هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
82 حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : العِلْمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
82 حدثنا سعيد بن عفير ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، أن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم ، أتيت بقدح لبن ، فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنَ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : العِلْمَ .

Narrated Ibn `Umar:

Allah's Messenger (ﷺ) said, While I was sleeping, I saw that a cup full of milk was brought to me and I drank my fill till I noticed (the milk) its wetness coming out of my nails. Then I gave the remaining milk to `Umar Ibn Al-Khattab The companions of the Prophet (ﷺ) asked, What have you interpreted (about this dream)? O Allah's Messenger (ﷺ) ,! he replied, (It is religious) knowledge.

0082 Ibn Umar dit : J’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Alors que je dormais on m’apporta en songe un vase de lait. Je bus jusqu’à sentir la satiété dans mes ongles. Puis je donnai le reste à Umar ben al-Katâb. » « Et comment as-tu interprété cela ? ô Messager de Dieu ! » demandèrent les présents. « C’est la science.« 

":"ہم سے سعید بن عفیر نے بیان کیا ، انھوں نے کہا مجھ سے لیث نے ، ان سے عقیل نے ابن شہاب کے واسطے سے نقل کیا ، وہ حمزہ بن عبداللہ بن عمر سے نقل کرتے ہیں کہ حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے فرمایامیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو یہ فرماتے ہوئے سنا ہے کہ میں سو رہا تھا ( اسی حالت میں ) مجھے دودھ کا ایک پیالہ دیا گیا ۔ میں نے ( خوب اچھی طرح ) پی لیا ۔ حتیٰ کہ میں نے دیکھا کہ تازگی میرے ناخنوں سے نکل رہی ہے ۔ پھر میں نے اپنا بچا ہوا ( دودھ ) عمر بن الخطاب کو دے دیا ۔ صحابہ رضی اللہ عنہم نے پوچھا آپ نے اس کی کیا تعبیر لی ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا علم ۔

0082 Ibn Umar dit : J’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Alors que je dormais on m’apporta en songe un vase de lait. Je bus jusqu’à sentir la satiété dans mes ongles. Puis je donnai le reste à Umar ben al-Katâb. » « Et comment as-tu interprété cela ? ô Messager de Dieu ! » demandèrent les présents. « C’est la science.« 

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ فَضْلِ العلْمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الْعلم، وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهر، لِأَن الْمَذْكُور فِي كل مِنْهُمَا الْعلم، وَلَكِن فِي كل وَاحِد بِصفة من الصِّفَات، فَفِي الأول: بَيَان رَفعه، وَفِي هَذَا بَيَان فَضله.
وَلَا يُقَال: إِن هَذَا الْبابُُ مُكَرر لِأَنَّهُ ذكره مرّة فِي أول كتاب الْعلم، لأَنا نقُول: هَذَا الْبابُُ بِعَيْنِه لَيْسَ بِثَابِت فِي أول كتاب الْعلم فِي عَامَّة النّسخ، وَلَئِن سلمنَا وجوده هُنَاكَ فَالْمُرَاد التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلمَاء، وَهَهُنَا التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلم، وَقد حققنا الْكَلَام هُنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: الْفضل هَهُنَا بِمَعْنى: الزِّيَادَة أَي: مَا فضل عَنهُ، وَالْفضل الَّذِي تقدم فِي أول كتاب الْعلم بِمَعْنى: الْفَضِيلَة، فَلَا يظنّ أَنه كَرَّرَه.
قلت: لم يبوب البُخَارِيّ هَذَا الْبابُُ لبَيَان أَن الْفضل بِمَعْنى الزِّيَادَة، وَلم يقْصد بِهِ الْإِشَارَة إِلَى مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، بل قَصده من التَّبْوِيب بَيَان فَضِيلَة الْعلم، وَلَا سِيمَا الْبابُُ من جملَة أَبْوَاب كتاب الْعلم، فَإِن كَانَ الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من قَوْله، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي الحَدِيث: (ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر بن الْخطاب) ، فَإِنَّهُ لَا دخل لَهُ فِي التَّرْجَمَة، فَإِنَّهَا لَيست فِي بَيَان إِعْطَاء النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضله لعمر، رَضِي الله عَنهُ.
وَإِنَّمَا تَرْجَمته فِي بَيَان فضل الْعلم وَشرف قدره، واستنبط البُخَارِيّ بِأَن إعطاءه، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضله لعمر عبارَة عَن الْعلم، وَهُوَ عين الْفَضِيلَة، لِأَنَّهُ جُزْء من النُّبُوَّة، وَمَا فضل عَنهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضِيلَة وَشرف، وَقد فسره: بِالْعلمِ، فَدلَّ على فَضِيلَة الْعلم.



