فهرس الكتاب

إبراهيم بن سعد أبو إسحاق العلوي

300 إبراهيم بن سعد أبو إسحاق العلوي من اهل بغداد ثم انتقل عنها إلى الشام فاستوطنها.
قال ابوعبد الرحمن محمد بن الحسين قال قال إبراهيم بن سعد العلوي أبو اسحاق كان حسنيا من أهل بغداد وكان يقال له الشريف الزاهد وكان استاذ ابي الحارث الاولاشي.
حكى عنه أبو الحارث قال كنت معه في البحر فبسط كساءه على الماء وصلى عليه.
وعن ابي الحسن الدربندي قال رأيت إبراهيم بن سعد العلوي وكان عليه كساء فبسط كساءه على البحر ووقف وصلى على الماء.
وقال أبو الحارث الاولاسى خرجت من حصن اولاس اريد البحر فقال لي بعض اخواني لا تخرج فاني قد هيات لك عجة حتى تاكل قال فجلست واكلت معه ونزلت إلى الساحل فإذا انا بابراهيم بن سعد العلوي قائما يصلي فقلت في نفسي ما اشك إلا انه يريد ان يقول لي امش معي على الماء ولئن قال لي لامشين معه فما استحكم الخاطر حتى سلم ثم قال هيه يا ابا الحارث امش على الخاطر فقلت بسم الله فمشى هو على الماء وذهبت امشي فغاصت رجلي فالتفت الي وقال يا ابا الحارث العجة اخذت برجلك.
وعنه قال اقبلنا من جبل اللكام مع ابي اسحاق العلوي الزاهد وكان أبو اسحاق لا ياكل إلا في كل ثلاثة أيام سفات خرنوب فلقينا امرأة وقد سخر جندي حماراً لها فاستغاثت بنا فكلمه العلوي فلم يرد عليها فدعا عليه فخر الجندي والمراة والحمار ثم افاقت المراة ثم افاق الحمار ومات الجندي فقلت لا اصحبك فانك مستجاب الدعوة واخشى ان يبدو مني سوء ادب فتدعو علي فقال لست تأمن قلت لا قال فاقلل إذا من الدنيا ما استطعت.
وعنه قال خرجت سنة من السنين من مكة في وسط السنة اريد الشام فإذا في بعض الطريق ثلاثة نفر يتذاكرون فتقدمت وسلمت عليهم وقلت امشي معكم فقالوا ما شئت فمشيت معهم إلى ان تفرقوا وبقيت انا واخر فقال لي اين تريد يا شاب فقلت بلد الشام فقال وانا اريد اللكام وكان الرجل إبراهيم بن سعد العلوي.
فمشينا اياما وافترقنا وكانت تاتيني كتبه فما شعرت ذات يوم وأنا بالأولاش وقد خرجت أريد البحر فإذا برجل صاف قدميه يصلي على الماء فاضطرب قلبي حين رايته وغلبتني الهيبة له فلما أحس بي اوجز في صلاته ثم التفت الي فإذا هو إبراهيم بن سعد العلوي فقال لي غيب شخصك عني ثلاثة أيام ثم ائتني بعد ذلك.
قال ففعلت ما قال ثم جئته بعد ثلاثة أيام فإذا هو قائم مكانه يصلي فلما أحس بي أوجز في صلاته ثم اخذ بيدي فوقفني على البحر وحرك شفتيه فقلت في نفسي أن مشى على الماء مشيت معه فما لبث إلا يسيرا فإذا الحيتان قد برزت مد البصر وقد أقلبت الينا رافعة رؤوسها من الماء فاتحة افواهها فقلت في نفسي اين ابن بشر الصياد فلما ذكرته في نفسي تفرقت فالتفت إلي إبراهيم وقال مر فلست مطلوب لهذا الامر ولكن عليك بالوصال والتخلي في الجبال ووار نفسك ما امكنك حتى يشغلك بذكره عن ذكر من سواه وعليك بالتقلل من الدنيا ما استطعت حتى يأيتك اليقين ومضى.
وعنه قال كان سبب رؤيتي إبراهيم بن سعد ان خرجت من اولاش إلى مكة في غير أيام الموسم فرافقت ثلاثة فتفرق اثنان منهم وبقيت انا والثالث فقال لي اين تريد فقلت الشام قال وانا اريد اللكام فإذا هو إبراهيم بن سعد العلوي وكان حسنيا ثم تفرقنا وكانت تأتيني كتبه.
فخرجت يوما من أولاش فإذا إبراهيم بن سعد العلوي فلما رآني قصر في صلاته وسلم علي وجاء إلى البحر فنظر إليه وحرك شفتيه فإذا بحيتان كثيرة مصفوفة قد أقبلت فلما رأيتها قلت اين الصيادون فنظرت فإذا السمك قد تفرق فقال لي إبراهيم ما انت بمطلوب في هذا الامر ولكن عليك بهذه الرمال فتوار فيها ما امكنك وتقلل من الدنيا حتى ياتيك امر الله ثم غاب عني فلم اره وكانت كتبه ترد علي.
فلما مات كنت قاعدا يوما فتحرك قلبي للخروج فلما خرجت صرت إلى المسجد فإذا أنا بأسود فقام الي فقال لي انت أبو الحارث قلت نعم قال اجرك الله في اخيك إبراهيم بن سعد.
وكان هذا مولى له يسمى ناصحا فذكر ان إبراهيم بن سعد اوصاه ان يؤدي هذه الرسالة: يا اخي إذا نزل بك امر من امر الله فاستعمل الرضا فان الله مطلع عليك يعلم ما في ضميرك فان رضيت فلك الثواب الجزيل وانت في رضاك وسخطك لست تقدر ان تزداد فيالرزق المقسوم والامر المكتوب فان لم تجد إلى الرضا سبيلا فاستعمل الصبر فإنه رأس الإيمان فان لم تجد فعليك بالتجمل ولا تشك من ليس باهل ان يشكي وهو من اهل الشكر والثناء لقديم ما اولى فإذا اضطررت وقل صبرك فألجا إليه بهمك واشك إليه بشك واحذر ان تستبطئه وتسيء به ظنا فان لك شيء بسبب ولك سبب اجل ولكل اجل كتاب ولكل هم من الله فرج ومن علم انه بعين الله استحيا ان يراه يرجو سواه ومن ايقن بنظر الله إليه اسقط اختيار نفسه ومن علم ان الله الضار النافع اسقط مخاوف المخلوقين فراقب الله في قربه واطلب الأمور من معادنها واحذر أن تعتمد على مخلوق أو تفشي إليه سرا أو تشكو إليه شيئا فان غنيهم فقير وفقيرهم ذليل في فقره وعالمهم جاهل في علمه وجاهلهم فاجر في فعله إلا القليل ممن عصم الله فاتقوا الفاجر من العلماء والجاهل من العباد فانهم فتنة لكل مفتون.
وقال عبد الله بن سهل بات عندي أبو الحارث الاولاشي فسالته عن مفارقته إبراهيم بن سعد العلوي فقال كانت الدنيا طوع يديه فلما انتهى إلى الساحل قال لي ترجع قلت بل اصحبك فتفل في البحر فإذا جوق من سمك مصفوف فوق الماء كانه سرير فوثب إليه ثم قال لي الله خليفتي عليك قلت ادع لي.
قال قد فعلت فاحفظ حدود الله وارحم خلقه إلا من عاند.