هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
343 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ ، يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
343 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أدنى أهل النار عذابا ينتعل بنعلين من نار ، يغلي دماغه من حرارة نعليه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Sa'id al-Khudri reported:

Verily, the Messenger of Allah (ﷺ) said: The least tormented of the inhabitants of the Fire would be he who would wear two shoes of Fire and his brain would boil on account of the heat of the shoes.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أدنى أهل النار عذابا ينتعل بنعلين من النار، يغلي دماغه من حرارة نعليه .


المعنى العام

توفي والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حمل في بطن أمه، فكفله جده عبد المطلب، حتى مات ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الثامنة من عمره، فكفله عمه أبو طالب، وكان فقيرا، كثير العيال، فأنزل محمدا منزلة أعز أبنائه بل كان يصحبه في أسفاره البعيدة، ويترك أولاده، خشية أن يشعر في غيابه بالوحشة ومرارة اليتم، وعلمه التجارة، ثم زوجه خديجة، ولما بعث صلى الله عليه وسلم وقام المشركون يعادونه ويؤذونه وقف أبو طالب يحميه ويدافع عنه، وأرسلت قريش إلى أبي طالب أن يوقف محمدا عن دعوته، أو يخلي بينهم وبينه، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري؛ على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه سانده عمه، وشد من أزره وطمأنه على استمرار حمايته، بقولته الخالدة: اذهب يا ابن أخي فقل ما شئت، وادع من شئت، فوالله لا أخذلك ولا أسلمك إليهم أبدا، ورضي أبو طالب أن تعاديه قريش من أجل محمد صلى الله عليه وسلم وقبل الحصار الاقتصادي والمقاطعة الاجتماعية في شعب بني طالب ثلاث سنين من أجل محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا نقضت صحيفة المقاطعة وخرجوا من الشعب مرض أبو طالب مرضه الأخير، فقالت له قريش مستهزئة ساخرة: أرسل إلى ابن أخيك ليرسل إليك من هذه الجنة التي يذكرها دواء يشفيك، فلم يعبأ أبو طالب بهذا الاستهزاء، وأرسل إلى ابن أخيه يدعوه إلى جواره في لحظاته الأخيرة حبا فيه، وحنانا عليه، وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينطق عمه بالشهادتين، وحرص رأسا الشرك ( أبو جهل وابن أبي أمية) المحيطان به أن يظل على دينه، وكانت الإثارة من الجانبين موجهة قوية إلى أبي طالب، وكانت الخاتمة التي أرادها الله أن يموت على دين عبد المطلب.

وبدافع الوفاء انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه وقلبه يتقطع حسرة عليه، فنزل قوله تعالى { { إنك لا تهدي من أحببت } } [القصص: 56] ونزل { { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } } [التوبة: 113] ومع منع الاستغفار له استجاب الله لنبيه، فخفف العذاب عن عمه، كان عذابه الغمر في النار، بل في الدرك الأسفل من النار، فخفف عنه إلى فراش من نار، جمرتان من نار، يقف عليهما، تحت باطن كل رجل جمرة، يحيط بالرجل من أعلاها سير من نار، يغلي من ذلك دماغه وأم رأسه، كما تغلي القدر بما فيها، يظن أنه أشد أهل النار عذابا وهو أقلهم عذابا.

فاللهم أجرنا من النار، ومن عذاب النار، ومن كل عمل يقربنا إلى النار، واصلح لنا شأننا بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفار، يا حفيظ يا شافي يا كريم، يا باقي، يا رحيم، العفو يا الله.

المباحث العربية

( فإنه كان يحوطك) بفتح الياء وضم الحاء، يقال: حاطه يحوطه حوطا وحياطة إذا صانه، وحفظه، وذب عنه، وتوفر على مصالحه.

( فهو في ضحضاح من نار) الضحضاح ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين فاستعير في النار.

( ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) في الدرك لغتان فصيحتان مشهورتان، فتح الراء وسكونها، وقرئ بهما في القراءات السبع، ومعنى الدرك الأسفل: قعر جهنم، وأقصى أسفلها، قالوا: لجهنم أدراك، فكل طبقة من أطباقها تسمى دركا.

( ووجدته في غمرات من النار) الغمرات بفتح الغين والميم، واحدتها غمرة بإسكان الميم، وهي المعظم من الشيء، وفي القاموس: الغمر الماء الكبير، ومعظم البحر، وغمرة الشيء شدته.

ومعنى وجدته علمت مكانته بوحي ربي.

( فأخرجته إلى ضحضاح) أي فتسببت في إخراجه بشفاعتي، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع.

( ذكر عنده عمه أبو طالب) ببناء الفعل للمجهول، والذاكر العباس بن عبد المطلب، كما جاء مصرحا به في الروايات الأخرى.

( لعله تنفعه شفاعتي) جاء في بعض الروايات ما يفيد وقوع هذا الترجي، ورواياتنا تؤيد وقوعه.

( توضع في أخمص قدميه جمرتان) أخمص بفتح الهمزة وسكون الخاء وفتح الميم، على وزن أحمر؛ وهو ما لا يصل إلى الأرض من باطن القدم عند المشي، وفي رواية على أخمص قدميه جمرتان وفي رواية للبخاري توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه فيحتمل أن الاقتصار فيها على جمرة اعتمد على علم السامع بأن لكل إنسان أخمصين، ففي الكلام مضاف محذوف، أي في كل أخمص من قدميه جمرة.

( من له نعلان وشراكان من نار) الشراك بكسر الشين هو أحد سيور النعل، وهو الذي يكون على وجهها وعلى ظهر القدم.

