غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْحُدَيْبِيَةُ
1719 ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْحُدَيْبِيَةَ . خَرَجَ لِلْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ مُهَاجَرِهِ . قَالُوا : اسْتَنْفَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَصْحَابَهُ إِلَى الْعُمْرَةِ ، فَأَسْرَعُوا وَتَهَيَّأُوا وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْتَهُ فَاغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ وَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ الْقَصْوَاءَ وَخَرَجَ ، وَذَلِكَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ لِهِلاَلِ ذِي الْقَعْدَةِ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ بِسِلاَحٍ إِلاَّ السُّيُوفِ فِي الْقِرَبِ ، وَسَاقَ بُدْنًا وَسَاقَ أَصْحَابَهُ أَيْضًا بُدْنًا ، فَصَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِالْبُدْنِ الَّتِي سَاقَ فَجُلِّلَتْ ثُمَّ أَشْعَرَهَا فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ وَقَلَّدَهَا وَأَشْعَرَ أَصْحَابَهُ أَيْضًا وَهُنَّ مُوَجَّهَاتٌ إِلَى الْقِبْلَةِ وَهِيَ سَبْعُونَ بَدَنَةً فِيهَا جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ الَّذِي غَنِمَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَأَحْرَمَ وَلَبَّى ، وَقَدَّمَ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ أَمَامَهُ طَلِيعَةً فِي عِشْرِينَ فَرَسًا مِنْ خَيْلِ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَالأَنْصَارِ وَخَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَلْفٌ وَسَتُّمِائَةٍ ، وَيُقَالُ : أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ ، وَيُقَالُ : أَلْفٌ وَخَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاَّ ، وَأَخْرَجَ مَعَهُ زَوْجَتَهُ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَبَلَغَ الْمُشْرِكِينَ خُرُوجُهُ ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى صَدِّهِ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعَسْكَرُوا بَبَلْدَحَ وَقَدِّمُوا مِئَتَيْ فَارِسٍ إِلَى كُرَاعِ الْغَمِيمِ وَعَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيُقَالُ : عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَدَخَلَ بُسْرُ بْنُ سُفْيَانَ الْخُزَاعِيُّ مَكَّةَ فَسَمِعَ كَلاَمَهُمْ وَعَرَفَ رَأْيَهُمْ فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَلَقِيَهُ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ وَرَاءَ عُسْفَانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ .وَدَنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلِهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فَتَقَدَّمَ فِي خَيْلِهِ فَأَقَامَ بِإِزَائِهِ وَصَفَّ أَصْحَابَهُ وَحَانَتْ صَلاَةُ الظُّهْرِ وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْخَوْفِ فَلَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ لأَصْحَابِهِ : تَيَامَنُوا فِي هَذَا الْعَصَلِ فَإِنَّ عُيُونَ قُرَيْشٍ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَبِضَجْنَانَ ، فَسَارَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْحَرَمِ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ فَوَقَعَتْ يَدَا رَاحِلَتِهِ عَلَى حدثنيَّةٍ تَهْبُطُهُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ فَبَرَكَتْ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : حَلْ حَلْ يَزْجُرُونَهَا ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْبَعِثَ ، فَقَالُوا : خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : إِنَّهَا مَا خَلأَتْ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ، أَمَا وَاللَّهِ لاَ يَسْأَلُونِي الْيَوْمَ خُطَّةً فِيهَا تَعْظِيمُ حُرْمَةِ اللهِ إِلاَّ أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ، ثُمَّ زَجَرَهَا فَقَامَتْ فَوَلَّى رَاجِعًا عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ أَثْمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ قَلِيلِ الْمَاءِ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَأَمَرَ بِهِ فَغُرِزَ فِيهَا فَجَاشَتْ لَهُمْ بِالرِّوَاءِ حَتَّى اغْتَرَفُوا بِآنِيَتِهِمْ جُلُوسًا عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ ، وَمُطِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْحُدَيْبِيَةِ مِرَارًا وَكَرَّتِ الْمِيَاهُ . وَجَاءَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ وَرَكْبٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَقَالَ بُدَيْلٌ : جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمِكَ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَدِ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الأَحَابِيشَ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ ، مَعَهُمُ الْعُوذُ وَالْمَطَافِيلُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ لاَ يُخَلُّوَنَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ حَتَّى تَبِيدَ خَضْرَاؤُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لَمْ نَأْتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ ، إِنَّمَا جِئْنَا لِنَطُوفَ بِهَذَا الْبَيْتِ ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ.