فهرس الكتاب

حرف التاء المثناة

حرف التاء المثناة
311 - حَدِيث: التَّاجِرُ الْجَبَانُ مَحْرُومٌ، وَالتَّاجِرُ الْجَسُورُ مَرْزُوقٌ، القضاعي من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس مرفوعا بهذا.

312 - حَدِيث: التَّأَنِّي مِنَ اللَّه وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ، أبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو يعلى عنه، وابن منيع، والحارث ابن أبي أسامة، كلهم في مسانيدهم من حديث سنان بن سعد، عن أنس مرفوعا بهذا، وأخرجه البيهقي في سننه وغيرها، كذلك فسمى الراوي عن أنس سعد بن سنان، وله شاهد عند الترمذي، والعسكري، وغيرهما، من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه عن جده مرفوعا به مثله، ولفظه: الأناة، وقال الترمذي: إنه حسن غريب، وقد تكلم بعضهم في عبد المهيمن وضعفه من قبل حفظه، وللبيهقي من حديث محمد بن سواء عن سعيد بن سماك بن حرب به عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: إذا تأنيت أصبت أو كدت تصيب، وإذا استعجلت أخطأت أو كدت تخطئ، وسعيد قال فيه أبو حاتم: إنه متروك، وللطبراني والعسكري والقضاعي من حديث ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعا: من تأنى أصاب، أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد، وللعسكري فقط من حديث سهل بن أسلم، عن الحسن رفعه مرسلا: التبين من اللَّه، والعجلة من الشيطان، فتبينوا، قال: والتبين عند أهل اللغة مثل التثبت في الأمور، والتأني، وقد قرأ بعضهم إذا ضربتم في سبيل اللَّه فتثبتوا، إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا، ويشهد لها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأشج عبد القيس إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه، الحلم والأناة، وهو صحيح، وقد ورد تقييد ذلك، فلأبي داود عن سعد بن أبي وقاص: التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة، قال الأعمش: لا أعلم إلا أنه رفعه، وللمزي في ترجمة محمد بن موسى بن أبي نفيع من تهذيبه عن شيخة من قومه، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: الأناة في كل شيء إلا في ثلاث: إذا صيح يا خيل اللَّه، وإذا نودي بالصلاة، وإذا كانت الجنازة، وهذا مرسل، وللترمذي عن علي رفعه: ثلاثة لا تؤخرها: الصلاة إذا أذنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا، وسنده حسن. وعند الغزالي عن حاتم الأصم، قال: العجلة من الشيطان، إلا في خمسة، فإنها من سنة رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب.

313 - حَدِيث: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ، ابن ماجه، والطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب، من طريق أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه، رفعه بهذا، ورجاله ثقات، بل حسنه شيخنا يعني لشواهده، والا فأبو عبيدة جزم غير واحد، بأنه لم يسمع من أبيه، ومن شواهده ما أخرجه البيهقي عن أبي عنبة الخولاني وابن أبي الدنيا، عن ابن عباس، وعنده فيه من الزيادة: والمستغفر من الذنب، وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلما كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا، وسنده ضعيف، فيه من لا يعرف، وروي موقوفا، قال المنذري: ولعله أشبه، بل هو الراجح، ولأبي نُعيم في الحلية، والطبراني في الكبير، من حديث ابن أبي سعيد الأنصاري، عن أبيه مرفوعا: الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وسنده ضعيف، وللديلمي عن أنس جملة الترجمة وزاد: وإذا أحب اللَّه عبدا لم يضره ذنب، ولابن أبي الدنيا من طريق الشعبي من قوله جملة الترجمة، ثم تلا {إِنَّ اللَّه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .

314 - حَدِيث: تُبْصِرُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَتَنْسَى الْجذَاعَ فِي عَيْنِكَ، البيهقي في الشعب، والعسكري من حديث محمد بن حميد عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع أو الجذل في عينه، ومن حديث أبي الأشهب عن الحسن البصري، أنه قال: يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك، وتدع الجذع معترضا في عينيك، وللبيهقي في الشعب عن ابن عمر من قوله: كفى من البغي ثلاث: أن تبصر من الناس ما يخفى عليك من نفسك، وأن تعيب عليهم فيما تأتي، وتؤذي جليسك بما لا يعنيك، قال: وروي معناه عن عمر، ومما قيل:
أرى كل إنسان يرى عيب غيره ... ويعمى عن العيب الذي هو فيه
ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه ... ويعمى عن العيب الذي بأخيه

315 - حَدِيث: تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ: يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بُوَجْهٍ، متفق عليه عن أبي هريرة.

316 - حَدِيث: تَحْتَ الْبَحْرِ نَارٌ، فِي: الْبَحْرِ، مِنَ الْمُوَحَّدَةِ.

317 - حَدِيث: تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن أبي هريرة مرفوعا، وقال أبو داود: إنه ضعيف.

