ذِكْرُ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ، فَكَانَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ حَلاَلاَّ ، ثُمَّ قَالَ : { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ، فَكَفَّرَ رَسُولُ اللهِ عَنْ يَمِينِهِ حِينَ آلَى ، ثُمَّ قَالَ : { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} ، يَعْنِي حَفْصَةَ ، { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} ، حِينَ أَخْبَرَتْ عَائِشَةَ ، { وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} ، يَعْنِي حَفْصَةَ لَمَّا أَخْبَرَهُ اللَّهُ { قَالَتْ} ، حَفْصَةُ ، { مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، يَعْنِي حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ ، { وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} ، لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ، { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ} الآيَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْكُنَّ شَهْرًا .
12072 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ : خَرَجَتْ حَفْصَةُ مِنْ بَيْتِهَا فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ إِلَى جَارِيَتِهِ فَجَاءَتْهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ حَفْصَةُ وَهِيَ مَعَهُ فِي بَيْتِهَا فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : اسْكُتِي فَلَكِ اللَّهُ لاَ أَقْرَبُهَا أَبَدًا وَلاَ تَذْكُرِيهِ ، فَذَهَبَتْ حَفْصَةُ فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} . فَالْحَرَامُ هَا هُنَا حَلاَلٌ.
12071 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : آلَى رَسُولُ اللهِ مِنْ أَمَتِهِ وَحَرَّمَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الإِيلاَءِ :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} ، إِلَى قَوْلِهِ : { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} .
12074 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ : انْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إِلَى أَبِيهَا تُحَدِّثُ عِنْدَهُ وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ إِلَى مَارِيَةَ فَظَلَّ مَعَهَا فِي بَيْتِ حَفْصَةَ وَضَاجَعَهَا ، فَرَجَعَتْ حَفْصَةُ مِنْ عِنْدِ أَبِيهَا وَأَبْصَرَتْهُمَا فَغَارَتْ غَيْرَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ أَخْرَجَ سُرِّيَّتَهُ فَدَخَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَتْ : قَدْ رَأَيْتُ مَا كَانَ عِنْدَكَ وَقَدْ وَاللَّهِ سُؤْتَنِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ : فَإِنِّي وَاللَّهِ لأُرْضِيَنَّكِ إِنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكِ سِرًّا فَأَخْفِيهِ لِي ، فَقَالَتْ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : أُشْهِدُكِ أَنَّ سُرِّيَّتِي عَلَيَّ حَرَامٌ . يُرِيدُ بِذَلِكَ رِضَا حَفْصَةَ وَكَانَتْ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ قَدْ تَظَاهَرَتَا عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ ، قَالَ : فَانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ فَحَدَّثَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهَا : أَبْشِرِي فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى رَسُولِهِ وَلِيدَتَهُ فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ أَنْزَلَ اللَّهُ :
12063 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، حَتَّى حَجَّ ، فَحَجَجْتُ مَعَهُ وَعَدَلَ فَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ فَبَرَّزَ ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ فَقَالَ عُمَرُ : وَاعَجَبًا لَكَ يِا ابْنَ عَبَّاسٍ ، هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ يَسُوقُ الْحَدِيثَ ،فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللهِ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ الأَنْصَارِ فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ : وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَيُرَاجِعْنَهُ ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ . فَقُلْتُ : قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَنَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَقُلْتُ : يَا حَفْصَةُ أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللهِ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ ، قَالَتْ : نَعَمْ . قُلْتُ : خِبْتِ وَخَسِرْتِ أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ فَيُهْلِكَكِ ؟ لاَ تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللهِ وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ ، وَلاَ يَغُرَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأُ مِنْكِ وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ يُرِيدُ عَائِشَةَ. قَالَ عُمَرُ : وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تَنَعَّلَ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا ، قَالَ : فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَرَجَعَ إِلَيَّ عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا ، وَقَالَ : أَنَائِمٌ هُوَ ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : قَدْ حَدَّثَ الْيَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هُوَ أَجَاءَتْ غَسَّانُ ؟ ، قَالَ : لاَ بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَطْوَلُ طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ نِسَاءَهُ . فَقُلْتُ : خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ . فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ الْفَجْرَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا ، قَالَ : وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي ، فَقُلْتُ : مَا يُبْكِيكِ أَلَمْ أَكُنْ قَدْ حَدَّثْتُكِ هَذَا ؟ طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ ؟ فَقَالَتْ : لاَ أَدْرِي مَا أَقُولُ هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ ، قَالَ : فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللهِ فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ أَسْوَدَ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، قَالَ : فَدَخَلَ الْغُلاَمُ فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَقَالَ : فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ، قَالَ : ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ ، قَالَ : فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ . فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا إِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِي ، قَالَ : قَدْ أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللهِ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ : يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ ؟ قَالَ : فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَيَّ ، فَقَالَ : لاَ فَقُلْتُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ اسْتِئْنَاسًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ : لَوْ رَأَيْتُنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَتَغَيَّظَتْ عَلَيَّ امْرَأَتِي فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي ، فَأَنْكَرْتُ ذَاكَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : أَتُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللهِ لَيُرَاجِعْنَهُ وَيَهْجُرْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِ اللهِ فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ رَأَيْتُنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ ، فَقُلْتُ لَهَا : لاَ يَغُرَّنَّكِ أنْ كَانَتْ صَاحِبَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ مِنْكِ . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ تَبَسُّمَةً أُخْرَى . قَالَ : فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ ، قَالَ : فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أُهُبٍ ثَلاَثَةٍ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وَسَّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ ، قَالَ : فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ ، وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَالَ : أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا ، قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَغْفِرْ لِي ، قَالَ : فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ قَالَ : مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا ، وَمِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَمَا كُنْتَ أَقْسَمْتَ أَلاَّ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ أَعُدُّهَا لَكَ عَدًّا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً . وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ، قَالَتْ : عَائِشَةُ : ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْيِيرَ فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ مِنْ نِسَائِهِ ، فَقَالَ : إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَلاَّ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ، قَالَ اللَّهُ : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاَّ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} . فَقُلْتُ لَهُ : فَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ ! فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ . ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
12076 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ ، حَدَّثَنِي حَارِثَةُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ قَالَ : دَخَلْتُ مَعَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ الْقَاسِمُ : يَا أُمَّ مُحَمَّدٍ فِي أَيِّ شَيْءٍ هَجَرَ رَسُولُ اللهِ نِسَاءَهُ ؟ ، فَقَالَتْ عَمْرَةُ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ هَدِيَّةٌ فِي بَيْتِهَا فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بِنَصِيبِهَا وَأَرْسَلَ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَلَمْ تَرْضَ ثُمَّ زَادُوهَا مَرَّةً أُخْرَى فَلَمْ تَرَضْ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لَقَدْ أَقْمَأَتْ وَجْهَكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيْكَ الْهَدِيَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : لأَنْتُنَّ أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ أَنْ تُقْمِئْنَنِي لاَ أَدْخُلُ عَلَيْكُنَّ شَهْرًا . قَالَتْ : فَدَخَلَ فِي مَشْرُبَةٍ ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ آخَى رَجُلاَّ مِنَ الأَنْصَارِ لاَ يَسْمَعُ شَيْئًا إِلاَّ أَخْبَرَهُ بِهِ وَلاَ يَسْمَعُ عُمَرُ شَيْئًا إِلاَّ حَدَّثَهُ ، قَالَ : فَلَقِيَهُ عُمَرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ، فَقَالَ : هَلْ كَانَ خَبَرٌ ؟ ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ : نَعَمْ عَظِيمٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَعَلَّ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شِمْرٍ سَارَ إِلَيْنَا ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ : أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ عُمَرُ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ إِلاَّ قَدْ طَلَّقَ نِسَاءَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : رَغِمَ أَنْفُ حَفْصَةَ قَدْ كُنْتُ أَنْهَاهَا أَنْ تُرَاجِعَ رَسُولَ اللهِ بِمَا تُرَاجِعُهُ بِهِ عَائِشَةُ . قَالَتْ : فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الطَّيْرَ ، فَارْتَقَى دَرَجَةً كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ مِنْ خَشَبٍ وَإِذَا عَلَى الْبَابِ غُلاَمٌ حَبَشِيُّ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، أَأَدْخُلُ ؟ قَالَتْ : فَقَالَ الْحَبَشِيُّ : بِرَأْسِهِ إِلَى الْبَيْتِ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى عُمَرَ أَنْ لاَ ، قَالَتْ : فَلَبِثَ سَاعَةً ثُمَّ لَمْ تَقَرَّ نَفْسُهُ فَارْتَقَى مِنَ الدَّرَجَةِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، أَأَدْخُلُ ؟ فَأَدْخَلَ الْحَبَشِيُّ رَأْسَهُ فِي الْبَيْتِ ، ثُمَّ قَالَ : ادْخُلْ ، قَالَ : فَدَخَلَ عُمَرُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ رَاقِدًا تَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ إِلاَّ الْحَصِيرُقَالَتْ : وَأَثَّرَ الْحَصِيرُ فِي جَنْبِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ ذَرِفَتْ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ كِسْرَى وَقَيْصَرُ عَدُوَّا اللهِ يَفْتَرِشَانِ الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ وَأَنْتَ نَبِيُّهُ وَصَفِيُّهُ وَلَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الأَرْضِ إِلاَّ الْحَصِيرُ وَوِسَادَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهْبَةٌ فِيهَا رِيحٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : أُولَئِكَ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ . ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ ؟ قَالَ : لاَ ، فَكَبَّرَ عُمَرُ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللهِ قُلْتُ لِحَفْصَةَ لاَ يَغُرَّنَّكِ حُبُّ رَسُولِ اللهِ عَائِشَةَ وَحُسْنُهَا أَنْ تُرَاجِعِيهِ بِمَا تُرَاجِعُهُ بِهِ عَائِشَةُ . فَلَمَّا ذَكَرَ حُسْنَهَا تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كُنْتَ كَرِهْتَ مِنْ حَفْصَةَ شَيْئًا فَطَلِّقْهَا فَأَنْتَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِي وَأَهْلِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : يَا عُمَرُ لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ أَبَدًا حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي . فَلَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً نَزَلَ رَسُولُ اللهِ مِنْ مَشْرُبَتِهِ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللهِ قُلْتُ كَلِمَةً لَمْ أُلْقِ لَهَا بَالاَّ فَغَضِبْتَ عَلَيَّ ، أَلَيْسَ قُلْتَ شَهْرًا ؟ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ إِنَّمَا الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَطَفَ بِإِبْهَامِهِ فِي الثَّالِثَةِ
12075 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي سُوَيْدٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : خَلاَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِجَارِيَتِهِ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَلَى بَابِهِ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَمْسِكِي عَنِّي ، قَالَتْ : لاَ أَقْبَلُ دُونَ أَنْ تَحْلِفَ لِي ، قَالَ : وَاللَّهِ لاَ أَمَسُّهَا أَبَدًا فَكَانَ الْقَاسِمُ يَرَى قَوْلَهُ حَرَامٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ .
12077 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ مَنَّاحٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ حِينَ لَقِيَهُ الأَنْصَارِيُّ : يَا وَيْحَ حَفْصَةَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ ، قَالَ : لَعَلَّكِ تُرَاجِعِينَ النَّبِيَّ بِمِثْلِ مَا تُرَاجِعُهُ بِهِ عَائِشَةُ إِنَّهُ لَيْسَ لَكِ مِثْلُ حَظْوَةِ عَائِشَةَ وَلاَ حُسْنُ زَيْنَبَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَتُكَلِّمِنَ رَسُولَ اللهِ وَتُرَاجِعْنَهُ فِي شَيْءٍ ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : وَاعَجَبَاهُ وَمَا لَكَ وَلِلدُّخُولِ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللهِ وَنِسَائِهِ أَيْ وَاللَّهِ إِنَّا لَنُكَلِّمَهُ فَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ نَهَانَا كَانَ أَطْوَعَ عِنْدَنَا مِنْكَ ، قَالَ عُمَرُ : فَنَدِمْتُ عَلَى كَلاَمِي لِنِسَاءِ النَّبِيِّ بِمَا قُلْتُ.