فهرس الكتاب

أبو عبد الله عثمان بن عفان رضي الله عنه

4 أبو عبد الله عثمان بن عفان رضي الله عنه: ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
أمه: أورى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس أسلمت وكان عثمان يكنى في الجاهلية أبا عمرو فلما ولدت له في الإسلام رقية غلاما سماه عبد الله واكتنى به.
أسلم عثمان قديما قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر خلفه على ابنته رقية يمرضها وضرب له بسهمه واجره فكان كمن شهدها وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بعد رقية وقال لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان وسمي ذا النورين لجمعه بين بنتي رسول الله.
صلى الله عليه وسلم وبايع عنه رسول الله.
صلى الله عليه وسلم بيده في بيعة الرضوان.
ذكر صفته رضي الله عنه: كان ربعة ابيض وقيل اسمر رقيق البشرة حسن الوجه عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين كثير شعر الرأس عظيم اللحية يصفرها.
عن الحسن قال نظرت إلى عثمان فإذا رجل حسن الوجه وإذا بوجنته نكات جدري وإذا شعره قد كسا ذراعه.
ذكر أولاده: وكان له من الولد عبد الرحمن بن رقية عبد الله الأصغر أمه فاختة بنت غزوان وعمرو وخالد وإبان وعمر ومريم أمهم أم عمرو بنت جندب من الازد والوليد وسعيد وأم سعيد أمهم فاطمة بنت الوليد وعبد الملك أمه أم البنين بنت عيينة بن حصن وعائشة وأم إبان وأم عمرو امهن رملة بنت شيبة بن ربيعة ومريم أمها نائلة بنت الفرافصة وأم البنين أمها أم ولد.
ذكر جملة من فضائله رضي الله عنه: عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله.
صلى الله عليه وسلم كان جالسا كاشفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله ثم أستأذن عمر وهو على حاله ثم أستأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه فلما قاموا قلت يا رسول الله أستأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك فلما أستأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك فقال يا عائشة ألا استحيي من رجل والله أن الملائكة لتستحيي منه انفرد بإخراجه مسلم1.
وعن عثمان هو ابن موهب قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القوم قال هؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال يا ابن عمر اني سائلك عن شيء فحدثني عنه هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم قال هل تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد قال نعم قال هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال الله اكبر.
قال ابن عمر تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فاشهد أن الله عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فانه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن لك اجر رجل ممن شهد بدراً" وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله.
صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: "هذه يد عثمان" فضرب بها على يده فقال: "هذه لعثمان".
فقال له ابن عمر أذهب بها الآن معك1 رواه البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري قال رأيت رسول الله.
صلى الله عليه وسلم من أول الليل إلى أن طلع الفجر رافعا يديه يدعو لعثمان: "اللهم عثمان رضيت عنه فأرض عنه".
ذكر تنبيه الرسول عليه السلام عثمان على ما سيجري عليه: عن عائشة قالت كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة لو كان عندنا من يحدثنا قالت قلت يا رسول الله إلا ابعث إلى أبي بكر فسكت ثم قال لو كان عندنا من يحدثنا فقلت ألا أبعث إلا عمر فسكت قالت ثم دعا وصيفا بين يديه فساره فذهب.
قالت فإذا عثمان يستأذن فأذن له فدخل فناجاه النبي صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: "يا عثمان إن الله عز وجل مقمصك قميصا فإذا أرادك المنافقون على أن تخلعه فلا تخلعه لهم ولا كرامة" يقولها له مرتين أو ثلاثا رواه أحمد.
وعن أبي موسى أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل يستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افتح له وبشره بالجنة" ففتحت فإذا أبو بكر فبشرته بالجنة ثم استفتح رجل آخر فقال: "افتح له وبشره بالجنة" فإذا عمر ففتحت له وبشرته بالجنة ثم استفتح رجل آخر وكان متكئا فجلس فقال: " افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه أو تكون" فإذا عثمان ففتحت له وبشرته بالجنة فأخبرته بالذي قال فقال الله المستعان2.
وعن سهل بن سعد قال ارتج أحد وعليه النبي.
صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان فقال النبي.
صلى الله عليه وسلم اسكن أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان رواه أحمد.
ذكر أفعاله الجميلة وطاعاته: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أشرف عثمان من القصر وهو محصور فقال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذا أهتز الجبل فركضه بقدمه ثم قال: " اسكن حراء ليس عليه إلا نبي أو صديق أو شهيد وأنا معه".
فانتشد له رجال.
قال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذا بعثني إلى المشركين من أهل مكة قال: " هذه يدي وهذه يد عثمان" فبايغ فانتشد له رجال.
قال: أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من يوسع لنا بهذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة؟ " فابتعته من مالي فوّسعت به المسجد فانتشد له رجال.
قال: وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة قال: " من ينفق اليوم نفقة متقبَّلة؟ " فجهزت نصف الجيش من مالي.
قال فانتشد له رجال.