318 - حَدِيث: التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ، أحمد، والطبراني، وغيرهما، من حديث أبي عبد الرحمن الشامي عن الشعبي عن النعمان بن بشير به مرفوعا.

319 - حَدِيث: تَخَتَّمُوا بِالزَّبَرْجَدِ، فَإِنَّهُ يُسْرٌ لا عُسْرَ فِيهِ، قال شيخنا: إنه موضوع.

320 - حَدِيث: تَخَتَّمُوا بِالزُّمُرُّدِ، فَإِنَّهُ يُنْفِي الْفَقْرَ، الديلمي عن ابن عباس، ولا يصح أيضا.

321 - حَدِيث: تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ، له طرق كلها واهية، فمنها لابن عدي في كامله من جهة يعقوب بن الوليد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به، ويعقوب كذبه أحمد وأبو حاتم وغيرهما، وقد تحرف اسم أبيه على بعض رواته فسماه إبراهيم، كذلك أخرجه ابن عدي أيضا، ومن طريقه البيهقي في الشعب، وله عن عائشة طرق بألفاظ منها: اشتر له خاتما وليكن فصه عقيقا، فإنه من تختم بالعقيق لم يقض له إلا الذي هو أسعد، ومنها: أكثر خرز أهل الجنة العقيق، ومنها لابن عدي أيضا من طريق الحسين بن إبراهيم البابي عن حميد عن أنس مرفوعا، بلفظ: فإنه ينفي الفقر بدل فإنه مبارك، زاد: واليمين أحق بالزينة، والبابي تالف، وجزم الذهبي في الميزان بأنه موضوع، ومنها للديلمي من رواية ميمون بن سليمان عن منصور بن بشر الساعدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر رفعه بلفظ: تختموا بالعقيق، فإن جبريل أتاني به من الجنة، وقال لي: يا محمد تختم بالعقيق، وأمر أمتك أن تختم به، وهو موضوع على عمر فمن دونه إلى مالك، ومنها له أيضا من طريق علي بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان عن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه، بلفظ: تختوا بالخواتم العقيق، فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام عليه، وعلي بن مهرويه صدوق، وداود بن سليمان يقال له الغازي وهو جرجاني كذبه ابن معين، وله نسخة موضوعة بالسند المذكور من جملتها: إن الأرض تنجس من بول الأقلف أربعين يوما، وهو في أمالي الحسين بن هارون الضبي من وجه آخر عن أبي بكر الأزرق عن جعفر به، ولفظه: من تختم بالعقيق ونقش فيه {وما توفيقي إلا باللَّه} وفقه اللَّه لكل خير، وأحبه الملكان الموكلان به، وفي سنده أبو سعيد الحسن بن علي وهو كذاب، وهذا عمله، ومنها لابن حبان في الضعفاء من طريق أبي بكر بن شعيب عن مالك عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن فاطمة مرفوعا: من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا، قال: وابن شعيب يروي عن مالك ما ليس من حديثه، لا يحل الاحتجاج به، وهو عند الطبراني في معجمه الأوسط، والدارقطني في الأفراد، بل وعند الطبراني، وأبي نُعيم في الحلية، وغيرهما، من طرق سواه، ومع ذلك فهو باطل، وقد قال العقيلي: إنه لا يثبت في هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: قد ذكر حمزة بن الحسن الأصبهاني في كتاب "التنبيه على حروف من التصحيف" قال: كثير من رواة الحديث يروون أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: تختموا بالعقيق، وإنما قال: تخيموا بالعقيق، وهو اسم وادٍ بظاهر المدينة، قال ابن الجوزي: وهذا بعيد، وتأويله أحق أن ينسب إليه التصحيف لما ذكرنا من طرق الحديث، بل قال شيخنا: حمزة معذور، فإن أقرب طرق هذا الحديث كما يقتضيه كلام ابن عدي في رواية يعقوب، ولفظه: تخيموا بالعقيق فإنه مبارك، وهذا الوصف بعينه قد ثبت لوادي العقيق في حديث عمر الذي أخرجه البخاري في أوائل الحج من رواية عكرمة عن ابن عباس: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، انتهى. وما رواه المطرز في اليواقيت عن أبي القاسم الصايغ عن إبراهيم الحربي أنه سئل عنه فقال: إنه صحيح، قال: ويروى أيضاً يالياء المثناة من تحت، أي اسكنوا العقيق وأقيموا به، فغير معتمد، بل المعتمد بطلانه، ثم إن قوله في بعض ألفاظه: فإنه ينفي الفقر، يروى في اتخاذ الخاتم الذي فصه من ياقوت، ولا يصح أيضا، قال ابن الأثير: يريد أنه إذا ذهب ماله باع خاتمه فوجد به غنى، وقال غيره: بل الأشبه إن صح الحديث أن يكون لخاصية فيه، كما أن النار لا تؤثر فيه ولا تغيره، وإن من تختم به أمن من الطاعون، وتيسرت له أمور المعاش، ويقوى قلبه، ويهابه الناس، ويسهل عليه قضاء الحوائج، انتهى. وكل هذا يمكن قوله في العقيق إن ثبت.

