بَابٌ خِيَارُ الْبَيِّعَيْنِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3614 وَذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا , قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ , عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , قَدْ كَانَ يَذْهَبُ فِيمَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا , فَهَلَكَ بَعْدَهَا , أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْأَقْوَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ , الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ , وَأَنَّ الْبَيْعَ يَنْتَقِلُ بِتِلْكَ الْأَقْوَالِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إِلَى مِلْكِ الْمُبْتَاعِ , حَتَّى يَهْلِكَ مِنْ مَالِهِ إِنْ هَلَكَ . فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا , أَدَلُّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فِي الْفُرْقَةِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذَكَرُوا . وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا , عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَيْضًا عِنْدَنَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ , أَنَّ رَجُلًا بَاعَ صَاحِبَهُ فَرَسًا , فَبَاتَا فِي مَنْزِلٍ , فَلَمَّا أَصْبَحَا , قَامَ الرَّجُلُ يُسْرِجُ فَرَسَهُ , فَقَالَ لَهُ : بِعْتَنِي ، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ : إِنْ شِئْتُمَا قَضَيْتُ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ , حَتَّى يَتَفَرَّقَا وَمَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا , لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَامَ يُسْرِجُ فَرَسَهُ , فَقَدْ تَنَحَّى بِذَلِكَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ . فَلَمْ يُرَاعِ أَبُو بَرْزَةَ ذَلِكَ , وَقَالَ : مَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا ، أَيْ لَمَّا كُنْتُمَا مُتَشَاجِرَيْنِ أَحَدُكُمَا يَدَّعِي الْبَيْعَ , وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ , لَمْ تَكُونَا تَفَرَّقْتُمَا الْفُرْقَةَ , الَّتِي يَتِمُّ بِهَا الْبَيْعُ , وَهِيَ خِلَافُ مَا قَدْ تَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا . ثُمَّ بَعْدَ هَذَا , فَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِالْقَوْلِ , دُونَ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ . وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ . فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَبَضَهُ , حَلَّ لَهُ بَيْعُهُ , وَقَدْ يَكُونُ قَابِضًا لَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِ بَدَنِهِ وَبَدَنِ بَائِعِهِ . وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْآثَارَ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

3615 حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حدثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، ح وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حدثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ , فَأَبِيعُهُ بِرِبْحِ الْآصُعِ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَلْ , وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ فَكَانَ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا مُكَايَلَةً , فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ , لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ , فَإِذَا ابْتَاعَهُ , فَاكْتَالَهُ وَقَبَضَهُ , ثُمَّ فَارَقَ بَيِّعَهُ , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ , أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ إِلَى إِعَادَةِ الْكَيْلِ وَخُولِفَ بَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ , وَبَيْنَ اكْتِيَالِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا , يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ , فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الِاكْتِيَالُ مِنْهُ , وَهُوَ لَهُ مَالِكٌ . وَإِذَا اكْتَالَهُ اكْتِيَالًا , لَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ , فَقَدْ كَالَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا , وُقُوعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِابْتِيَاعِهِ إِيَّاهُ , قَبْلَ فُرْقَةٍ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ , مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَمْوَالَ تُمْلَكُ بِعُقُودٍ , فِي أَبْدَانٍ , وَفِي أَمْوَالٍ , وَفِي مَنَافِعَ , وَفِي أَبْضَاعٍ . فَكَانَ مَا يُمْلَكُ مِنَ الْأَبْضَاعِ , هُوَ النِّكَاحُ , فَكَانَ ذَلِكَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ , لَا بِفُرْقَةٍ بَعْدَهُ . وَكَانَ مَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَنَافِعُ , هُوَ الْإِجَارَاتِ , فَكَانَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا بِالْعَقْدِ , لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْأَمْوَالُ الْمَمْلُوكَةُ , بِسَائِرِ الْعُقُودِ , مِنَ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهِمَا , تَكُونُ مَمْلُوكَةً بِالْأَقْوَالِ , لَا بِالْفُرْقَةِ بَعْدَهَا قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،