هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
543 حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ بُرَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَثَلُ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا ، يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا إِلَى اللَّيْلِ ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا : لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ ، فَقَالَ : أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ العَصْرِ ، قَالُوا : لَكَ مَا عَمِلْنَا ، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
543 حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المسلمين واليهود والنصارى ، كمثل رجل استأجر قوما ، يعملون له عملا إلى الليل ، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا : لا حاجة لنا إلى أجرك ، فاستأجر آخرين ، فقال : أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت ، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر ، قالوا : لك ما عملنا ، فاستأجر قوما ، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس ، واستكملوا أجر الفريقين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَثَلُ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا ، يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا إِلَى اللَّيْلِ ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا : لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ ، فَقَالَ : أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ ، فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ العَصْرِ ، قَالُوا : لَكَ مَا عَمِلْنَا ، فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ .

Narrated Abu Musa:

The Prophet (ﷺ) said, The example of Muslims, Jews and Christians is like the example of a man who employed laborers to work for him from morning till night. They worked till midday and they said, 'We are not in need of your reward.' SO the man employed another batch and said to them, 'Complete the rest of the day and yours will be the wages I had fixed (for the first batch). They worked Up till the time of the `Asr prayer and said, 'Whatever we have done is for you.' He employed another batch. They worked for the rest of the day till sunset, and they received the wages of the two former batches.