322 - حَدِيثُ: تَخْلِيلِ الْخَمْرِ، مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، أُخَلِّلُهَا، قَالَ: لا.

323 - حَدِيث: تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ، ابن ماجه، والدارقطني عن عائشة به مرفوعا، وفي لفظ: اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم، فإن الرجل ربما أشبه أخواله، ومداره على أناس ضعفاء رووه عن هشام، أمثلهم صالح بن موسى الطلحي، والحارث بن عمران الجعفري، وهو حسن، ففي الباب عن أنس رفعه، وكذا عن عمر، بلفظ: وانتجبوا المناكح، وعليكم بذات الأوراك، فإنهن أنجب، أسنده الديلمي ولا يصح، وفي لفظ عن عمر مرفوعا، كما عند أبي موسى المديني في كتاب "تضييع العمر والأيام ": فانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العرق جساس، وفي لفظ عن أنس: تزوجوا في الحجز الصالح، فإن العرق دساس، وكلها ضعيفة.

324 - حَدِيث: تَدَاوَوْا، فَإِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ، القضاعي من جهة بكر بن بكار عن شعبة عن الأعمش عن أبي هريرة رفعه بهذا، وفي الباب عن أسامة بن شريك عند الترمذي وغيره بلفظ: فإن اللَّه لم ينزل داء إلا وقد أنزل له شفاء، وعن أبي مسعود وآخرين بينتها فيما كتبته في الطب النبوي.

325 - حَدِيث: التَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ، فِي: الاقْتِصَادِ.

326 - حَدِيث: التُّرَابُ رَبِيعُ الصِّبْيَانِ، الطبراني عن سهل بن سعد به مرفوعا، وكذا رواه القضاعي من حديث مالك بن سعير عن مالك عن نافع عن ابن عمر به، والأول أيضا يروى من حديث مالك، وقال الخطيب: إن المتن لا يصح. 327 - حَدِيث: تَرِّبِ الْكِتَابَ، فِي: إِذَا كَتَبْتَ.

328 - حَدِيث: تَرْكُ الْعَادَةِ عَدَاوَةٌ مُسْتَفَادَةٌ، لا أصل له، ولكن قد قال الشافعي: ترك العادة ذنب مستحدث، أورده البيهقي في مناقبه.

329 - حَدِيث: تَرْكُ العَشاء، فِي: تعشوا، قريبا.

330 - حَدِيث: تَزَوَّجُوا فُقَرَاءَ، في: التمسوا الرزق في النكاح.

331 - حديث: تستغفر الصحفة لِلاحِسِهَا، في: من أكل في قصعة.

332 - حَدِيث: تَسْلِيمُ الْغَزَالَةِ، اشتهر على الألسنة، وفي المدائح النبوية، وليس له كما قاله ابن كثير أصل، ومن نسبه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد كذب، ولكن قد ورد الكلام في الجملة في عدة أحاديث يتقوى بعضها ببعض، أوردها شيخنا في المجلس الحادي والستين من تخريج أحاديث المختصر.

333 - حَدِيث: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، الحديث، مسلم عن أبي هريرة. 334 - حديث: التشبيك في المسجد، أحمد والطيالسي في مسنديهما، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والطبراني وآخرون، كلهم من حديث كعب بن عجرة مرفوعا: يا كعب بن عجرة إذا كنت في المسجد فلا تشبك، إلى غيره من المرفوع والموقوف في النهي عنه مع اختلاف في سنده أو ضعف، وقال مالك: إنه لا بأس به في المسجد، وإنما يكره في الصلاة، وقد ترجم البخاري لتشبيك الأصابع في المسجد، وأورد قصة ذي اليدين، وفيها: وشبك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصابعه، ولكن محل جوازه ما إذا كان لغرض صحيح، كإراحة الأصابع، بخلاف ما يكون عبثا، إذ التشبيك من الشيطان، سيما وقد يجلب النوم.

335 - حَدِيث: تَصَدَّقُوا تُرْزَقُوا، صحيح المعنى. ونحوه: أنفق أنفق عليك، {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} ينظر لفظه.

336 - حديث: تَعَرَّفْ إِلَى اللَّه فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، الطبراني في الكبير من حديث عيسى بن محمد القرشي، والعسكري في الأمثال من حديث حجاج بن فرافصة، كلاهما عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: كنت ردف رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالتفت إليَّ فقال: يا غلام! احفظ اللَّه يحفظك، احفظ اللَّه تجده أمامك، تعرف. الحديث، وفيه: قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، أو أرادوا أن يضروك بشيء، لم يقضه الله عليك، لم يقدروا عليه، وفيه: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك. وما أخطاك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا، ومن طريق الطبراني أورده الضياء في المختارة، وهو حسن، وله شاهد عند عبد بن حميد من طريق المثنى بن الصباح، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا: يا ابن عباس! احفظ اللَّه يحفظك، واحفظ اللَّه تجده أمامك، وتعرف إلى اللَّه في الرخاء، يعرفك في الشدة، وذكره مطولا، وسنده ضعيف، وأصل الحديث بدون لفظ الترجمة عند الترمذي، وصححه من حديث حَنش عن ابن عباس مرفوعا، بل أخرجه أحمد، والطبراني، وغيرهما من هذا الوجه أيضا بتمامه، وهو أصح وأقوى رجالا، وقد بسطت الكلام عليه في تخريج الأربعين.

