فهرس الكتاب

سليمان بن يسار

160 سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: كان مكاتباً لها يكنى أبا أيوب.
عن مصعب بن عثمان قال: كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجهاً.
فدخلت عليه إمرأة فسألته نفسه فامتنع عليها.
فقالت له: ادنُ فخرج هارباً عن منزله وتركها فيه.
قال سليمان: فرأيت بعد ذلك يوسف عليه السلام فيما يرى النائم، وكأني أقول له: أنت يوسف؟ قال: نعم أنا يوسف الذي هممتُ وأنت سليمان الذي لم تهم.
وقد رُويت لنا هذه القصة عن عطاء بن يسار أخي سليمان والله أعلم.
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجّين من المدينة، ومعهما أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلاً.
فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم وبقي عطاء بن يسار قائماً في المنزل يصلي.
قال: فدخلت عليه إمرأة من الأعراب جميلة فلما رآها عطاء ظن أن لها حاجةً فأوجزَ في صلاته، ثم قال: ألك حاجة؟ قالت: نعم.
قال: ما هي؟ قالت: قم فأصِب مني فإني قد ودِقتُ ولا بعل لي فقال: إليك عني لا تحرقيني ونفسك بالنار.
ونظر إلى إمرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه ويأبى إلا ما يريد.
قال: فجعل عطاء يبكي ويقول: ويحك إليك عني.
قال: اشتد بكاؤه فلما نظرت المرأة إليه وما داخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه.
قال: فجعل يبكي والمرأة بين يديه تبكي.
فبينما هو كذلك إذا جاء سليمان من حاجته قلما نظر إلى عطاء يبكي والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت بكى لبكائهما لا يدري ما أبكاهما وجعل أصحابهما يأتون رجلاً رجلاً كلما أتى رجل فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء وعلا الصوت.
فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت.
قال: فقام القوم فدخلوا.
فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالاً له وهيبة.
قال: وكان أسنَّ منه.
قال ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما فلبثا بها ما شاء الله فبينا عطاء ذات ليلة نائم إذ استيقظ وهو يبكيزز فقال سليمان: مايبكيك يا أخي؟ قال: فاشتد بكاؤه.
قال: ما يبكيك يا أخي؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة.
قال، وما هي؟ قال لا تخبر بها أحداً ما دمتُ حياً: رأيت يوسف النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فجئت أنظر إليه فيمن ينظر إليه فلما رأيت حسنه بكيت فنظر إليّ في الناس فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ فقلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما اُبتليتَ به من أمرها وما لقيتَ من السجن وفرقة يعقوب، فبكيت من ذلك وجعلت أتعجّب منه.
قال: فهلا تعجّبت من صاحب المرأة البدوية بالأبواء؟ فعرفت الذي أراد فبكيت واستيقظت باكياً.
قال سليمان: أي أخي وما كان من حال تلك المرأة؟ فقصّ عليه عطاء القصة فما أخبر بها سليمان أحداً حتى مات عطاء فحدث بها بعده امرأة من أهله قال: وما شاع هذا الحديث بالمدينة إلا بعد موت سليمان ابن يسار رضي الله عنهما.
وعن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: كان سليمان بن يسار يصوم الدهر وكان عطاء بن يسار يصوم يوماً ويفطر يوماً.
أسند سليمان عن أبي هريرة وابن عمرو، وابن عباس في خلق كثير من الصحابة.
وتوفي سنة سبع ومائة.
وقيل سنة ثلاث ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
وأسندَ عطاء بن أبي بن كعب وابن مسعود وأبي أيوب الأنصاري في خلق كثير من الصحابة.
توفي سنة ثلاث ومائة وقيل سنة أربع وتسعين وكان يكنى أبا محمد وهو مولى ميمونة أيضاً رضي الله عنهما.