فَرَجَعَ بُدَيْلٌ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ قُرَيْشًا فَبَعَثُوا عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ فَكَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِنَحْو مِمَّا كَلَّمَ بِهِ بُدَيْلاَّ فَانْصَرَفَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا : نَرُدَّهُ عَنِ الْبَيْتِ فِي عَامِنَا هَذَا وَيَرْجِعُ مِنْ قَابِلٍ فَيَدْخُلَ مَكَّةَ وَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ . ثُمَّ جَاءَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَخْيَفِ فَكَلَّمَهُ بِنَحْو مِمَّا كَلَّمَ بِهِ صَاحِبَيْهِ فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبِرْهُمْ ، فَبَعَثُوا الْحُلَيْسَ بْنَ عَلْقَمَةَ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الأَحَابِيشِ وَكَانَ يَتَأَلَّهُ فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ عَلَيْهِ الْقَلاَئِدُ قَدْ أَكَلَ أَوْبَارَهُ مِنْ طُولِ الْحَبْسِ رَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِعْظَامًا لِمَا رَأَى فَقَالَ لِقُرَيْشٍ : وَاللَّهِ لَتَخْلُنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ أَوْ لأَنْفِرَنَّ بِالأَحَابِيشِ قَالُوا : فَاكْفُفُ عَنَّا حَتَّى نَأْخُذَ لأَنْفُسِنَا مَا نَرْضَى بِهِ . وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى قُرَيْشٍ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيَّ لِيُخْبِرَهُمْ مَا جَاءَ لَهُ ، فَعَقَرُوا بِهِ وَأَرَادُوا قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ مَنْ هُنَاكَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَرْسَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، فَقَالَ : اذْهَبْ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَإِنَّمَا جِئْنَا زُوَّارًا لِهَذَا الْبَيْتِ مُعَظِّمِينَ لِحُرْمَتِهِ ، مَعَنَا الْهَدْي نَنْحَرَهُ وَنَنْصَرِفُ ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ ، فَقَالُوا : لاَ كَانَ هَذَا أَبَدًا وَلاَ يَدْخُلُهَا عَلَيْنَا الْعَامَ . وَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ ، فَذَلِكَ حَيْثُ دَعَا الْمُسْلِمِينَ إِلَى بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَبَايَعَهُمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَبَايَعَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَضَرَبَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَالَ : إِنَّهُ ذَهَبَ فِي حَاجَةِ اللهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ . وَجَعَلْتِ الرُّسُلُ تَخْتَلِفُ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فَأَجْمِعُوا عَلَى الصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَةِ ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فِي عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِمْ فَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبُوا بَيْنَهُمْ : هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَاصْطَلَحَا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشَرَ سِنِينَ يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِسْلاَلَ وَلاَ إِغْلاَلَ وَأَنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً ، وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَعَقْدِهِ فَعَلَ وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَعَقْدِهَا فَعَلَ ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَى مُحَمَّدًا مِنْهُمْ بِغَيْرِ إِذَنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ إِلَيْهِ ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَى قُرَيْشًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهْ وَأَنَّ مُحَمَّدًا يَرْجِعُ عَنَّا عَامَهُ هَذَا بِأَصْحَابِهِ وَيَدْخُلُ عَلَيْنَا قَابِلاَّ فِي أَصْحَابِهِ فَيُقِيمُ بِهَا ثَلاَثًا لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ سِلاَحِ الْمُسَافِرِ ، السُّيُوفُ فِي الْقُرُبِ .شَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَحُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى وَمُكْرِزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَخْيَفِ . وَكَتَبَ عَلِيٌّ صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ فَكَانَ هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَكَانَتْ نُسْخَتُهُ عِنْدَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَخَرَجَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ مَكَّةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ ، فَقَالَ سُهَيْلٌ : هَذَا أَوَّلُ مَنْ أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَقَالَ : يَا أَبَا جَنْدَلٍ قَدْ تَمَّ الصُّلْحُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ فَاصْبِرْ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا ، وَوَثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا : نَحْنُ نَدْخُلُ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَعَقْدِهِ ، وَوَثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالُوا : نَحْنُ نَدْخُلُ مَعَ قُرَيْشٍ فِي عَهْدِهَا وَعَقْدِهَا ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْكِتَابِ انْطَلَقَ سُهَيْلٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم هَدْيَهُ وَحُلِقَ ، حَلَقَهُ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيُّ ، وَنَحَرَ أَصْحَابُهُ وَحَلَقَ عَامَّتُهُمْ وَقَصَّرَ الآخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالَهَا ثَلاَثًا ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ : وَالْمُقَصِّرِينَ ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْحُدَيْبِيَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَيُقَالُ : عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَلَمَّا كَانُوا بِضَجْنَانَ نَزَلَ عَلَيْهِ : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يُهَنِّئُكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَهَنَّأَهُ الْمُسْلِمُونَ.
1721 أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ ، قَالَ : كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَثَلاَثَمِائَةٍ ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمُنَ الْمُهَاجِرِينَ.
1725 أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَتَذَاكَرُوا الشَّجَرَةَ ، فَضَحِكَ ، ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ؛ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَامَ مَعَهُمْ ، وَأَنَّهُ قَدْ شَهِدَهَا ، فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
1724 أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ طَارِقٍ ، قَالَ : انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ فَقُلْتُ : مَا هَذَا الْمَسْجِدُ ؟ قَالُوا : هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ؛ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تَحْتَ الشَّجَرَةِ قَالَ : فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا . قَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ.
1723 وَأَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً ، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً مَا تُرْوِيهَا ، قَالَ : فَعَقَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى جَبَاهَا ، فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَزَقَ ، قَالَ : فَجَاشَتْ ، قَالَ : فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا.
(ح) وَأَخْبَرَنِي سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم تَحْتَ الشَّجَرَةِ يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَبِي رَافِعٌ أَغْصَانَهَا عَنْ رَأْسِهِ.
1726 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْجَصَّاصِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ :
1731 أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ : كَمْ كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ؟ قَالَ : كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَبَايَعْنَاهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهِيَ سَمُرَةٌ ، وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ غَيْرَ جَدِّ بْنِ قَيْسٍ اخْتَبَأَ تَحْتَ إِبِطِ بَعِيرِهِ ، وَسَأَلْتُهُ : كَيْفَ بَايَعُوهُ ؟ قَالَ : بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ ، وَسَأَلْتُهُ : هَلْ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِذِي الْحُلَيْفَةِ ؟ فَقَالَ : لاَ ، وَلَكِنْ صَلَّى بِهَا وَلَمْ يُبَايِعْ عِنْدَ الشَّجَرَةِ إِلاَّ الشَّجَرَةِ الَّتِي بِالْحُدَيْبِيَةِ ، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى بِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَأَنَّهُمْ نَحَرُوا سَبْعِينَ بَدَنَةً بَيْنَ كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْهُمْ بَدَنَةً.
1729 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : شَجَرَةُ الرِّضْوَانِ فَيُصَلُّونَ عِنْدَهَا قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَأَوْعَدَهُمْ فِيهَا وَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ.
1728 أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، أَخْبَرَنَا وُهَيْبٌ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ بِيَدِهِ عَنْ رَأْسَهِ فَبَايَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَنْ لاَ يَفِرُّوا ، قَالَ : قُلْنَا : كَمْ كُنْتُمْ ؟ قَالَ : أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.