337 - حَدِيث: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، الحديث، البخاري من حديث أبي بكر بن عياش عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعا، وفي لفظ للعسكري من حديث الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، لعن بدل تعس.

338 - حَدِيث: تَعَشَّوْا، وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ، فَإِنَّ تَرْكَ العَشاء مَهْرَمَةٌ، الترمذي من حديث عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن عبد الملك بن عَلاَّف، عن أنس به مرفوعا، وقال: هذا منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وعنبسة يضعف في الحديث، وعبد الملك مجهول، وهو عند أبي نُعيم في الحلية من جهة ابن السماك حدثنا عنبسة ابن عبد الرحمن، فقال عن مسلم، بدل عبد الملك، ولفظه: لا تدعوا عشاء الليل ولو بكف من حشف، فإن تركه مهرمة، ورواه القضاعي من جهة عتبة بن الحارث عن عنبسة، فقال: عن عبد الرحمن بن علاف بن أبي مسلم، بدل عبد الملك، ولفظه كالأول، وقد رواه ابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن ميمون عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا: لا تدعوا العَشاء، ولو بكف من تمر، فإن تركه يهرم، وراويه عن ابن ميمون، وهو إبراهيم بن عبد السلام ضعيف، يسرق الحديث، وحكم عليه الصغاني بالوضع، وفيه نظر، ولما ذكر العسكري حديث ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، قال: قد حث عليه الصلاة والسلام بهذا على قلة المطعم، وما أكثر من يغلط في قوله عليه الصلاة والسلام تعشوا ولو بكف من حشف، ويتوهم أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حث على الإكثار من المطعم، وأنه أمر بالعشاء من ضره ونفعه، وهذا غلط شديد، لأن من أكل فوق شبعه، فقد أكل ما لا يحل له أكله، فكيف يأمره بذلك، وإنما معنى قوله: ترك العشاء مهرمة، أن القوم كانوا يخففون في المطعم، ويدع المتغدي منهم الغداء، ولم يبلغ الشبع، ويتواصون بذلك.

339 - حَدِيث: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ، فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْتَزَعُ مِنْ أُمَّتِي، ابن ماجه والدارقطني في سننهما، والحاكم في صحيحه، كلهم من حديث حفص بن عمر بن أبي العطاف، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة رفعه: يا أبا هريرة تعلموا، وذكره، وابن أبي العطاف متروك، وفي الباب عن ابن مسعود، أخرجه أحمد من حديث أبي الأحوص عنه رفعه: تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، ويظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة، فلا يجدان من يفصل بينهما، وأخرجه النسائي والدارقطني والحاكم والدارمي، كلهم من حديث عوف عن سليمان بن جابر عن ابن مسعود، وفيه انقطاع، وعن أبي بكرة وأبي هريرة وآخرين، قال ابن الصلاح: لفظ النصف هنا عبارة عن القسم الواحد، وإن لم يتساويا، وقال ابن عيينة: إنما قيل له نصف العلم لأنه يبتلى به الناس كلهم.

340 - حَدِيثُ: تَفَرُّقِ الأُمَّةِ، أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح. وابن ماجه عن أبي هريرة رفعه: افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول اللَّه؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي، وهو عند ابن حبان والحاكم في صحيحهما بنحوه، وقال الحاكم: إنه حديث كبير في الأصول، وقد روي عن سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وعوف بن مالك. قلت: وعن أنس، وجابر، وأبي أمامة، وابن عمر، وابن مسعود، وعلي، وعمرو بن عوف، وعويمر أبي الدرداء، ومعاوية، ووائلة، كما بينتها في كتابي في الفرق، وأودع الزيلعي في سورة الأنعام من تخريجه من ذلك جملة.

341 - حَدِيث: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا، البيهقي في الشعب وغيرها من حديث الأحنف بن قيس عن عمر قوله، وعلقه البخاري جازما به، ثم قال: وبعد أن تسودوا، قال شمر: ومعنى قول عمر: قبل أن تزوجوا فتصيروا أرباب بيوت، وكذا كان بعض العلماء يقول: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، ونحوه قول الخطيب: ينبغي للطالب أن يكون عزبا ما أمكن، لئلا يشغله القيام بحقوق الزوجة، فيعسر الطلب، ولكن هو مفسر بما هو أعم من ذلك، وكذا قال الثوري: من أسرع الرياسة أضر بكثير من العلم، ومن لم يسرع الرياسة كتب، ثم كتب، ثم كتب.