( كما يغلي المرجل) بكسر الميم وفتح الجيم، قدر معروف، سواء كان من حديد أو نحاس أو حجارة أو خزف، وقيل: هو القدر من النحاس خاصة.
والغليان: شدة اضطراب الماء ونحوه على النار لشدة اتقادها، وفي رواية للبخاري كما يغلي المرجل بالقمقم والقمقم إناء ضيق الرأس، يسخن فيه الماء، فارسي معرب، قد يؤنث، فيقال: قمقمة، قال ابن التين: في هذا التركيب نظر، وقال عياض: الصواب كما يغلي المرجل والقمقم بواو العطف، وجوز غيره أن تكون الباء بمعنى مع، وفي رواية كما يغلي المرجل أو القمقم.

( ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا) جملة وإنه لأهونهم عذابا في محل النصب على الحال من فاعل يرى.

فقه الحديث

ذكرنا في الجزء الأول عند شرح حديث وفاة أبي طالب أن جمهور العلماء والرأي المعتمد أن أبا طالب مات مشركا، وأن آخر كلمة نطق بها: هو على ملة عبد المطلب.

وقلنا: إنه لا يلتفت إلى القول بأنه مات مؤمنا، اعتمادا على ما روي من أن العباس قال: والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرت بها يا ابن أخي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لم أسمعها، على أن العباس قال ذلك قبل أن يسلم، ولو أداها بعد الإسلام لقبلت منه، كما لم يلتفت إلى قول القرطبي: وقد سمعت أن الله تعالى أحيا عمه أبا طالب، فآمن به.

فإن قال القائل: جاء في بعض السير: أن أبا طالب كان مصدقا بقلبه حيث جاء في الحديث، لولا أن تعيرني قريش، يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك، وفي صحة إيمان المصدق بقلبه دون أن ينطق بلسانه خلاف، فهل يدخل إيمان أبي طالب في هذا الخلاف؟ وهل يعد مؤمنا عند من يعتد بذلك؟ أجيب بأنه لم يدخل عند أي من المختلفين لأن محل الخلاف ما لم يعلن نقيض الإيمان، وأبو طالب صرح بالنقيض في قوله: هو على ملة عبد المطلب ومما يؤيد أنه مات كافرا: ما رواه النسائي عن علي -كرم الله وجهه- قال: قلت: يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات.
قال: اذهب فواره.
قلت: إنه مات مشركا: قال اذهب فواره.

ويحاول بعض الروافض أن يثبتوا إسلام أبي طالب بالأحاديث الواهية، قال الحافظ ابن حجر: ولا يثبت من ذلك شيء، والله أعلم.

وقلنا هناك: إن الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم بنى استغفاره لأبي طالب -بعد أن امتنع عن الإقرار بالتوحيد، ومات على ذلك- بناه على اجتهاد منه صلى الله عليه وسلم مقتديا بإبراهيم -عليه السلام- في استغفاره لأبيه، وقد حمل ابن المنير استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي طالب، وقوله: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك حمله على تخفيف العذاب، لا على طلب المغفرة العامة، والمسامحة من ذنب الشرك، وهاجمه الحافظ ابن حجر بشدة، فقال: هذه غفلة شديدة من ابن المنير، لأن الشفاعة لأبي طالب في تخفيف العذاب لم ترد، وطلبها لم ينه عنه، وإنما وقع النهي عن المغفرة العامة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الشفاعة وطلب التخفيف، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره من المشركين.

هذا بعض ما قلناه هناك، مما يتعلق بشرح حديث الباب؛ وقد استشكل ثبوت الشفاعة لأبي طالب بقوله تعالى: { { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } } [المدثر: 48] وأجيب بأنه خص، ولذلك عدوه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: معنى المنفعة في الآية تخالف معنى المنفعة في الحديث لعله تنفعه شفاعتي لأن المراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتخفيف.
وبهذا الجواب جزم القرطبي، وأجاب بجواب آخر، حاصله: أن النفع المنفي في الآية إنما هو بحسب شعور الكافر وإحساسه، ففي روايتنا السابعة ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم عذابا فلما لم يحس المخفف عنه بأثر التخفيف كان كأنه لم ينتفع في نظر نفسه.

وهذان الجوابان معارضان بقوله تعالى: { { ولا يخفف عنهم من عذابها } } [فاطر: 36] فالأولى الرجوع إلى أنه خص.
قال البيهقي: صحت الرواية في شأن أبي طالب، فلا معنى للإنكار من حيث صحة الرواية، ووجهه عندي أن الشفاعة في الكفار إنما امتنعت لوجود الخبر الصادق في أنه لا يشفع فيهم أحد؛ وهو عام في حق كل كافر، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه.
اهـ.
وهو كلام جيد.

وفي الحكمة في جعل عذاب أبي طالب في قدميه يقول السهيلي: إن أبا طالب كان تابعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحمايته، إلا أنه استمر ثابت القدم على دين قومه، فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على دين قومه.
قال الحافظ ابن حجر: كذا قال، ولا يخلو عن نظر.
اهـ.

ويؤخذ من الحديث

1- ثبوت الشفاعة لأبي طالب خاصة من بين الكفار.

2- الاعتراف بالفضل لأهل الفضل، والعمل على رد الجميل.

3- خصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفضله عند ربه وقبول شفاعته.

4- أن عذاب الكفار متفاوت.

5- وأن أقله لا تطيقه الجبال.

أعاذنا الله منه، ورزقنا الحسنى وزيادة، بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.