":"ہم سے ابوکریب محمد بن علانے بیان کیا ، کہا ہم سے ابواسامہ نے برید بن عبداللہ کے واسطہ سے بیان کیا ، انہوں نے ابوبردہ عامر بن عبداللہ سے ، انہوں نے اپنے باپ ابوموسیٰ اشعری عبداللہ بن قیس رضی اللہ عنہ سے ۔ انہوں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے کہآپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ مسلمانوں اور یہود و نصاری کی مثال ایک ایسے شخص کی سی ہے کہ جس نے کچھ لوگوں سے مزدوری پر رات تک کام کرنے کے لئے کہا ۔ انہوں نے آدھے دن کام کیا ۔ پھر جواب دے دیا کہ ہمیں تمہاری اجرت کی ضرورت نہیں ، ( یہ یہود تھے ) پھر اس شخص نے دوسرے مزدور بلائے اور ان سے کہا کہ دن کا جو حصہ باقی بچ گیا ہے ( یعنی آدھا دن ) اسی کو پورا کر دو ۔ شرط کے مطابق مزدوری تمہیں ملے گی ۔ انہوں نے بھی کام شروع کیا لیکن عصر تک وہ بھی جواب دے بیٹھے ۔ ( یہ نصاریٰ تھے ) پس اس تیسرے گروہ نے ( جو اہل اسلام ہیں ) پہلے دو گروہوں کے کام کی پوری مزدوری لے لی ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [558] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا: لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ فَقَالَ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ.
فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا.
فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ».
[الحديث طرفه في: 2271] .
وبه قال ( حدّثنا أبو كريب) بضم الكاف محمد بن العلاء ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة بضم الهمزة فيهما ( عن بريد) بضم الموحدة آخره دال مهملة ابن عبد الله بن أبي بردة الكوفي ( عن) جدّه ( أبي بردة) عامر ( عن) أبيه ( أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال: ( مثل المسلمين) المثل في الأصل بمعنى النظير ثم استعير لكل حال أو قصة أو صفة لها شأن وفيها غرابة لإرادة زيادة التوضيح والتقرير، فإنه أوقع في القلب وأقمع للخصم الألدّ يريك المتخيل محققًا والمعقول محسوسًا، ولذا أكثر الله تعالى في كتابه الأمثال وفشت في كلام الأنبياء والمعنى هنا مثل المسلمين مع نبيهم ( و) مثل ( اليهود والنصارى) مع أنبيائهم ( كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملاً إلى الليل،) فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم والمثل به الأجزاء مع من استأجرهم ( فعملوا إلى نصف النهار فقالوا لا حاجة لنا إلى أجرك) ، أي لا حاجة لنا في أجرتك التي شرطت لنا وما عملناه باطل ( فاستأجر) قومًا ( آخرين) بفتح الخاء وكسر الراء ( فقال:) لهم ( أكملوا) بهمزة قطع وبالكاف وكسر الميم من الإكمال وللكشميهني اعملوا بهمزة وصل وبالعين بدل الكاف وفتح الميم ( بقية يومكم ولكم الذي شرطت) .
لهؤلاء من الأجر ( فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر) بنصب حين خبر كان أي كان الزمان زمان حين الصلاة أو بالرفع على أن كان تامة ( قالوا: لكما عملنا) باطل وذلك الأجر الذي شرطت لنا لا حاجة لنا فيه فقال أكملوا بقية يومكم فإنه ما بقي من النهار إلا شيء يسير وخذوا أجركم فأبوا عليه، وفي باب الإجارة إلى نصف النار فغضبت اليهود والنصارى أي الكفار منهم ( فاستأجر قومًا) آخريق ( فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين) .
الأولين كله، فهذا مثل المسلمين الذي قبلوا هدى الله وما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ومثل اليهود والنصارى الذين حرّفوا وكفروا بالنبي الذي بعد نبيهم بخلاف الفريقين السابقين في الحديث السابق حيث أعطوا قيراطًا لأنهم ماتوا قبل النسخ ولأنهم من أهل الأعذار لقوله فعجزوا.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول ورواية الرجل عن جده ورواية الابن عن أبيه، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الإجارة.
18 - باب وَقْتِ الْمَغْرِبِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ( باب) بيان ( وقت المغرب.
وقال عطاء:)
هو ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عنه: ( يجمع المريض بين المغرب والعشاء.
)
، وبه قال أحمد وإسحاق مطلقًا وبعض الشافعية، وجوّزه مالك بشرطه، والمشهور عن الشافعي وأصحابه المنع.
قال في الروضة المعروف في المذهب أنه لا يجوز الجمع بالمرض والوحل.
وقال جماعة من أصحابنا: يجوز بالمرض والوحل وممن قاله الخطابي والقاضي الحسين واستحسنه الروياني، ثم قال النووي قلت: القول بجواز الجمع للمرض ظاهر مختار، فقد ثبت في صحيح مسلم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر اهـ.
قال في المهمات: وظاهر الميل إلى الجواز بالمرض، وقد ظفرت بنقله عن الشافعي كذا رأيته في مختصر المزني وهو مختصر لطيف سماه نهاية الاختصار في قول الأستاذ الشافعي فقال: والجمع بين الصلاتين في السفر والمطر والمرض جائز هذه عبارته.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [558] حدثنا أبو كريب: ثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل، فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك، فاستأجر آخرين، فقال: أكملوا بقيةيومكم ولكم الذي شرطت، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا، فاستأجر قوماً فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين) ) .
ظاهر هذه الرواية: يدل على أن كلاً من الفريقين اليهود والنصارى أبطلوا عملهم ولم يسقطوا أجرهم فلم يستحقوا شيئاً، وهذا بخلاف ما في حديث ابن عمر الماضي أنهم أعطوا قيراطاً قيراطاً.
وقد يحمل حديث ابن عمر على من مات قبل نسخ دينه وتبديله، وكان عمله على دين حق، وحديث أبي موسى هذا على من أدركه التبديل والنسخ، فاستمر على عمله، فإنه قد أحبط عمله وأبطل أجره، فلم يستحق شيئاً من الأجر.
فإن قيل: فمن مات قبل التبديل والنسخ مؤمن، له أجره عند الله، كما قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:62] .
قيل: هو كذلك، وإنما لهم أجر واحد على عملهم؛ لأنه شرط لهم ذلك، كما جاء في رواية أخرى صريحة من حديث أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، وهذه الأمة شرط لها على اتمام عمل بقية اليوم أجران.
وقوله: ( ( فاستكملوا أجر الفريقين) ) ؛ لأنه لما بطل عملهما وسقط أجرهما، وعمل المسلمون بقيةَ النهار على قيراطين، فكأنهم أخذوا القيراطين منهما واستحقوا ما كان لهما على عملهما وحازوه دونهما،ولهذا قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لئلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 28، 29] ؛ ولهذا اعترف أهل الكتاب أنهم لم يظلموا من أجرهم شيئاً.
وفي حديث أيوب: ( ( أن اليهود استؤجرت لتعمل إلى الظهر على قيراط، والنصارى إلى العصر على قيراط) ) ، وهذا صحيح؛ فإن كلاً من الطائفتين أشعر بنسخ دينه وتأقيته، وانه يعمل عليه إلى أن يأتي نبي آخر بكتاب آخر مصدق له، وإن لم يذكر لهم ذلك الوقت معيناً.
وقد تنازع أهل الأصول فيمن أمر أن يعمل عملاً إلى وقت غير معين، ثم أمر بترك ذلك العمل، والعمل بغيره: هل هو نسخ في حقه، أم لا؟ مثل قوله تعالى: { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] .
وفي الجملة، فاستحقاق اليهود والنصارى قيراطاً واحداً على عملهم وإحباط أجرهم وإبطاله هو بالنسبة إلى طائفتين منهم، لا إلى طائفة واحدة.
وقد استدل أصحابنا بحديث أبي موسى على أن من استؤجر لعمل في مدة معينة، فعمل بعضه في بعض المدة، ثم ترك العمل في باقي المدة باختياره من غير عذر، أنه قد أسقط حقه من الأجرة، ولا يستحق منها شيئاً.
ومقصود البخاري بهذا الحديث – أيضا -: أن ضرب المثل لعمل المسلمين من وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس يؤخذ منه بقاء وقت صلاة العصر وامتداده إلى غروب الشمس، كما سبق.
18 - باب وقت المغرب وقال عطاء: يجمع المريض بين المغرب والعشاء.
قد سبق الكلام على جمع المريض مستوفى في الكلام على حديث ابن عباس في الجمع لغير عذر.
وخرج في هذا الباب أربعة أحاديث: الحديث الأول: قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :543 ... غــ :558 ]
- حدثنا أبو كريب: ثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل، فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك، فاستأجر آخرين، فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا، فاستأجر قوماً فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين) ) .