342 - حَدِيث: تَفَكَّرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَفَكَّرُوا فِي اللَّه، ابن أبي شيبة في العرش من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس به قوله، ورواه الأصبهاني في ترغيبه، ثم أبو نُعيم في الحلية من حديث عبد الجليل بن عطية عن شهر عن عبد اللَّه بن سلام، قال: خرج رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أناس من أصحابه، وهم يتفكرون في خلق اللَّه، فقال لهم: فيما كنتم تفكرون، قالوا: نتفكر في خلق اللَّه قال: لا تتفكروا في اللَّه وتفكروا في خلق اللَّه، فإن ربنا خلق ملكا قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العليا من بين قدميه إلى كعبيه مسيرة ستمائة عام، وما بين كعبه إلى أخمص قدميه مسيرة ستمائة عام، الخالق أعظم من الخلق، ولأبي نُعيم فقط من حديث إسماعيل بن عياش عن الأحوص بن حكيم عن شهر عن ابن عباس أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج على أصحابه، فقال: ما جمعكم؟ فقالوا: اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته، فقال: تفكروا في خلق اللَّه ولا تفكروا في اللَّه، فإنكم لن تقدروا قدره، الحديث، وفيه ذكر إسرافيل، وللطبراني في الأوسط، والبيهقي في الشعب، من حديث ابن عمر مرفوعا: تفكروا في آلاء اللَّه ولا تتفكروا في اللَّه، وأسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكتسب قوة، والمعنى صحيح، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعا: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللَّه الخلق، فمن خلق اللَّه، فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت باللَّه.

343 - حَدِيث: تَقْوَى اللَّه رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ، عزاه الديلمي لأنس مرفوعا: بدون إسناد، وفي المرفوع عن معاذ بن جبل: يا أيها الناس! اتخذوا تقوى اللَّه تجارة، يأتكم الربح بلا بضاعة، ثم قرأ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ، وعن ابن عباس: من سره أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه، وعن أبي هريرة قال: قيل يا رسول اللَّه، من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم للَّه، وأفرد ابن أبي الدنيا في التقوى جزءا، وفيه عن عبد الرحمن بن صالح قال: كتب رجل من العباد إلى أخيه "أوصيك بتقوى اللَّه، فإن في تقوى اللَّه الخير كله، التيسير، والفرج، والرزق الطيب في الدنيا، وفيه النجاة، وحسن الثواب في الآخرة، وفي التنزيل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} ، وللعسكري من حديث الحسن عن سمرة مرفوعا، قال: من اتقى اللَّه عاش قويا، وسار في بلاد عدوه آمنا، وللحاكم، والبيهقي، وأبي يعلى، وإسحاق، وعبد، والطبراني، وأبي نُعيم في الحلية، كلهم من طريق هشام بن زياد أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس مرفوعا: من سره أن يكون أكرم الناس فليتق اللَّه، قال البيهقي في الزهد: تكلموا في هشام بسبب هذا الحديث، وأنه كان يقول: حدثني يحيى عن محمد بن كعب، ثم ادعى أنه سمعه من كعب، ثم أخرجه البيهقي من طريق عبد الجبار بن محمد العطاردي والد أحمد، عن عبد الرحمن الضبي عن القاسم بن عروة عن محمد بن كعب عن ابن عباس يرفع الحديث نحوه، وفي الثعلبي والواحدي والزمخشري في الحجرات من تفاسيرهم بلا سند، عن يزيد بن سخبرة، قال: مر رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سوق المدينة، فرأى غلاما أسود ينادي: من يشتريني على شرط ألا يمنعني من الصلاة الخمس، الحديث في نزول {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّه أَتْقَاكُمْ} .

344 - حَدِيث: تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُزْ يَا مُؤْمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي، الطبراني في الكبير من طريق بشير بن طلحة الحزامي عن خالد بن دريك عن يعلى بن منية رفعه بهذا، وفي سنده منصور بن عمار الواعظ الشهير، قال أبو حاتم: إنه ليس بالقوي، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وأورد له هذا الحديث في كامله، وهو مع ذلك منقطع بين خالد ويعلى، وأرجو أن يكون صحيحا، وهو عند الحكيم الترمذي في السادس عشر من نوادر الأصول، بلفظ: إن النار تقول.