[ قــ :82 ... غــ :82 ]
- حدّثنا سَعيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حدّثني اللَّيْثُ قَالَ: حدّثني عُقَيْلٌ عَن ابْن شِهابٍ عنْ حَمْزَةَ بن عَبْدِ اللَّه بنِ عُمَرَ أنَّ ابنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (بَيْنا أَنا نائِمٌ أتيِتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى أَنِّي لأرى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أظْفارِي، ثُمَّ أعْطَيْتُ فَضْلي عُمَرَ بن الخَطَّابِ) .
قالُوا: فمَا أوَّلْتَهُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (العِلْمَ) ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.

بَيَان رِجَاله: وهم سِتَّة.
الأول: سعيد بن عفير، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَقد مر.
الثَّانِي: لَيْث بن سعد، الإِمَام الْكَبِير الْمصْرِيّ، وَقد تقدم.
الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين وَفتح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره لَام: ابْن خَالِد الْأَيْلِي، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد تقدم.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: حَمْزَة بن عبد اللَّه بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنْهُم، المكنى: بابُُي عمَارَة، بِضَم الْعين؛ الْقرشِي الْمدنِي الْعَدوي التَّابِعِيّ، سمع أَبَاهُ وَعَائِشَة.
قَالَ أَحْمد بن عبد اللَّه: تَابِعِيّ ثِقَة.
.

     وَقَالَ  ابْن سعد: أمه أم ولد، وَهِي أم سَالم وَعبيد اللَّه، وَكَانَ ثِقَة قَلِيل الحَدِيث، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
السَّادِس: عبد اللَّه بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنْهُمَا.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: وَمِنْهَا: أَن فِي إِسْنَاده التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة وَالسَّمَاع، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة: حَدثنِي اللَّيْث حَدثنِي عقيل، وللبخاري فِي التَّعْبِير: أَخْبرنِي، حَمْزَة.
وَمِنْهَا: أَن نصف رُوَاته مصريون ونصفهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن آخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هَهُنَا عَن سعيد بن عفير، وَفِي تَعْبِير الرُّؤْيَا عَن يحيى بن بكير وقتيبة، ثَلَاثَتهمْ عَن لَيْث عَن عقيل.
وَفِيه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الصَّلْت الْكُوفِي، وَفِي فضل عمر، رَضِي الله عَنهُ، عَن عَبْدَانِ، كِلَاهُمَا، عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس، وَفِيه عَن عَليّ بن عبد اللَّه عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن صَالح، ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن حسن الْحلْوانِي وَعبد ابْن حميد كِلَاهُمَا عَن يَعْقُوب بِهِ، وَعَن حَرْمَلَة عَن ابْن وهب عَن يُونُس بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الرُّؤْيَا، وَفِي المناقب عَن قُتَيْبَة بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن غَرِيب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن عبد اللَّه بن سعد عَن عَمه يَعْقُوب بِهِ، وَفِي المناقب عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ بِهِ، وَأَعَادَهُ فِي الْعلم عَن قُتَيْبَة.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (بقدح) ، الْقدح، بِفتْحَتَيْنِ وَاحِد الأقداح الَّتِي هِيَ للشُّرْب فِيهَا، و: الْقدح؛ بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الدَّال: السهْم قبل أَن يراش ويركب نصله، وقدح الميسر أَيْضا، والقدح بِالْكَسْرِ: مَا يقْدَح بِهِ النَّار، والقدح: المغرفة.
والمقديح: المغرف، والقدوح: الذُّبابُُ.
قَوْله: (الرّيّ) ، بِكَسْر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: مصدر، يُقَال: رويت من المَاء، بِالْكَسْرِ، أروي رياً بِالْكَسْرِ، وَحكى الْجَوْهَرِي الْفَتْح أَيْضا.

     وَقَالَ : ريا وريا، وَرُوِيَ أَيْضا مثل: رضى رضى، وارتويت وترويت كُله بِمَعْنى.
.

     وَقَالَ  غَيره: يُقَال: رُوِيَ من المَاء وَالشرَاب، بِكَسْر الْوَاو ويروى بِفَتْحِهَا: رياً، بِالْكَسْرِ فِي الِاسْم والمصدر، قَالَ القَاضِي: وَحكى الدَّاودِيّ الْفَتْح فِي الْمصدر، وَأما فِي الرِّوَايَة فعكسه، تَقول: رويت الحَدِيث أرويه رِوَايَة، بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالْكَسْر فِي الْمُسْتَقْبل، والرواء من المَاء مَا يروي إِذا مددت فتحت الرَّاء، وَإِذا كسرت قصرت.
قلت: الرّيّ: أَصله الروي اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء، وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ، فأبدلت الْيَاء من الْوَاو وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء.
قَوْله: (فِي أظفاري) : جمع ظفر.
.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: الظفر ظفر الْإِنْسَان، وَالْجمع أظفار، وَلَا تَقول: ظفر، بِالْكَسْرِ.
وَإِن كَانَت الْعَامَّة قد أولعت بِهِ، وَتجمع أظفار على أظافير.
قَالَ:.

