غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَمْرَاءُ الأَسَدِ
1649 ثُمَّ غَزْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَمْرَاءُ الأَسَدِ يَوْمَ الأَحَدِ لِثَمَانِي لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ ، قَالُوا : لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ أُحُدٍ مَسَاءَ يَوْمِ السَّبْتِ بَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى بَابِهِ نَاسٌ مِنْ وُجُوهِ الأَنْصَارِ وَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يُدَاوُونَ جِرَاحَاتِهِمْ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الصُّبْحَ يَوْمَ الأَحَدِ أَمَرَ بِلاَلاَّ أَنْ يُنَادِيَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ يَأْمُرُكُمْ بِطَلَبِ عَدُوِّكُمْ وَلاَ يَخْرُجْ مَعَنَا إِلاَّ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ بِالأَمْسِ فَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : إِنَّ أَبِي خَلَّفَنِي يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى أَخَوَاتٍ لِي فَلَمْ أَشْهَدِ الْحَرْبَ فَأْذَنْ لِي أَنْ أَسِيرَ مَعَكَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ أَحَدٌ لَمْ يَشْهَدِ الْقِتَالَ غَيْرَهُ . وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِلِوَائِهِ ، وَهُوَ مَعْقُودٌ لَمْ يُحَلُّ فَدَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَيُقَالُ : إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَخَرَجَ وَهُوَ مَجْرُوحٌ فِي وَجْهِهِ ، وَمَشْجُوجٌ فِي جَبْهَتِهِ ، وَرُبَاعِيَّتُهُ قَدْ شَظِيَتْ ، وَشَفَتُهُ السُّفْلَى قَدْ كُلِمَتْ فِي بَاطِنِهَا ، وَهُوَ مُتَوَهِّنٌ مَنْكِبَهُ الأَيْمَنَ مِنْ ضَرْبَةِ ابْنِ قَمِيئَةَ وَرُكْبَتَاهُ مَجْحُوشَتَانِ ، وَحُشِدَ أَهْلُ الْعَوَالِي وَنَزَلُوا حَيْثُ أَتَاهُمُ الصَّرِيخُ وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَسَهُ ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ فَبَعَثَ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ طَلِيعَةً فِي آثَارِ الْقَوْمِ فَلَحِقَ اثْنَانِ مِنْهُمُ الْقَوْمَ بِحَمْرَاءَ الأَسَدِ وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى عَشْرَةِ أَمْيَالٍ طَرِيقَ الْعَقِيقِ مُتَيَاسِرَةً عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِذَا أَخَذْتَهَا فِي الْوَادِي وَلِلْقَوْمِ زَجَلٌ وَهُمْ يَأْتَمِرُونَ بِالرُّجُوعِ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَبَصُرُوا بِالرَّجُلَيْنِ فَعَطَفُوا عَلَيْهِمَا فَعَلَوْهُمَا وَمَضَوْا وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَصْحَابِهِ حَتَّى عَسْكَرُوا بِحَمْرَاءَ الأَسَدِ ، فَدَفَنَ الرَّجُلَيْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهُمَا الْقَرِينَانِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُوقِدُونَ تِلْكَ اللَّيَالِي خَمْسَمِائَةِ نَارٍ حَتَّى تُرَى مِنَ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ ، وَذَهَبَ صَوْتُ مُعَسْكَرِهِمْ وَنِيرَانِهِمْ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَكَبَتَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ عَدُوَّهُمْ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَخَلَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ غَابَ خَمْسَ لَيَالٍ وَكَانَ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللهِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.