ظاهر هذه الرواية: يدل على أن كلاً من الفريقين اليهود والنصارى أبطلوا عملهم ولم يسقطوا أجرهم فلم يستحقوا شيئاً، وهذا بخلاف ما في حديث ابن عمر الماضي أنهم أعطوا قيراطاً قيراطاً.

وقد يحمل حديث ابن عمر على من مات قبل نسخ دينه وتبديله، وكان عمله على دين حق، وحديث أبي موسى هذا على من أدركه التبديل والنسخ، فاستمر على عمله، فإنه قد أحبط عمله وأبطل أجره، فلم يستحق شيئاً من الأجر.

فإن قيل: فمن مات قبل التبديل والنسخ مؤمن، له أجره عند الله، كما قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] .

قيل: هو كذلك، وإنما لهم أجر واحد على عملهم؛ لأنه شرط لهم ذلك، كما جاء في رواية أخرى صريحة من حديث أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، وهذه الأمة شرط لها على اتمام عمل بقية اليوم أجران.

وقوله: ( ( فاستكملوا أجر الفريقين) ) ؛ لأنه لما بطل عملهما وسقط أجرهما، وعمل المسلمون بقيةَ النهار على قيراطين، فكأنهم أخذوا القيراطين منهما واستحقوا ما كان لهما على عملهما وحازوه دونهما، ولهذا قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لئلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 28، 29] ؛ ولهذا اعترف أهل الكتاب أنهم لم يظلموا من أجرهم شيئاً.

وفي حديث أيوب: ( ( أن اليهود استؤجرت لتعمل إلى الظهر على قيراط، والنصارى إلى العصر على قيراط) ) ، وهذا صحيح؛ فإن كلاً من الطائفتين أشعر بنسخ دينه وتأقيته، وانه يعمل عليه إلى أن يأتي نبي آخر بكتاب آخر مصدق له، وإن لم يذكر لهم ذلك الوقت معيناً.

وقد تنازع أهل الأصول فيمن أمر أن يعمل عملاً إلى وقت غير معين، ثم أمر بترك ذلك العمل، والعمل بغيره: هل هو نسخ في حقه، أم لا؟ مثل قوله تعالى: { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] .

وفي الجملة، فاستحقاق اليهود والنصارى قيراطاً واحداً على عملهم وإحباط أجرهم وإبطاله هو بالنسبة إلى طائفتين منهم، لا إلى طائفة واحدة.

وقد استدل أصحابنا بحديث أبي موسى على أن من استؤجر لعمل في مدة معينة، فعمل بعضه في بعض المدة، ثم ترك العمل في باقي المدة باختياره من غير عذر، أنه قد أسقط حقه من الأجرة، ولا يستحق منها شيئاً.
ومقصود البخاري بهذا الحديث – أيضا -: أن ضرب المثل لعمل المسلمين من وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس يؤخذ منه بقاء وقت صلاة العصر وامتداده إلى غروب الشمس، كما سبق.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :543 ... غــ : 558 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا: لاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ فَقَالَ: أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَلَكُمُ الَّذِي شَرَطْتُ.
فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا.
فَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ».
[الحديث 558 - طرفه في: 2271] .

