فهرس الكتاب

معروف بن الفيرزان الكرخي

260 معروف بن الفيرزان الكرخي يكنى أبا محفوظ وهو منسوب إلى كرخ بغداد.
عن أبي صالح عبد الله بن صالح قال كان أبو محفوظ معروف قد ناداه الله عز وجل بالاجتباء في حال الصبا يذكر ان اخاه عيسى قال كنت أنا واخي معروف في الكتاب وكنا نصارى وكان المعلم يعلم الصبيان أب وابن فيصيح أخي معروف أحد أحد فيضربه المعلم على ذلك ضربا شديدا حتى ضربه يوما ضربا عظيما فهرب على وجهه.
فكانت أمي تبكي وتقول لئن رد الله علي ابني معروفا لاتبعنه على أي دين كان.
فقدم عليها معروف بعد سنين كثيرة فقالت له يا بني على أي دين أنت قال على دين الإسلام قالت اشهد ان لا اله إلا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله.
فاسلمت أمي واسلمنا كلنا.
وعن ابن أخت معروف قال قلت لخالي معروف يا خال اراك تجيب كل من دعاك قال يا بني إنما خالك ضيف ينزل حيث ينزل.
وعن السري بن سفيان الانصاري قال اقام معروف الصلاة ثم قال لمحمد بن أبي توبة تقدم فصل بنا وذلك ان معروفا كان لا يؤم إنما يؤذن ويقيم ويقدم غيره قال محمد بن أبي توبة ان صليت بكم هذه الصلاة لم أصل بكم صلاة أخرى قال معروف وأنت تحدث نفسك ان تصلي صلاة أخرى نعوذ بالله من طول الامل طول الامل يمنع خير العمل.
قال محمد بن منصور الطوسي كنا عند معروف الكرخي وجاءت امرأة سائلة فقالت اعطوني شيئا افطر عليه فاني صائمة فدعاها معروف وقال لها يا اختي سر الله افشيته وتأملين ان تعيشي إلى الليل؟.
وعن يحيى بن جعفر قال رأيت معروفاً الكرخي يؤذن فلما قال اشهد ان لا اله إلا الله رأيت شعر لحيته وصدغيه قائماً كأنه زرع.
وعن عيسى أخي معروف قال دخل رجل على معروف في مرضه الذي مات فيه فقال يا أبا محفوظ أخبرني عن صومك قال كان عيسى عليه السلام يصوم كذا قال أخبرني عن صومك قال كان داود عليه السلام يصوم كذا.
قال أخبرني عن صومك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم كذا قال أخبرني عن صومك قال اما أنا فكنت أصبح دهري كله صائما فان دعيت إلى الطعام أكلت ولم اقل اني صائم.
وعن أحمد بن عبد الله بن ميمون قال كان معروف الكرخي يضرب نفسه ويقول يا نفس كم تبكين اخلصي وتخلصي.
وعن عمرو بن موسى قال سمعت معروفا يقول وعنده رجل يذكر رجلاً فجعل يغتابه فجعل معروف يقول له اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك.
وقال سري سألت معروفاً عن الطائعين لله باي شيء قدروه على الطاعة لله عز وجل قال بخروج الدنيا من قلوبهم ولو كانت في قلوبهم ما صحت لهم سجدة.
وعن القاسم بن نصر قال جاء قوم إلى معروف فاطالوا عنده الجلوس فقال اما تريدون ان تقوموا وملك الشمس ليس يفتر عن سوقه؟ وعن محمد بن حماد بن المبارك قال قال رجل لمعروف أوصني قال توكل على الله حتى يكون جليسك وانيسك وموضع شكواك واكثر ذكر الموت حتى لا يكون لك جليس غيره واعلم ان الشفاء لما نزل بك كتمانه وان الناس لا ينفعونك ولا يضرونك ولا يعطونك ولا يمنعونك.
وعن القاسم بن محمد البغدادي قال كنت جار معروف الكرخي فسمعته في السحر ينوح ويبكي وينشد: أي شيء تريد مني الذنوب ... شغفت بي فليس عني تغيب ما يضر الذنوب لو اعتقتني ... رحمة لي فقد علاني المشيبوعن إبراهيم الأطرش قال كان معروف الكرخي قاعدا دجلة ببغداد إذ مر بنا احداث في زورق يضربون الملاهي ويشربون فقال له أصحابه اما ترى ان هؤلاء في هذا الماء يعصون الله ادع عليهم.
فرفع يده إلى السماء وقال الهي وسيدي أسألك ان تفرحهم في الجنة كما فرحتهم في الدنيا فقال له أصحابه إنما قلنا لك ادع الله عليهم لم نقل لك ادع الله لهم فقال إذا فرحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا ولم يضركم بشيء.