     وَقَالَ  قوم: بل الأظافير جمع أظفور، وَالظفر والأظفور سَوَاء، وأظفار الْإِبِل مناسمها، وأظفار السبَاع براثنها.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: (بَينا) ، قد مر غير مرّة أَن أَصله: بَين، فاشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا، وَقد تدخل عَلَيْهَا: مَا، فَيُقَال: بَيْنَمَا.
وَقَوله: أَنا، مُبْتَدأ، و: نَائِم، خَبره.
قَوْله: (أتيت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَهُوَ جَوَاب: بَينا، وعامل فِيهِ.
والأصمعي لَا يستفصح إلاَّ طرح إِذْ وَإِذا مِنْهُ، كَمَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (بقدح لبن) كَلَام إضافي يتَعَلَّق بأتيت.
قَوْله: (فَشَرِبت) عطف على: أتيت.
قَوْله: (حَتَّى) إِمَّا ابتدائية وَإِمَّا جَارة، فعلى الأول: أَتَى بِكَسْر الْهمزَة، وعَلى الثَّانِي بِفَتْحِهَا، وياء الْمُتَكَلّم اسْم: إِن، وَخَبره قَوْله: لأري الرّيّ) ، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: اللَّام جَوَاب قسم مَحْذُوف.
قلت: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، لَيْسَ هُنَا قسم صَرِيح وَلَا مُقَدّر، وَلَا يَصح التَّقْدِير، وَإِنَّمَا هَذِه اللَّام هِيَ اللَّام الدَّاخِلَة فِي خبر إِن للتَّأْكِيد، كَمَا فِي قَوْلك: إِن زيدا لقائم.
وَقَوله: اري، إِن كَانَ من الرُّؤْيَة، بِمَعْنى: الْعلم يَقْتَضِي مفعولين، أَحدهمَا هُوَ قَوْله: الرّيّ، وَالْآخر هُوَ قَوْله (يخرج فِي أظفاري) .
وَإِن كَانَ من الرُّؤْيَة، بِمَعْنى: الإبصار، لَا يَقْتَضِي إلاَّ مَفْعُولا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْله: (الرّيّ) .
وَقَوله: (يخرج) حينئذٍ يكون حَالا من: اللَّبن، وَيكون الضَّمِير فِيهِ رَاجعا إِلَيْهِ، وَيجوز أَن يكون حَالا من: الرّيّ، تجوزاً، وَيكون الضَّمِير رَاجعا إِلَيْهِ.
قَوْله: (وَفِي اظفاري) وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: (من أظفاري) ، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي التَّعْبِير: (من أطرافي) ، وَالْكل بِمَعْنى: فِي الْحَقِيقَة، فَإِن قلت: يخرج من أظفاري ظَاهر، فَمَا معنى قَوْله: يخرج فِي أظفاري؟ قلت: يجوز أَن تكون: فِي، هَهُنَا بِمَعْنى: على، أَي: على أظفاري، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} (طه: 71) أَي: عَلَيْهَا، وَيكون بِمَعْنى: يظْهر عَلَيْهَا، وَالظفر إِمَّا منشأ الْخُرُوج أَو ظرفه.
قَوْله: (ثمَّ اعطيت) عطف على قَوْله: (فَشَرِبت) ، وَهِي جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل.
وَقَوله: (فضلي) كَلَام إضافي، مَفْعُوله الأول، وَقَوله: عمر بن الْخطاب، مَفْعُوله الثَّانِي.
قَوْله: (فَمَا أولته) كلمة مَا استفهامية، وأولته جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول، وَهُوَ الضَّمِير الَّذِي يرجع إِلَى شرب اللَّبن الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله: (فَشَرِبت) .
قَوْله: (يَا رَسُول الله) منادى مَنْصُوب.
فَإِن قلت: مَا الْفَاء فِي قَوْله: (فَمَا أولته) ؟ قلت: زَائِدَة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { هَذَا فليذوقوه} (ص: 57) قَوْله: (الْعلم) بِالنّصب وَالرَّفْع رِوَايَتَانِ، أما وَجه النصب فعلى المفعولية، وَالتَّقْدِير: أولته الْعلم.
وَأما وَجه الرّفْع فعلى أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: المؤول بِهِ الْعلم.