345 - حَدِيث: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، لا أَصْلَ لَهُ فِي الْمَرْفُوعِ، مَعَ وُقُوعِهِ فِي الرَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، حكاه الترمذي في جامعه عنه عقب حديث: حذف السلام سنَّة، فقال ما نصه: وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: التكبير جزم، والتسليم جزم، ومن جهته رواه سعيد بن منصور في سننه، بزيادة: والقراءة جزم، والأذان جزم، وفي لفظ عنه: كانوا يجزمون التكبير، واختلف في لفظه ومعناه، فقال الهروي في الغريبين: عوام الناس يضمون الراء من اللَّه أكبر، وقال أبو العباس المبرد: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، ويحتج بأن الأذان سمع موقوفا، غير معرب في مقاطعه، وكذا قال ابن الأثير في النهاية: معناه أن التكبير والسلام لا يمدان، ولا يعرب التكبير، بل يسكن آخره، وتبعه المحب الطبري، وهو مقتضى كلام الرافعي في الاستدلال به على أن التكبير جزم لا يمد، وعليه مشى الزركشي، وإن كان أصله الرفع بالخبرية، ويمكن الاستشهاد له بما أخرجه الطيالسي في مسنده من طريق ابن عبد الرحمن بن أَبزى، عن أبيه، قال: صليت خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان لا يتم التكبير، لكن قد خالفهم شيخي رحمه اللَّه، فقال: وفيما قالوه نظر، لأن استعمال لفظ الجزم في مقابل الإعراب اصطلاح حادث لأهل العربية، فكيف يحمل عليه الألفاظ النبوية، يعني على تقدير الثبوت، وجزم بأن المراد بحذف السلام وجزم التكبير الإسراع به، وقد أسند الحاكم عن أبي عبد اللَّه البوشنجي أنه سئل عن حذف السلام، فقال: لا يمد، وكذا أسنده الترمذي في جامعه عن ابن المبارك أنه قال: لا يمده مدا، قال الترمذي: وهو الذي استحسنه أهل العلم، وقال الغزالي في الإحياء: ويحذف السلام، ولا يمده مدا، فهو السنة، وكذا قال جماعة من العلماء: إنه يستحب أن يدرج لفظ السلام، ولا يمده مدا، وإنه ليس برفع الصوت، فرفع الصوت غير المد، وقيل: معناه إسراع الإمام به لئلا يسبقه المأموم، وعن بعض المالكية: هو أن لا يكون فيه قوله: ورحمة لله، فهذا ما علمته الآن في معناه، ومما قيل فيه أيضا التحتم بمعنى عدم إجزاء غيره، وأما لفظه فجزم بالجيم والزاي المعجمتين، بل قيده بعضهم بالحاء المهملة، والذال المعجمة ومعناه سريع، فالحذم السرعة، ومنه قول عمر: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم. أي أسرع، حكاه ابن سيد الناس، وكذا السروجي المحدث من الحنفية قال: والحذم في اللسان السرعة، ومنه قيل للأرنب حذمة انتهى، وحديث: حذف السلام سنة، أخرجه أبو داود والترمذي، وابن خزيمة والحاكم في صحيحهما من رواية قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي هريرة، قال: حذف السلام سنة، رفعه أبو داود وابن خزيمة والحاكم مع حكايتهما الوقف أيضا، ووقفه الترمذي، وقال: إنه حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ونقل أبو داود عن الفريابي، قال. نهاني أحمد عن رفعه، وعن عيسى بن يونس الرملي قال: نهاني ابن المبارك عن رفعه، والمعنى أنهما نهيا أن يعزى هذا القول إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا فقول الصحابي: السنة كذا، له حكم المرفوع على الصحيح، على أن البيهقي قال: كأن وقفه تقصير من بعض الرواة، وصحح الدارقطني في العلل في حديث الفريابي وقفه، وأما أبو الحسن ابن القطان فقال: إنه لا يصح مرفوعا ولا موقوفا.

346 - حَدِيثُ: تَلْقِينِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ، الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَمُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلاءِ الْحِمْصِيِّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه الأَوْدِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا أُمَامَةَ، وَهُوَ فِي النَّزْعِ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نَصْنَعَ بِمَوْتَانَا، أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلانُ ابْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْ رَحِمَكَ اللَّه، وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ، فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنْيَا شَهَادَةَ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ باللَّه رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، يَقُولُ: انْطَلِقْ مَا تَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، فَيَكُونُ اللَّه حَجِيجُهُ دُونَهُمَا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّه، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ اسْمُ أُمِّهِ؟ قَالَ: فَلْيَنْسِبْهُ إِلَى حَوَّاءَ، فَلانُ بن حَوَّاءَ، ومن طريق الطبراني أورده الضياء في أحكامه، وكذا رواه إبراهيم الحربي في اتباع الأموات، وأبو بكر غلام الخلال في الشافي من جهة ابن عياش، وابن زبر في وصايا العلماء عند الموت من طريق عبد الوهاب بن نجدة عن ابن عياش، وابن شاهين في ذكر الموت من جهة حماد بن عمرو النصيبي عن عبد اللَّه بن محمد، وآخرون، وضعفه ابن الصلاح، ثم النووي، وابن القيم، والعراقي، وشيخنا في تصانيفه، وآخرون، وقواه الضياء في أحكامه، ثم شيخنا مما له من الشواهد، وعزى الإمام أحمد العمل به لأهل الشام، وابن العربي لأهل المدينة وغيرهما، كقرطبة وغيرها، وأفردت للكلام عليه جزءا.