أبو بكر بن الزيات قال سمعت ابن شيروية يقول كنت اجالس معروفاً الكرخي فلما كان ذات يوم رأيت وجهه قد خلا فقلت يا أبا محفوظ بلغني انك تمشي على الماء فقال لي ما مشيت قط على الماء ولكن إذا هممت بالعبور يجمع لي طرفاها فاتخطاها.
وعن محمد بن منصور قال مضيت يوما إلى معروف الكرخي ثم عدت إليه من غد ف رأيت في وجهه اثر شجة فهبت ان اسأله عنها وكان عنده رجل اجرأ عليه مني فقال له كنا عندك البارحة فلم نر في وجهك هذا الاثر فقال له معروف خذفيما تنتفع به فقال له اسألك بحق الله فانتفض معروف ثم قال له وما حاجتك إلى هذا مضيت البارحة إلى بيت الله الحرام ثم صرت إلى زمزم فشربت منها فزلت رجلي فنطح وجهي الباب فهذا الذي ترى من ذلك.
وعن خليل الصياد وكفاك به قال غاب ابني إلى الانبار فوجدت أمه وجدا شديدا فأتيت معروفا فقلت له يا أبا محفوظ ابني قد غاب فوجدت أمه وجدا شديدا قال فما تشاء قلت تدعو الله ان يرده عليها فقال اللهم ان السماء سماؤك والأرض أرضك وما بينهما لك فات به قال خليل فأتيت باب الشام فإِذا بني قائم منبهر فقلت يا محمد فقال يا ابة الساعة كنت بالأنبار.
وعن محمد بن صبح قال مر معروف على سقاء يسقي الماء وهو يقول رحم الله من شرب فشرب وكان صائما وقال لعل الله أن يستجيب له.
وعن سري قال هذا الذي أنا فيه من بركات معروف انصرفت من صلاة العيد ف رأيت مع معروف صبيا شعثا فقلت له من هذا قال رأيت الصبيان يلعبون وهذا واقف منكسر فسألته لم لا تلعب قال أنا يتيم قال سري فقلت له فما ترى انك تعمل به قال لعلي اخلو فاجمع له نوى يشتري به جوزا يفرح به فقلت له اعطنيه اغير من حاله فقال لي أوتفعل فقلت نعم فقال لي خذه اغنى الله قلبك فسويت الدنيا عندي اقل من كذا.
قال عبد الله بن سعيد الانصاري رأيت معروفاً الكرخي في المنام كأنه تحت العرش فيقول الله عز وجل ملائكتي من هذا فقالت الملائكة أنت اعلم هذا معروف الكرخي وقد سكر من حبك لا يفيق إلا بلقائك.
وقال أحمد بن الفتح رأيت بشر بن الحارث في منامي وهو قاعد في بستان وبين يديه مائدة وهو يأكل منها فقلت له يا أبا نصر ما فعل الله بك قال غفر لي ورحمني وأباحني الجنة بأسرها وقال لي كل من جميع ثمارها واشرب من انهارها وتمتع بجميع ما فيها كما كنت تحرم نفسك الشهوات في دار الدنيا فقلت له فاين اخوك أحمد بن حنبل قال هو قائم على باب الجنة يشفع لاهل السنة ممن يقول القرآن كلام الله غير مخلوق فقلت له فما فعل معروف الكرخي فحرك رأسه ثم قال لي هيهات حالت بيننا وبينه الحجب ان معروفا لم يعبد الله شوقا إلى جنته ولا خوفا من ناره وإنما عبده شوقا إليه فرفعه الله إلى الرفيق الاعلى ورفع الحجب بينه وبينه ذاك الترياق المقدس المجرب فمن كانت له إلى الله حاجة فليات قبره وليدع فانه يستجاب له ان شاء الله تعالى.
وعن أبي بكر الزجاج قال قيل لمعروف الكرخي في علته أوص فقال إذا مت فتصدقوا بقميصي هذا فاني أحب ان أخرج من الدنيا عريانا كما دخلت إليها عريانا.
اسند معروف عن بكر بن خنيس وعبد الله بن موسى وابن السماك.
وتوفي سنة مائتين وقبره ظاهر ببغداد يتبرك به وكان إبراهيم الحربي يقول قبر معروف الترياقي المجرب.
وإنما اقتصرنا ها هنا على اليسير من أخباره لانا قد جمعنا أخباره ومناقبه في كتاب افردناه لها فمن اراد الزيادة من أخباره فعليه بذلك الكتاب والله الموفق رحمه الله ورضي الله عنه.