بَيَان الْمعَانِي: فِيهِ: حذف الْمَفْعُول من قَوْله: (فَشَرِبت) ، للْعلم بِهِ وَالتَّقْدِير: فَشَرِبت اللَّبن، يَعْنِي: مِنْهُ، لِأَنَّهُ شرب حَتَّى رُوِيَ ثمَّ أعْطى فَضله لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ.
وَفِيه: اسْتِعْمَال الْمُضَارع مَوضِع الماضى، وَهُوَ قَوْله: (يخرج) ، وَكَانَ حَقه أَن يُقَال: خرج، وَلكنه أَرَادَ استحضار صُورَة الرُّؤْيَة للسامعين قصدا إِلَى أَن يبصرهم تِلْكَ الْحَالة وقوعاً وحدوثاً.
قَوْله: (ثمَّ أَعْطَيْت فضلي) أَي: مَا فضل من اللَّبن الَّذِي هُوَ فِي الْقدح الَّذِي شربت مِنْهُ.
قَوْله: (فَمَا أولته) ؟ أَي: فَمَا عبرته؟ والتأويل فِي اللُّغَة: تَفْسِير مَا يؤول إِلَيْهِ الشَّيْء.
وَهَهُنَا المُرَاد بِهِ تَعْبِير الرُّؤْيَا.
وَفِيه: تَأْكِيد الْكَلَام بصوغه جملَة إسمية، وتأكيدها بِأَن وَاللَّام فِي الْخَبَر، وَهُوَ قَوْله: (إِنِّي لأري الرّيّ) .
فَإِن قلت: لم تكن الصَّحَابَة منكرين وَلَا مترددين فِي أخباره، فَمَا فَائِدَة هَذِه التأكيدات؟ قلت: قَوْله: (أرى الرّيّ يخرج فِي أظفاري) أورثهم حيرة فِي خُرُوج اللَّبن من الْأَظْفَار، فأزال تِلْكَ الْحيرَة بِهَذِهِ التأكيدات، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمَا ابرىء نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} (يُوسُف: 53) لِأَن: مَا أبرىء، أَي: مَا أزكي، أورث الْمُخَاطب حيرة فِي أَنه كَيفَ لَا ينزه نَفسه عَن السوء مَعَ كَونهَا مطمئنة زكية، فأزال تِلْكَ الْحيرَة بقوله: { إِن النَّفس لأمارة بالسوء} (يُوسُف: 53) فِي جَمِيع الْأَشْخَاص إلاَّ من عصمه الله.
قَوْله: (الْعلم) ، تَفْسِير اللَّبن بِالْعلمِ لِكَوْنِهِمَا مشتركين فِي كَثْرَة النَّفْع بهما، وَفِي أَنَّهُمَا سَببا الصّلاح، فاللبن غذَاء الْإِنْسَان وَسبب صَلَاحهمْ وَقُوَّة أبدانهم، وَالْعلم سَبَب الصّلاح فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وغذاء الْأَرْوَاح.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: رُؤْيَة اللَّبن فِي النّوم تدل على السّنة والفطرة وَالْعلم وَالْقُرْآن، لِأَنَّهُ أول شَيْء يَنَالهُ الْمَوْلُود من طَعَام الدُّنْيَا، وَبِه تقوم حَيَاته كَمَا تقوم بِالْعلمِ حَيَاة الْقُلُوب، فَهُوَ يُنَاسب الْعلم من هَذِه الْجِهَة، وَقد يدل على الْحَيَاة لِأَنَّهَا كَانَت فِي الصغر، وَقد يدل على الثَّوَاب لِأَنَّهُ من نعيم الْجنَّة، إِذْ روى نهر من اللَّبن، وَقد يدل على المَال والحلال.
قَالَ: وَإِنَّمَا أَوله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعلمِ فِي عمر، رَضِي الله عَنهُ، لصِحَّة فطرته وَدينه، وَالْعلم زِيَادَة فِي الْفطْرَة.
فَإِن قلت: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، حق، فَهَل كَانَ هَذَا الشَّرَاب وَمَا يتَعَلَّق بِهِ وَاقعا حَقِيقَة، أَو هُوَ على سَبِيل التخيل؟ قلت: وَاقع حَقِيقَة وَلَا مَحْذُور فِيهِ إِذْ هُوَ مُمكن، وَالله على كل شَيْء قدير.

بَيَان الْبَيَان: فِيهِ: الِاسْتِعَارَة الْأَصْلِيَّة، وَهِي قَوْله: (إِنِّي لأري الرّيّ) ، لِأَن الرّيّ لَا يرى، وَلكنه شبه بالجسم، وأوقع عَلَيْهِ الْفِعْل ثمَّ أضيف إِلَيْهِ مَا هُوَ من خَواص الْجِسْم، وَهُوَ كَونه مرئيا.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ فَضِيلَة عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَجَوَاز تَعْبِير الرُّؤْيَا، ورعاية الْمُنَاسبَة بَين التَّعْبِير.
وَمَا لَهُ التَّعْبِير.