347 - حَدِيث: تَمَامُ الْمَعْرُوفِ خَيْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهِ، القضاعي في مسنده من حديث صالح بن عبد اللَّه القرشي، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا بلفظ: استتمام، وكذا هو عند الطبراني في الصغير، بلفظ: أفضل بدل خير، وقال: لم يروه عن أبي الزبير إلا صالح، انتهى، وراويه عنه، وهو عبد الرحمن بن قيس الضبي متروك، وعن سلم بن قتيبة رحمه اللَّه، قال: تمام المعروف أشد من ابتدائه، لأن ابتداءه نافلة، وتمامه فريضة، وعن العباس رضي اللَّه عنه قال: لا يتم المعروف إلا بتعجيله، فإنه إذا عجله هناه.

348 - حَدِيث: تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا، أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي السَّبْقِ، وَابْنُ شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ، وَعَنْهُ أَبُو نُعيم فِي الْمَعْرِفَةِ، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَعْقَاعِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ رَفَعَهُ: تَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلَقُوا، وَانْتَضَلُوا، وَامْشُوا حُفَاةً، وهو عند أبي الشيخ فقط من طريق صفوان بن عيسى عن عبد اللَّه بن سعيد المقبري عن أبيه عن عبد اللَّه ابن أبي حدرد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله، وكذا أخرجه أبو نُعيم في المعرفة من جهة صفوان، لكن جعله عن القعقاع كالأول، ورواه أيضا من طريق إسماعيل بن زكريا عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن القعقاع ابن أبي حدرد، وكذا أخرجه البغوي في معجم الصحابة في ترجمة القعقاع، لكنه لم يسمه، إذ ساقه، بل قال: عن ابن أبي حدرد، وأعاده في عبد اللَّه من العبادلة من حديث إسماعيل أيضا، ولم يسمه كذلك، ورواه الطبراني في الكبير أيضا من حديث مندل بن علي عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه عن عبد اللَّه ابن أبي حدرد به، وأبو الشيخ أيضا من طريق سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه هو عبد اللَّه عن جده، عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله، ورواه الرامهرمزي في الأمثال من جهة أبي بكر ابن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن سعيد عن أبيه، عن رجل من أسلم يقال له ابن الأدرع رفعه: تمعددوا، واخشوشنوا، وامشوا حفاة، فهذا ما فيه من اختلاف، ومداره على عبد اللَّه بن سعيد، وهو ضعيف، ولأبي عبيد في الغريب، حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي العدبس الأسدي، عن عمر أنه قال: اخشوشنوا، وتمعددوا واجعلوا الرأس رأسين، ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق أبي عثمان، قال: أتانا كتاب عمر فذكر قصة فيها هذا، وقد بينته في: الرمي بالسهام، وفيه: وإياكم وزي الأعاجم، وقوله: تمعددوا، أي اتبعوا معد بن عدنان في الفصاحة، وقيل: تشبهوا بعيشه من الغلظ والقشف، فكونوا مثله، ودعوا التنعم وزي العجم، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: عليكم باللبسة المعدية، أي بخشونة اللباس، ويقال تمعدد الغلام إذا شبَّ وغلظ، وقال الرامهرمزي: المعنى: اقتدوا بمعد بن عدنان، والبسوا الخشن من الثياب، وامشوا حفاةً، فهو حث على التواضع، ونهي عن الإفراط في الترفه والتنعم، ومن شواهده ما رواه أحمد وأبو نُعيم عن معاذ رفعه: إياك والتنعم، فإن عباد اللَّه ليسوا بالمتنعمين. بل عند الدارقطني في السنن من حديث سليمان بن عيسى السجزي، عن الثوري عن الليث عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا: إذا سارعتم إلى الخيرات فامشوا حفاة.

349 - حَدِيث: تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لا تُصَلِّي، لا أصل له بهذا اللفظ، فقد قال أبو عبد اللَّه ابن منده فيما حكاه عنه ابن دقيق العيد في الإمام: ذكر بعضهم هذا الحديث، ولا يثبت بوجه من الوجوه، وقال البيهقي في المعرفة: هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا، وقد تطلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إسنادا، وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا لفظ يذكره أصحابنا ولا أعرفه، وقال الشيخ أبو إسحاق في المهذب: لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقهاء، وقال النووي في شرحه: باطل لا يعرف، وفي الخلاصة: باطل لا أصل له، وقال المنذري: لم يوجد له إسناد بحال، وأغرب الفخر ابن تيمية في شرح الهداية لأبي الخطاب، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: ذكره عبد الرحمن ابن أبي حاتم البستي في كتاب السنن له كذا قال! وابن حاتم ليس بُستيا، وإنما هورازيُّ، وليس له كتاب يقال له السنن، وفي قريب من معناه، ما اتفقا عليه من حديث أبي سعيد مرفوعا: أليس إذا حاضت لم تصل، ولم تصم فذاك من نقصان دينها، ورواه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: تمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في شهر رمضان، فهذا نقصان دينها، ومن حديث أبي هريرة كذلك، وفي المستدرك من حديث ابن مسعود نحوه، ولفظه: فإن إحداهن تقعد ما شاء اللَّه من يوم وليلة لا تسجد للَّه سجدة، قال شيخنا: هذا، وإن كان قريبا من معناه لكنه لا يعطي المراد منه.

