ذكر المصطفين من عباد الكوفة مجهولي الأسماء

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ذكر المصطفين من عباد الكوفة مجهولي الأسماء 459 عابد أبو سعيد البقال قال: رأيت رجلاً بالكوفة قد استعد للموت منذ ثلاثين سنة قال: ما لي على أحد شئ ولا لأحد عندي شيء، وما أريد أن أكلم أحداً ولا يكلمني أحد من الناس إلا بذكر الله تعالى وكان يأوي الجبان والمقابر.
أيوب بن موسى قال: سمعت شيخاً في المسجد يكنى أبا سهل الترمذي قال: سمعت سفيان الثوري يقول: رأيت شيخاً في مسجد الكوفة يقول: أنا في هذا المسجد منذ ثلاثين سنة أنتظر الموت أن ينزل بي لو أتاني ما أمرته بشيء ولا نهيته عن شيء ولا لي على أحد شيء ولا لأحد عندي شيء.
460 عابدان كوفيان عن الشعبي قال: جاء رجلان إلى شريح فقال أحدهما: اشتريت من هذا داراً فوجدت فيها عشرة آلاف درهم فقال: خذها.
فقال له: إنما اشتريت الدار.
فقال للبائع: فخذها أنت فقال: ولم؟ وقد بعته الدار بما فيها.
فأدار الأمر بينهما فأبيا فأتى زياداً فأخبره فقال: ما كنت أرى أن أحداً هكذا بقي.
وقال لشريح: ادخل بيت المال فألق في كل جراب قبضة حتى تكون للمسلمين.
461 عابد آخر منصور بن عمار قال: خرجت ذات ليلة فظننت أني قد أصبحت فإذا علي ليل، فقعدت عند باب صغير فإذا بصوت شاب يبكي ويقول: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وقد عصيتك حيت عصيتك وما أنا بنكالك جاهل ولا لعقوبتك متعرض، ولا بنظرك مستخف، ولكن سولت لي نفسي وغلبتني شقوتي، وغرني سترك المرخى علي، عصيتك بجهلي وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ وبحبل من أتصل إن قطعت حبلك عني؟ واسوأتاه على ما مضى من أيامي في معصية ربي، يا ويلي كم أتوب وكم أعود، قد حان لي أن أستحيي من ربي عز وجل.
قال منصور: فلما سمعت كلامه قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} التحريم: 6 الآية، فسمعت صوتاً واضطراباً شديداً فمضيت لحاجتي.
فلما أصبحت رجعت وأنا بجنازة على الباب، وعجوز تذهب وتجيء.
فقلت لها: من الميت؟ فقالت: إليك عني لا تجدد علي أحزاني.
فقلت: إني رجل غريب.
فقالت: هذا ولدي مر بنا البارحة رجل لا جزاه الله خيراً فقرأ آية فيها ذكر النار، فلم يزل ولدي يضطرب ويبكي حتى مات، منصور: هكذا والله صفة الخائفين.
462 عابد آخر عبد الله بن عمر الكوفي قال: كان عندنا بالكوفة رجل قد خرج عن دنيا واسعة وتعبد.
قال: وكان الفضيل بالكوفة في أيامه.
قال: فقدم ابن المبارك فقال له الفضيل: إن ها هنا رجلاً من المتعبدين قد خرج عن دنيا فامض بنا إليه ننظر عقله.
قال: فجاءوا إليه وهو عليل وعليه عباء وتحت رأسه قطعة لبنة، قال: فسلم ابن المبارك عليه ثم قال: يا أخي بلغنا أنه ما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله ما هو أكثر منه، فما عوضك؟ قال: الرضا بما أنا فيه.
فقال ابن المبارك: حسبك.
وقاما على ذلك.
463 عابد آخر محمد بن منصور قال: كان بالكوفة رجل متعبد يأكل في يوم نصف رغيف وكان قاعداً لا يضطجع ويضع جبهته على ركبتيه من صلاة إلى صلاة لا يتطوع بشيء غير الفرائض، ولا يتكلم البتة.
فقلت له: لو تطوعت فقال: افهم ما ألقيه إليك، إني لست أعصيه.

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،