غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطَّائِفَ
1872 ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الطَّائِفَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ. قَالُوا : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ حُنَيْنٍ يُرِيدُ الطَّائِفَ ، وَقَدَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ ، وَقَدْ كَانَتْ ثَقِيفٌ رَمَّوْا حِصْنَهُمْ وَأَدْخَلُوا فِيهِ مَا يُصْلِحُهُمْ لِسَنَةٍ ، فَلَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ أَوْطَاسٍ دَخَلُوا حِصْنَهُمْ وَأَغْلَقُوهُ عَلَيْهِمْ وَتَهَيَّأُوا لِلْقِتَالِ , وَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ وَعَسْكَرَ هُنَاكَ , فَرَمَوُا الْمُسْلِمِينَ بِالنَّبْلِ رَمْيًا شَدِيدًا كَأَنَّهُ رِجْلُ جَرَادٍ ، حَتَّى أُصِيبَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِجِرَاحَةٍ , وَقُتِلَ مِنْهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاَّ فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ , وَرُمِيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَئِذٍ فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ ثُمَّ انْتَقَضَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ مِنْهُ . فَارْتَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِ الطَّائِفِ الْيَوْمَ وَكَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ أُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ فَضَرَبَ لَهُمَا قُبَّتَيْنِ , وَكَانَ يُصَلِّي بَيْنَ الْقُبَّتَيْنِ حِصَارَ الطَّائِفِ كُلَّهُ فَحَاصَرَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَنَصَبَ عَلَيْهِمُ الْمَنْجَنِيقَ وَنَثَرَ الْحَسَكَ سُقْبَيْنِ مِنْ عِيدَانٍ حَوْلَ الْحِصْنِ فَرَمَتْهُمْ ثَقِيفٌ بِالنَّبْلِ فَقُتِلَ مِنْهُمْ رِجَالٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِقَطْعِ أَعْنَابِهِمْ وَتَحْرِيقِهَا فَقَطَعَ الْمُسْلِمُونَ قَطْعًا ذَرِيعًا ثُمَّ سَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَهَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : فَإِنِّي أَدَعُهَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ وَنَادَى مُنَادِيَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : أَيُّمَا عَبْدٍ نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَخَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاَّ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرَةَ نَزَلَ فِي بَكْرَةٍ فَقِيلَ أَبُو بَكْرَةَ , فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم , وَدَفَعَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَمُونُهُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَلَمْ يُؤْذَنْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي فَتْحِ الطَّائِفِ وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيَّ فَقَالَ : مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : ثَعْلَبٌ فِي جُحْرٍ إِنْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ أَخَذْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ فَضَجَّ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا : نَرْحَلُ وَلَمْ يُفْتَحْ عَلَيْنَا الطَّائِفُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا فَأَصَابَتِ الْمُسْلِمِينَ جِرَاحَاتٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَسُرُّوا بِذَلِكَ وَأَذْعَنُوا وَجَعَلُوا يَرْحَلُونَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَضْحَكُ وَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَمَّا ارْتَحَلُوا وَاسْتَقَلُّوا قَالَ : قُولُوا آئِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ وَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللَّهَ عَلَى ثَقِيفٍ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا وَأْتِ بِهِمْ.
1875 أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ بَابٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ يَعْنِي ابْنَ أَرْطَاَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الطَّائِفِ : مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا مِنَ الْعَبِيدِ فَهُوَ حُرٌّ فَخَرَجَ عَبِيدٌ مِنْ عَبِيدِهِمْ ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرَةَ ، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْمُصَدِّقِينَ ، قَالُوا : لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هِلاَلَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ بَعَثَ الْمُصَدِّقِينَ يُصَدِّقُونَ الْعَرَبَ فَبَعَثَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ يُصَدِّقُهُمْ ، وَبَعَثَ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ إِلَى أَسْلَمَ وَغِفَارٍ يُصَدِّقُهُمْ ، وَيُقَالَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ، وَبَعَثَ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ الأَشْهَلَيَّ إِلَى سُلَيْمٍ وَمُزَيْنَةَ. وَبَعَثَ رَافِعَ بْنَ مَكِيثٍ إِلَى جُهَيْنَةَ ، وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ ، وَبَعَثَ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلاَبِيَّ إِلَى بَنِي كِلاَبٍ ، وَبَعَثَ بُسْرَ بْنَ سُفْيَانَ الْكَعْبِيَّ إِلَى بَنِي كَعْبٍ ، وَبَعَثَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةَ الأَزْدِيَّ إِلَى بَنِي ذُبْيَانَ ، وَبَعَثَ رَجُلاَّ مِنْ سَعْدِ هُذَيْمٍ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُصَدِّقِيهِ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَفْوَ مِنْهُمْ ، وَيَتَوَقَّوْا كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ.
1873 أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَشْهَبِ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ الطَّائِفِ قَالَ : فَرُمِيَ رَجُلٌ مِنْ فَوْقِ سُورِهَا فَقُتِلَ ، فَأَتَى عُمَرُ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ادْعُ عَلَى ثَقِيفٍ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ثَقِيفٍ قَالَ : فَكَيْفَ نَقْتُلُ فِي قَوْمٍ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِمْ ؟ قَالَ : فَارْتَحِلُوا ، فَارْتَحَلُوا.