بَابُ الْخِلَافِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ الْخِلَافِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ، وَجَمَعَ عَلَيْنَا فِيهَا حُجَجًا مَا جَمَعَهَا عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ غَيْرَهُ إِلَّا فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، وَمَسْأَلَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يُرْوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ شَيْءٌ قَطُّ أَشْهَرُ مِنْهُ ، وَمِنْ حَدِيثِ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ ، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ ، وَلَكِنْ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ ، فَقُلْتُ : مَا نَسَخَهُ ؟ فَقَالَ : حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي بَدَأْتُ بِهِ الَّذِي فِيهِ : إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ أَنْ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ ، فَقُلْتُ لَهُ : وَالنَّاسِخُ إِذَا اخْتَلَفَ الْحَدِيثَانِ الْآخِرُ مِنْهُمَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ لَهُ : أَوَلَسْتَ تَحْفَظُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ بِمَكَّةَ ، قَالَ : فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فِي فِنَاءِ الْكَعْبَةِ ، وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَشَهِدَ بَدْرًا ؟ قَالَ : بَلَى ، فَقُلْتُ لَهُ : فَإِذَا كَانَ مَقْدِمُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ ، ثُمَّ كَانَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ يَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ أَتَى جِذْعًا فِي مُؤَخَّرِ مَسْجِدِهِ ، أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُصَلِّ فِي مَسْجِدِهِ إِلَّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ مِنْ مَكَّةَ ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : فَحَدِيثُ عِمْرَانَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْسَ بِنَاسِخٍ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَلَا أَدْرِي مَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ، قُلْتُ : قَدْ بَدَأْنَا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي لَا يُشْكَلُ عَلَيْكَ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعًا .
قَالَ الرَّبِيعُ : أَنَا شَكَكْتُ ، وَقَدْ أَقَامَ النَّبِيُّ بِالْمَدِينَةِ سِنِينَ سِوَى مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَقْدِمِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَقَبْلَ أَنْ يَصْحَبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ نَاسِخًا لِمَا بَعْدَهُ ، قَالَ : لَا ، قُلْتُ لَهُ : لَوْ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مُخَالِفًا حَدِيثَ عِمْرَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا قُلْتَ ، وَكَانَ عَمْدُ الْكَلَامِ ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ فِي صَلَاةٍ ، كَهُوَ إِذَا تَكَلَّمْتَ وَأَنْتَ تَرَى أَنَّكَ أَكْمَلْتَ الصَّلَاةَ ، أَوْ نَسِيتَ الصَّلَاةَ ، كَانَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْسُوخًا ، وَكَانَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحًا ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِنَاسِخٍ وَلَا مَنْسُوخٍ ، وَلَكِنْ وَجْهُهُ مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الذِّكْرِ ، وَأَنَّ التَّكَلُّمَ فِي الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ هَكَذَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ، وَإِذَا كَانَ النِّسْيَانُ وَالسَّهْوُ ، وَتَكَلَّمَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ مُبَاحٌ بِأَنْ يَرَى أَنْ قَدْ قَضَى الصَّلَاةَ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِيهَا ، لَمْ تَفْسُدِ الصَّلَاةُ ، قَالَ : فَأَنْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ بِبَدْرٍ ؟ قُلْتُ : فَاجْعَلْ هَذَا كَيْفَ شِئْتَ ، أَلَيْسَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ بِالْمَدِينَةِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، وَالْمَدِينَةُ إِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَكَّةَ ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : وَلَيْسَتْ لَكَ إِذَا كَانَ كَمَا أَرَدْتُ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَا وَصَفْتُ ، وَقَدْ كَانَتْ بَدْرٌ بَعْدَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا ، قَالَ : أَفَذُو الْيَدَيْنِ الَّذِي رَوَيْتُمْ عَنْهُ الْمَقْتُولُ بِبَدْرٍ ؟ قُلْتُ : لَا ، عِمْرَانُ يُسَمِّيهِ الْخِرْبَاقَ وَيَقُولُ : قَصِيرُ الْيَدَيْنِ ، أَوْ مَدِيدُ الْيَدَيْنِ ، وَالْمَقْتُولُ بِبَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ ، وَلَوْ كَانَ كِلَاهُمَا ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ اسْمًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ وَافَقَ اسْمًا كَمَا تَتَّفِقُ الْأَسْمَاءُ ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ : فَلَنَا حُجَّةٌ أُخْرَى ، قُلْنَا : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ حَكَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ بَنِي آدَمَ ، فَقُلْتُ : فَهَذَا عَلَيْكَ وَلَا لَكَ ، إِنَّمَا يَرْوِي مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَوَاءً ، وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : هُوَ خِلَافُهُ ، قُلْتُ : فَلَيْسَ ذَلِكَ لَكَ ، وَنُكَلِّمُكَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ قَبْلَ أَمْرِ ذِي الْيَدَيْنِ ، فَهُوَ مَنْسُوخٌ ، وَيَلْزَمُكَ فِي قَوْلِكَ أَنْ يَصْلُحَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَصْلُحُ فِي غَيْرِهَا ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا فِيمَا حَكَيْتُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَمْ يُحْكَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ ، فَهُوَ فِي مِثْلِ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَامِدًا لِلْكَلَامِ فِي حَدِيثِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ حَكَى أَنَّهُ تَكَلَّمَ وَهُوَ جَاهِلٌ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ مُحَرَّمًا فِي الصَّلَاةِ ، قَالَ : هَذَا فِي حَدِيثِهِ كَمَا ذَكَرْتَ ، قُلْتُ : فَهُوَ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْتَهُ ، وَلَيْسَ لَكَ إِنْ كَانَ كَمَا قُلْنَا ، قَالَ : فَمَا تَقُولُ ؟ قُلْتُ أَقُولُ : إِنَّهُ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ غَيْرُ مُخَالِفٍ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ ، فَقَالَ : فَإِنَّكُمْ خَالَفْتُمْ حِينَ فَرَّعْتُمْ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ ، قُلْتُ : فَخَالَفْنَاهُ فِي الْأَصْلِ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ فِي الْفَرْعِ ، قُلْتُ : فَأَنْتَ خَالَفْتَهُ فِي نَصِّهِ ، وَمَنْ خَالَفَ النَّصَّ عِنْدَكَ أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ ضَعُفَ نَظَرُهُ فَأَخْطَأَ التَّفْرِيعَ ، قَالَ : نَعَمْ ، وَكُلٌّ غَيْرُ مَعْذُورٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْتُ لَهُ : فَأَنْتَ خَالَفْتَ أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ ، وَلَمْ نُخَالِفْ نَحْنُ مِنْ أَصْلِهِ ، وَلَا مِنْ فَرْعِهِ ، حَرْفًا وَاحِدًا ، فَعَلَيْكَ مَا عَلَيْكَ فِي خِلَافِهِ ، وَفِيمَا قُلْتَ : مِنْ أَنَّا خَالَفْنَا مِنْهُ مَا لَمْ نُخَالِفْهُ ، قَالَ : فَأَسْأَلُكَ حَتَّى أَعْلَمَ أَخَالَفْتَهُ أَمْ لَا ؟ قُلْتُ : فَسَلْ ، قَالَ : مَا تَقُولُ فِي إِمَامٍ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ صَلَّى مَعَهُ : قَدِ انْصَرَفْتَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ، فَسَأَلَ آخَرِينَ ، فَقَالُوا : صَدَقَ ؟ قُلْتُ : أَمَّا الْمَأْمُومُ الَّذِي أَخْبَرَهُ ، وَالَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهُ صَدَقَ ، وَهُمْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ ، فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ ، قَالَ : فَأَنْتَ تَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى ، وَتَقُولُ قَدْ قَضَى مَعَهُ مَنْ حَضَرَ ، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ ؟ قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالَ : فَقَدْ خَالَفْتَهُ ، قُلْتُ : لَا ، وَلَكِنْ حَالُ إِمَامِنَا مُفَارِقَةٌ حَالَ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : فَأَيْنَ افْتِرَاقُ حَالَيْهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْإِمَامَةِ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ كَانَ يُنْزِلُ فَرَائِضَهُ عَلَى رَسُولِهِ فَرْضًا بَعْدَ فَرْضٍ ، فَيَفْرِضُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ فَرَضَهُ عَلَيْهِ ، وَيُخَفِّفُ عَنْهُ بَعْضَ فَرْضِهِ ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : وَلَا نَشُكُّ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَلَا مُسْلِمٌ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَّا هُوَ يَرَى أَنْ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : فَلَمَّا فَعَلَ لَمْ يَدْرِ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ بِحَادِثٍ مِنَ اللَّهِ أَمْ نَسِيَ النَّبِيُّ ، وَكَانَ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي مَسْأَلَتِهِ إِذْ قَالَ : أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ ؟ قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : وَلَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ مِنْ ذِي الْيَدَيْنِ إِذْ سَأَلَ غَيْرَهُ ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : وَلَمَّا سَأَلَ غَيْرَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ فَيَكُونُ مِثْلَهُ سَأَلَ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ ، وَلَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ رَدًّا عَلَيْهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعِ النَّبِيُّ رَدًّا عَلَيْهِ كَانَ فِي مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ النَّبِيُّ بِقَوْلِهِ ، وَلَمْ يَدْرِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيَ النَّبِيُّ فَأَجَابَهُ ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِمْ جَوَابُهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا أَخْبَرَهُ فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا حَتَّى بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا أَبَدًا ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقُلْتُ : هَذَا فَرْقٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ : هَذَا فَرْقٌ بَيِّنٌ لَا يَرُدُّهُ عَالِمٌ لِبَيَانِهِ وَوُضُوحِهِ ، فَقَالَ : فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ قَالَ : مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّجُلُ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُفْسِدْ صَلَاتَهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ، لَا مَا قَالَ غَيْرُنَا .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَالَ : قَدْ كَلَّمْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ فَمَا احْتَجَّ بِهَذَا ، وَلَقَدْ قَالَ : الْعَمَلُ عَلَى هَذَا ، فَقُلْتُ لَهُ : قَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ، وَلَا حُجَّةَ لَكَ عَلَيْنَا بِقَوْلِ غَيْرِنَا ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : فَدَعْ مَا لَا حُجَّةَ لَكَ فِيهِ ، وَقُلْتُ لَهُ : قَدْ أَخْطَأْتَ فِي خِلَافِكَ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ ثُبُوتِهِ ، وَظَلَمْتَ نَفْسَكَ بِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّا ، وَمَنْ قَالَ بِهِ ، نُحِلُّ الْكَلَامَ وَالْجِمَاعَ وَالْغِنَاءَ فِي الصَّلَاةِ ، وَمَا أَحْلَلْنَا ، وَلَا هُمْ ، مِنْ هَذَا شَيْئًا قَطُّ ، وَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الصَّلَاةَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ زَعَمْتَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَلَامٌ ، وَإِنْ سَلَّمَ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ بَنَى ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ حُجَّةٌ إِلَّا هَذَا كَفَى بِهَا عَلَيْكَ حُجَّةً ، وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى عَيْبِكُمْ خِلَافَ الْحَدِيثِ ، وَكَثْرَةِ خِلَافِكُمْ لَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،