قال: وأنشد بالله من شهد رومة يباع ماؤها ابن السبيل فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل.
فانتشد له رجال رواه الإمام أحمد.
وعن عبد الرحمن بن خبّاب السلمي قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها ثم حث، فقال عثمان: علي مائة اخرى باحلاسها واقتابها قال: ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال: فقال عثمان علي مائة أخرى بأحلاسها واقتابها.
ف رأيت النبي.
صلى الله عليه وسلم يقول بيده يحركها: " ما على عثمان ما عمل بعد هذا" رواه عبد الله بن الإمام أحمد1.
وعن الزبير بن عبد الله عن جدَّةٍ له يقال لها رهيمة قالت: كان عثمان يصوم الدهر ويقوم الليل إلا هجعةً من أوله رواه الإمام أحمد.
وعن ابن سيرين، قال: قالت امرأة عثمان حين قتل عثمان: قتلتموه وانه ليحيي الليل كله بالقرآن؟ وعنه قال، قالت امرأة عثمان بن عفان حين أطافوا يريدون قتله: وإن تقتلوه أو تتركوه فانه كان يحيي الليل كله في ركعة يجمع فيها القرآن.
وعن يونس، أن الحسن سئل عن القائلين في المسجد، فقال: رأيت عثمان بن عفان يقيل في المسجد وهو وهو يومئذ خليفة ويقوم وأثر الحصى بجنبه.
قال: فنقول هذا أمير المؤمنين هذا أمير المؤمنين رواه أحمد.
وعنه قال: رأيت عثمان نائماً في المسجد ورداؤه تحت رأسه فيجيء الرجل فيجلس إليه ثم يجيء الرجل فيجلس إليه كأنه أحدهم.
وعن سليمان بن موسى أن عثمان بن غان دعي إلى قوم كانوا على أمر قبيح فخرج إليهم فوجدهم إليهم فوجدوهم قد تفرقوا ورأى أمراً قبيحاً فحمد الله إذ لم يصادفهم واعتق رقبة وعن شرحبيل بن مسلم أن عثمان كان يطعم الناس طعام الإمارة ويدخل بيته فيأكل الخل والزيت.
عن الحسن وذكر عثمان بن عفان وشدة حيائه فقال إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق فما يصنع الثوب ليفيض عليه الماء يمنعه الحياء أن يقيم صلبه.
وعن الزبير بن عبد الله قال حدثتني جدتي أن عثمان بن عفان كان لا يوقظ أحداً من أهله من الليل إلا أن يجده يقظانا فيدعوه فيناوله وضوءه وكان يصوم الدهر.
ذكر خلافته: بويع يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين واستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين وعاش في الخلافة اثنتي عشرة سنة قال أبو معشر إلا اثنتي عشرة ليلة.
ذكر مقتله: حصر في منزله أياما ثم دخلوا عليه فقتلوه يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة ويقال لثماني عشرة خلت من سنة خمس وثلاثين.
واختلف في قاتله فقيل الأسود التجيبي من أهل مصر وقيل جبلة بن الايهم وقيل سودان بن رومان المرادي ويقال ضربه التجيبي ومحمد بن أبي حذيفة وهو يقرأ في المصحف وكان صائما يومئذ.
ودفن ليلة السبت بالبقيع سنة تسعون وقيل خمس وتسعون وقيل ثمان وثمانون وقيل اثنتان وثمانون.
وعن عبد الله بن فروخ قال شهدت عثمان بن عفان دفن في ثيابه بدمائه وقيل صلى عليه الزبير وقيل حكيم بن حزام وقيل جبير بن مطعم.
وعن الحسن قال لقد رأيت الذين قتلوا عثمان تحاصبوا في المسجد حتى ما ابصر أديم السماء وان أنسانا رفع مصحفا من حجرات النبي.
صلى الله عليه وسلم ثم نادى ألم تعلموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن فرق دينه وكان شيعا؟ذكر ثناء الناس عليه رضي الله عنه وأرضاه: قد صح عن أبي بكر الصديق أنه أملى على عثمان وصيته عند موته فلما بلغ إلى ذكر الخليفة أغمي عليه فكتب عثمان عمر فلما آفاق قال من كتب قال عمر فقال لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا.
وقد صح عن عمر أنه جعله في أهل الشورى وشهد له أن رسول الله.
صلى الله عليه وسلم مات وهو عنه راض.
وعن مطرف قال لقيت علياً عليه السلام فقال لي يا أبا عبد الله ما بطا بك عنا أحب عثمان أما لئن قلت ذاك لقد كان أوصلنا للرحم واتقانا للرب تعالى.
عن ابن عمر قال كنا نخير بين الناس في زمن النبي.
صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم انفرد بإخراجه البخاري.
وعن عبد الله قال حين استخلف عثمان استخلفنا خير من بقي ولم ناله.
وعن ابن عمر: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} الزمر: 9 قال هو عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه وحشرنا في زمرته وأماتنا على سنته ومحبته.