وبه قال ( حدّثنا أبو كريب) بضم الكاف محمد بن العلاء ( قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة بضم الهمزة فيهما ( عن بريد) بضم الموحدة آخره دال مهملة ابن عبد الله بن أبي بردة الكوفي ( عن) جدّه ( أبي بردة) عامر ( عن) أبيه ( أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال:
( مثل المسلمين) المثل في الأصل بمعنى النظير ثم استعير لكل حال أو قصة أو صفة لها شأن وفيها غرابة لإرادة زيادة التوضيح والتقرير، فإنه أوقع في القلب وأقمع للخصم الألدّ يريك المتخيل

محققًا والمعقول محسوسًا، ولذا أكثر الله تعالى في كتابه الأمثال وفشت في كلام الأنبياء والمعنى هنا مثل المسلمين مع نبيهم ( و) مثل ( اليهود والنصارى) مع أنبيائهم ( كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملاً إلى الليل،) فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم والمثل به الأجزاء مع من استأجرهم ( فعملوا إلى نصف النهار فقالوا لا حاجة لنا إلى أجرك) ، أي لا حاجة لنا في أجرتك التي شرطت لنا وما عملناه باطل ( فاستأجر) قومًا ( آخرين) بفتح الخاء وكسر الراء ( فقال:) لهم ( أكملوا) بهمزة قطع وبالكاف وكسر الميم من الإكمال وللكشميهني اعملوا بهمزة وصل وبالعين بدل الكاف وفتح الميم ( بقية يومكم ولكم الذي شرطت) .
لهؤلاء من الأجر ( فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر) بنصب حين خبر كان أي كان الزمان زمان حين الصلاة أو بالرفع على أن كان تامة ( قالوا: لك ما عملنا) باطل وذلك الأجر الذي شرطت لنا لا حاجة لنا فيه فقال أكملوا بقية يومكم فإنه ما بقي من النهار إلا شيء يسير وخذوا أجركم فأبوا عليه، وفي باب الإجارة إلى نصف النار فغضبت اليهود والنصارى أي الكفار منهم ( فاستأجر قومًا) آخريق ( فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين) .

الأولين كله، فهذا مثل المسلمين الذي قبلوا هدى الله وما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام، ومثل اليهود والنصارى الذين حرّفوا وكفروا بالنبي الذي بعد نبيهم بخلاف الفريقين السابقين في الحديث السابق حيث أعطوا قيراطًا لأنهم ماتوا قبل النسخ ولأنهم من أهل الأعذار لقوله فعجزوا.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي وبصري، وفيه التحديث والعنعنة والقول ورواية الرجل عن جده ورواية الابن عن أبيه، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الإجارة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :543 ... غــ :558]
- حدَّثنا أبُو كُرَيْبٍ قَالَ حدَّثنا أبُو أسامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أبِي بُرْدَةَ عَنْ أبي مُوسَى عَنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَثَلُ المُسْلِمِينَ واليَهُودِ والنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْما يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إلَى اللَّيْلِ فَعَمِلُوا إلَى نِصْفِ النَّهَارِ فقالُوا لاَ حَاجَةَ لَنا إلَى أجْرِكَ فاسْتَأْجَرَ آخرِينَ فَقَالَ أكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ ولَكُمْ الَّذِي شَرَطْتُ فَعَمِلُوا حتَّى إذَا كانَ حِينَ صَلاَةِ العَصْرِ قالُوا لَكَ مَا عمِلْنَا فاسْتَأجَرَ قَوْما فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمسُ وَاسْتَكْمَلُوا أجْرَ الفَرِيقَيْنِ ( الحَدِيث 558 طرفه فِي: 2271) .


مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة بطرِيق الْإِشَارَة لَا بالتصريح، بَيَان ذَلِك أَن وَقت الْعَمَل ممتد إِلَى غرُوب الشَّمْس، وَأقرب الْأَعْمَال الْمَشْهُورَة بِهَذَا الْوَقْت صَلَاة الْعَصْر، وَإِنَّمَا قُلْنَا: بطرِيق الْإِشَارَة، لِأَن هَذَا الحَدِيث قصد بِهِ بَيَان الْأَعْمَال لَا بَيَان الْأَوْقَات.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد ابْن أبي أُسَامَة.
الثَّالِث: بريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الله بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْكُوفِي، ويكنى أَبَا بردة.
الرَّابِع: أَبُو بردة، واسْمه: عَامر، وَهُوَ جد بريد الْمَذْكُور.
الْخَامِس: أَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: رِوَايَة الرجل عَن جده، وَرِوَايَة الابْن عَن أَبِيه.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.
وَفِيه: ثَلَاثَة بالكنى.

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْإِجَارَة أَيْضا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( مثل الْمُسلمين) ، الْمثل، بِفَتْح الْمِيم فِي الأَصْل بِمَعْنى: الْمثل، بِكَسْر الْمِيم، وَهُوَ النظير.
يُقَال: مثل وَمثل ومثيل: كشبه وَشبه وشبيه، ثمَّ قيل لِلْقَوْلِ السائر الممثل مضربه بمورده مثل، وَلم يضْربُوا مثلا إلاَّ لقَوْل فِيهِ غرابة، وَهَذَا تَشْبِيه الْمركب بالمركب، فالمشبه والمشبه بِهِ هما المجموعان الحاصلان من الطَّرفَيْنِ، وإلاَّ كَانَ الْقيَاس أَن يُقَال كَمثل: أَقوام استأجرهم رجل.
وَدخُول: كَاف، التَّشْبِيه على الْمُشبه بِهِ، فِي تَشْبِيه الْمُفْرد بالمفرد، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِك.
قَوْله: ( لَا حَاجَة لنا إِلَى أجرك) ، الْخطاب إِنَّمَا هُوَ للْمُسْتَأْجر، وَالْمرَاد مِنْهُ لَازم هَذَا القَوْل، وَهُوَ ترك الْعَمَل.
قَوْله: ( فَقَالَ أكملوا) ، من الْإِكْمَال بِهَمْزَة الْقطع، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْإِجَارَة، وَوَقع هُنَا فِي رِوَايَة الْكشميهني: ( اعْمَلُوا) ، بِهَمْزَة الْوَصْل من الْعَمَل.
قَوْله: ( حِين) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ خبر: كَانَ، أَي: كَانَ الزَّمَان زمَان الصَّلَاة، وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا بِأَنَّهُ اسْم: كَانَ، وَتَكون تَامَّة.
وَحَاصِل الْمَعْنى من قَوْله: ( وَقَالُوا لَا حَاجَة لنا فِي أجرك) إِلَى آخِره لَا حَاجَة لنا فِي أجرتك الَّتِي شرطت لنا، وَمَا عَملنَا بَاطِل، فَقَالَ لَهُم: لَا تَفعلُوا، اعْمَلُوا بَقِيَّة يومكم وخذوا أجرتكم كَامِلا، فَأَبَوا وَتركُوا ذَلِك كُله عَلَيْهِ، فاستأجر قوما آخَرين، فَقَالَ لَهُم: إعملوا بَقِيَّة يومكم وَلكم الَّذِي شرطت لهَؤُلَاء من الْأجر، فعملوا حَتَّى حَان الْعَصْر، قَالُوا: لَك مَا عَملنَا بَاطِل ذَلِك الْأجر الَّذِي جعلت لنا، لَا حَاجَة لنا فِيهِ، فَقَالَ لَهُم: اكملوا بَقِيَّة عَمَلكُمْ، فَإِنَّمَا بَقِي من النَّهَار شَيْء يسير وخذوا أجركُم، فَأَبَوا عَلَيْهِ، فاستأجر قوما آخَرين فعملوا بَقِيَّة يومهم حَتَّى إِذا غَابَتْ الشَّمْس واستكملوا أجر الْفَرِيقَيْنِ كُله، ذَلِك مثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى تركُوا مَا أَمرهم الله تَعَالَى، وَمثل الْمُسلمين الَّذين قبلوا هدى الله، وَمَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْمَقْصُود من هَذَا الحَدِيث ضرب الْمثل للنَّاس الَّذين شرع لَهُم دين مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، ليعملوا الدَّهْر كُله بِمَا يَأْمُرهُم بِهِ وينهاهم إِلَى أَن بعث الله عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَأَمرهمْ باتباعه فَأَبَوا وتبرأوا مِمَّا جَاءَ بِهِ، وَعمل آخَرُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، فَأَمرهمْ على أَن يعملوا بِمَا يؤمرون بِهِ بَاقِي الدَّهْر، فعملوا حَتَّى بعث سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُمْ إِلَى الْعَمَل بِمَا جَاءَ بِهِ، فَأَبَوا وعصوا، فجَاء الله تَعَالَى بِالْمُسْلِمين فعملوا بِمَا جَاءَ بِهِ، واستكملوا إِلَى قيام السَّاعَة، فَلهم أجر من عمل الدَّهْر، كُله بِعبَادة الله تَعَالَى، كإتمام النَّهَار الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كُله أول طبقَة.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: قدر لَهُم مُدَّة أَعمال الْيَهُود، وَلَهُم أجرهم إِلَى أَن نسخ الله تَعَالَى شريعتهم بِعِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام..
     وَقَالَ  عِنْد مبعث عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام: من يعْمل إِلَى مُدَّة هَذَا الشَّرْع وَله أجر قِيرَاط؟ فَعمِلت النَّصَارَى إِلَى أَن نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قَالَ، متفضلاً على الْمُسلمين: من يعْمل بَقِيَّة النَّهَار إِلَى اللَّيْل وَله قيراطان؟ فَقَالَ الْمُسلمُونَ: نَحن نعمل إِلَى انْقِطَاع الدَّهْر، فَمن عمل من الْيَهُود إِلَى أَن آمن بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَعمل بِشَرِيعَتِهِ لَهُ أجره مرَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى إِذا آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث، ( و: رجل آمن بِنَبِيِّهِ وآمن بِي، يُؤْتى أجره مرَّتَيْنِ) .
فَإِن قلت: حَدِيث أبي مُوسَى دلّ على أَن الْفَرِيقَيْنِ لم يأخذا شَيْئا، وَحَدِيث ابْن عمر دلّ على أَن كلا مِنْهُمَا أَخذ قيراطا.
قلت: ذَلِك فِيمَن مَاتُوا مِنْهُم قبل النّسخ، وَهَذَا فِيمَن حرف أَو كفر بِالنَّبِيِّ الَّذِي بعث بعد نبيه،.

