سِيَاقُ مَا رَوَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ ، وَصِفَتِهِ ، وَأَنَّهُ بُعِثَ وَأُنْزِلَ إِلَيْهِ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1165 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ ، قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ، أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَبِهِمَا حَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى رِسْلِكَ ؛ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَوَ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصُحْبَتِهِ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . قَالَ مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : فَبَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فِدَاهُ أَبِي وَأُمِّي ، إِنْ جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لَأَمْرٌ ، قَالَتْ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ لِأَبِي بَكْرٍ : أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَالصِّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَ رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِالثَّمَنِ قَالَتْ : فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ ، قَالَتْ : فَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى : ذَاتَ النِّطَاقِ ، ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : ثَوْرٌ ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1166 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : ثَوْرٌ ، فَمَكَثَا بِهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِيفٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ مَعَ قُرَيْشٍ كَبَائِتٍ لَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ إِذَا اخْتَلَطَ الظَّلَامُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنْمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى يَذْهَبَ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِهَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ عَامِرٌ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حَلِفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمَّنَاهُ وَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا فَأَوْعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّاحِلِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1167 أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ ، بِالرِّيِّ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ ، قَالَ : حدثنا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزِ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ خُلَيْفِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حِزَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ كَعْبٍ الْخُزَاعِيُّ ، بِقُدَيْدٍ ، وَكَانَ يَسْكُنُ قُرْبَ خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ ح وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، ح وَحَدَّثَنَا بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَلَّافُ بِقُدَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ : ح وَحَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ : حدثنا عَمِّي أَيُّوبُ ، عَنْ حِزَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشٍ ح . وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْفَقِيهُ ، قَالَ : قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ الْحِمْيَرِيِّ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِ مِائَةٍ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ يَسَارٍ الْكَعْبِيُّ الرِّيعِيُّ التَّلِيدِيُّ أَبُو هَاشِمٍ قَالَ : حدثنا عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ النَّبِيَّ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَدَلِيلُهُمُ اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ فَمَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلِدَةً تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْخَيْمَةِ ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي تِلْكَ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ قَالَتْ : شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، فَقَالَ : هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ قَالَتْ : هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا قَالَتْ : نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلِيبًا فَاحْلُبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطُ فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، ثُمَّ شَرِبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَهُمْ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ، ثُمَّ حَلَبَ حَلْبَةً ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّى امْتَلَأَ الْإِنَاءُ ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ، ثُمَّ بَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّ مَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هَزْلًا ضُحًى مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيَالٌ وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ ، مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخَلْقِ لَمْ تَعْبِهُ عِلَّةٌ ، فِي حَدِيثِ الرُّويَانِيِّ : ثَجْلَةٌ ، وَلَمْ يَزْرِ بِهِ صَقْلَةٌ ، وَسِيمٌ ، قَسِيْمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ ، أَزَجُّ ، أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا بِهِ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ ، أَكْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُمْ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْسَنُهُ وَأَعْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ ، فَضْلٌ ، لَا نَزْرَ بِهِ وَلَا هَذْرَ ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ ، رَبْعَةٌ ، لَا يَأْسًا مِنْ طُولٍ ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ الْعَيْنُ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، وَلَهُ رُفَقَاءُ يَحِفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ بَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ ، لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ . قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا . فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ :
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