس تشرب سويقاً؟ فيقول: إني أكره أن أحمل حد جوعي على طعام الناس.
عن ابن شوذب قال: كان ابن سيرين يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وكان اليوم الذي يفطر فيه يتغدى ولا يتعشى، ثم يتسحر ويصبح صائماً.
موسى بن المغيرة قال: رأيت محمد بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الهل عز وجل.
فقال له رجل: يا أبا بكر في هذه الساعة؟ قال: إنها ساعة غفلة.
روى هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين قالت: كان محمد إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كله تخشعاً لها.
عن ابن عون قال: دخل رجل على محمد وهو عند أمه فقال: ما شأن محمد؟ يشتكي شيئاً؟ قالوا: لا ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.
عن الربيع، عن ابن سيرين قال: ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم خيره.
عن ابن عون قال: أرسل ابن هبيرة إلى ابن سيرين فأتاه فقال له: كيف تركت أهل مصرك؟ قال تركتهم والظلم فيهم فاش.
قال ابن عون: كان محمد يرى أنها شهادة يسأل عنها فكره أن يكتمها.
عن جعفر بن مرزوق قال: بعث ابن هبيرة إلى ابن سيرين والحسن والشعبي، قال: فدخلوا عليه فقال لابن سيرين: يا أبا بكر ماذا رأيت منذ قربت من بابنا؟ قال رأيت ظلماً فاشياً.
قال: فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفت إليه ابن سيرين فقال ابن سيرين: إنك لست تسأل إنما أسأل أنا.
فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف، وإلى ابن سيرين بثلاث آلاف، وإلى الشعبي بألفين.
فأما ابن سيرين فلم يأخذها.
عن جعفر بن أبي الصلت قال: قلت لمحمد بن سيرين: ما منعك أن تقبل من ابن هبيرة؟ قال: فقال لي: يا أبا عبد الله، أو يا هذا، إنما أعطاني على خير كان يظنه بي، ولئن كنت كما ظن بي فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن فبالحري أن لا يجوز لي أن أقبل.
عن ابن عون قال: كان لابن سيرين منازل لا يكريها إلا من أهل الذمة.
فقيل له في ذلك فقال: إذا جاء رأس الشهر رعته وأكره أن أروع مسلماً.
عن عبيد الله بن السري قال: قال ابن سيرين: إني لأعرف الذنب الذي حمل به علي الدين ما هو.
قلت لرجل منذ أربعين سنة: يا مفلس.
فحدثت به أبا سليمان الداراني فقال: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندري من أين نؤتى؟.
عن عاصم الأحول قال: كان عامة كلام ابن سيرين: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده.
عن هشام بن حسان قال: ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في جوف الليل وهو يصلي.
عن أنس بن سيرين قال: كان لمحمد بن سيرين سبعة أوراد يقرؤها بالليل، فإذا فاته منها شيء قرأه من النهار.
عن هشام قال: كان ابن سيرين يحيي الليل في رمضان.
عن دهير قال: كان ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه على حدته.
مهدي قال: كنا نجلس إلى محمد فيحدثنا ونحدثه ويكثر غلينا ونكثر إليه فإذا ذكر الموت تغير لونه واصفر وأنكرناه وكأنه ليس بالذي كان.
عن ابن عون أن محمد بن سيرين كان إذا نام وجه نفسه.
أبي قال: كان الرجل إذا سال ابن سيرين عن الرؤيا قال: اتق الله عز وجل في اليقظة ولا يضرك ما رأيت في المنام، بشر بن عمر قال: حدثتنا أم عباد، امرأة هشام بن حسان، قالت: نزلنا مع محمد ابن سيرين في الدار، فكنا نسمع بكاءه بالليل وضحكه بالنهار.
الصقر، يعني ابن حبيب، قال: مر ابن سيرين برآس قد خرج رأساً فغشي عليه.
عن حبيب بن الشهيد قال: كنت أنا وأيوب السختياني عند عمر بن دينار فحلف ما رأى أحداً أفضل من طاوس.
فقال أيوب: لو رأى ابن سيرين لم يحلف.
أسند محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد، وعمران ابن حصين، وجندب.
وأنس، وأبي هريرة، وأبي بكرة في آخرين.
قال علي بن المديني: لم يحفظ عن زيد بن ثابت شيئاً إلا أنه سمع كلامه.
وتوفي فس سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم، وهو ابن نيف وثمانين سنة.