     وَقَالَ  ابْن رشد مَا محصله: إِن حَدِيث ابْن عمر ذكر مِثَالا لأهل الْأَعْذَار لقَوْله: فعجزوا، فَأَشَارَ إِلَى أَن من عجز عَن اسْتِيفَاء الْعَمَل من غير أَن يكون لَهُ صَنِيع فِي ذَلِك الْأجر يحصل لَهُ تَاما فضلا من الله تَعَالَى، وَذكر حَدِيث أبي مُوسَى مِثَالا لمن أخر من غير عذر، وَإِلَى ذَلِك إِشَارَة بقوله عَنْهُم: لَا حَاجَة لنا إِلَى أجرك، فَأَشَارَ بذلك إِلَى أَن من أخر عَامِدًا لَا يحصل لَهُ مَا حصل لأهل الْأَعْذَار..
     وَقَالَ  الْخطابِيّ: دلّ حَدِيث ابْن عمر ان مبلغ أُجْرَة الْيَهُود لعمل النَّهَار كُله قيراطان، وَأُجْرَة النَّصَارَى لِلنِّصْفِ الْبَاقِي من النَّهَار إِلَى اللَّيْل قيراطان.
وَلَو تمموا الْعَمَل إِلَى آخر النَّهَار لاستحقوا تَمام الْأُجْرَة، وَهُوَ: قِيرَاط، ثمَّ إِن الْمُسلمين لما استوفوا أُجْرَة الْفَرِيقَيْنِ مَعًا حاسدوهم، وَقَالُوا: ... .
الخ يَعْنِي قَوْلهم: إِي رَبنَا أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين ... الخ.
وَلَو لم تكن صُورَة الْأَمر على هَذَا لم يَصح هَذَا الْكَلَام.
وَفِي طَرِيق أبي مُوسَى زِيَادَة بَيَان لَهُ، وَقَوْلهمْ: لَا حَاجَة لنا، إِشَارَة إِلَى أَن تحريفهم الْكتب وتبديلهم الشَّرَائِع وَانْقِطَاع الطَّرِيق بهم عَن بُلُوغ الْغَايَة، فحرموا تَمام الْأُجْرَة لجنايتهم على أنفسهم حِين امْتَنعُوا من تَمام الْعَمَل الَّذِي ضمنوه.