350 - حَدِيث: تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا أُبَاهِي بِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، جاء معناه عن جماعة من الصحابة، فأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم من حديث معقل بن يسار مرفوعا: تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم، ولأحمد وسعيد بن منصور والطبراني في الأوسط والبيهقي وآخرين من حديث حفص بن عمر بن أخي أنس عن عمه أنس قال: كان رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: تزوجوا الوَدود الوَلود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة، وصححه ابن حبان، والحاكم، ولابن ماجه من حديث عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة رفعه: انكحوا فإني مكاثر بكم، وقد جمعت طرقه في جزء.

351 - حَدِيث: تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، وَحَسَبِهَا، وَدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

352 - حَدِيث: تَهَادَوْا تَحَابُّوا، الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ، والحربي في الهدايا، والعسكري في الأمثال، من حديث عبيد اللَّه بن العيزار عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة رضي اللَّه عنها مرفوعا به بزيادة: وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا، وأقيلوا الكرام عثراتهم، وفي لفظ تقدم في أقيلوا: تهادوا تزدادوا حبا، وللطبراني في الأوسط من حديث عمرة ابنة أرطاة، سمعت عائشة تقول: قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا نساء المؤمنين؟ تهادين ولو فرسن شاةٍ، فإنه يثبت المودة، ويذهب الضغائن، وللقضاعي من حديث أبي يوسف الرعيني، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: تهادوا فإن الهدية تذهب بالضغائن، وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد والبخاري في الأدب المفرد والطيالسي والترمذي والنسائي في الكنى والبيهقي في الشعب من طريق ضمام عن موسى بن وردان عنه به، وهو عند ابن عدي في ترجمة ضمام، وفي لفظ الترمذي: تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر، وعن عبد اللَّه بن عمرو أخرجه الحاكم في علوم الحديث من وجه آخر عن ضمام عن أبي قبيل عنه، وعن أم حكيم ابنة وداع عند أبي يعلى والطبراني في الكبير والديلمي في مسنده، مرفوعا بلفظ: تهادوا فإن الهدية تضعف الحب، وتذهب الغوائل، وفي رواية بغوائل الصدر، وفي لفظ: تزيد في القلب حبا، وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس، وله طرق منها عند الطبراني في الأوسط من حديث عائذ بن شريح عنه مرفوعا: يا معشر الأنصار تهادوا فإن الهدية تسل السخيمة، وتورث المودة، فواللَّه لو أهدى إلي كراع، الحديث، وقال: لم يروه عن أنس إلا عائذ وهو عند البزار في مسنده بدون: وتورث المودة، وفي لفظ للحربي: تهادوا، فإن الهدية، قلَّت أو كثرت تورث المودة، وتسل السخيمة، وللديلمي بلا سند عن أنس رفعه: عليكم بالهدايا، فإنها تنشئ المودة، وتذهب بالضغائن، وعن ابن عمر في الترغيب للأصبهاني، وذكره ابن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب، وعن عطاء الخراساني رفعه مرسلا، أخرجه مالك في الموطأ بلفظ: تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا تذهب السخائم، وهو حديث جيد، وقد بينت ذلك مع ما وقفت عليه من معناه في تكملة شرح الترمذي، قال الحاكم: تحابوا إن كان بالتشديد، فمن المحبة، وإن كان بالتخفيف فمن المحاباة، ويشهد للأول رواية تزيد في القلب حبا.

353 - حَدِيثُ: التَّهْنِئَةِ بِالشُّهُورِ وَالأَعْيَادِ، هُوَ مِمَّا اعْتَادَهُ النَّاسُ، مَرْوِيٌّ فِي خُصُوصِ الْعِيدِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ لَقِيَ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: تَقَبَّلَ اللَّه مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، تَقَبَّلَ اللَّه مِنَّا وَمِنْكَ، وأسنده إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن الأشبه فيه الوقف خاصة بما عند البيهقي، وله شواهد عن غير واحد من الصحابة، بينها شيخنا في بعض الأجوبة عن أصل المسألة، بل عند الديلمي عن ابن عباس رفعه: من لقي أخاه عند الانصراف من الجمعة، فليقل تقبل اللَّه منا ومنك، ويروى في جملة حقوق الجار من المرفوع: إن أصابه خير هنأه أو مصيبة عزاه أو مرض عاده، إلى غيره مما هو في معناه، بل أقوى منه ما في الصحيحين من قيام طلحة لكعب رضي اللَّه عنه، وتهنئته بتوبة اللَّه عليه .