هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
514 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا ، مَا تَقُولُ : ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا : لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا ، قَالَ : فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
514 حدثنا إبراهيم بن حمزة ، قال : حدثني ابن أبي حازم ، والدراوردي ، عن يزيد يعني ابن عبد الله بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ، ما تقول : ذلك يبقي من درنه قالوا : لا يبقي من درنه شيئا ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله به الخطايا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا ، مَا تَقُولُ : ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا : لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا ، قَالَ : فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا .

Narrated Abu Huraira:

I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, If there was a river at the door of anyone of you and he took a bath in it five times a day would you notice any dirt on him? They said, Not a trace of dirt would be left. The Prophet (ﷺ) added, That is the example of the five prayers with which Allah blots out (annuls) evil deeds.

":"ہم سے ابراہیم بن حمزہ نے بیان کیا ، کہا ہم سے عبدالعزیز بن ابی حازم اور عبدالعزیز بن محمد در اوردی نے یزید بن عبداللہ کی روایت سے ، انھوں نے محمد بن ابراہیم تیمی سے ، انھوں نے ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن بن عوف رضی اللہ عنہ سے ، انھوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے کہ انھوں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سناآپ صلی اللہ علیہ وسلم فرماتے تھے کہ اگر کسی شخص کے دروازے پر نہر جاری ہو اور وہ روزانہ اس میں پانچ پانچ دفعہ نہائے تو تمہارا کیا گمان ہے ۔ کیا اس کے بدن پر کچھ بھی میل باقی رہ سکتا ہے ؟ صحابہ نے عرض کی کہ نہیں یا رسول اللہ ! ہرگز نہیں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ یہی حال پانچوں وقت کی نمازوں کا ہے کہ اللہ پاک ان کے ذریعہ سے گناہوں کو مٹا دیتا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [528] قَوْله بن أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُمَا مَدَنِيَّانِ وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَيِ بن أَبِي أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيِّ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَبَكْرِ بْنِ مُضَرَ كِلَاهُمَا عَنْهُ نَعَمْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ لَكِنَّهُ شَاذٌّ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْمَشِ إِنَّمَا رَوَوْهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ أَيْضًا فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ عَلَى نَسَقٍ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتُمْ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالِاسْتِخْبَارِ أَيْ أَخْبِرُونِي هَلْ يَبْقَى .

     قَوْلُهُ  لَوْ أَنَّ نَهْرًا قَالَ الطِّيبِيُّ لَفْظُ لَوْ يَقْتَضِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ يُجَابَ لَكِنَّهُ وَضَعَ الِاسْتِفْهَامَ مَوْضِعَهُ تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا وَالتَّقْدِيرُ لَوْ ثَبَتَ نَهْرٌ صِفَتُهُ كَذَا لَمَا بَقِيَ كَذَا وَالنَّهْرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مَا بَيْنَ جَنْبَيِ الْوَادِي سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسِعَتِهِ وَكَذَلِكَ سُمِّيَ النَّهَارُ لِسِعَةِ ضَوْئِهِ .

     قَوْلُهُ  مَا تَقُولُ كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بِإِفْرَادِ الْمُخَاطَبِ وَالْمَعْنَى مَا تَقُولُ يَا أَيُّهَا السَّامِعُ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْجَوْزَقِيِّ مَا تَقُولُونَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى الِاغْتِسَالِ قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى إِجْرَاءِ فِعْلِ الْقَوْلِ مَجْرَى فِعْلِ الظَّنِّ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعًا مُسْنَدًا إِلَى الْمُخَاطَبِ مُتَّصِلًا بِاسْتِفْهَامٍ .

     قَوْلُهُ  يُبْقِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  مِنْ دَرَنِهِ زَادَ مُسْلِمٌ شَيْئًا وَالدَّرَنُ الْوَسَخُ وَقَدْ يُطْلَقُ الدَّرَنُ عَلَى الْحَبِّ الصِّغَارِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَادِ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَالُوا لَا يُبْقِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْضًا وَشَيْئًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَلِمُسْلِمٍ لَا يَبْقَى بِفَتْحِ أولة وشئ بِالرَّفْعِ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَذَلِكَ جَوَابُ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ فَهُوَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ إِلَخْ وَفَائِدَةُ التَّمْثِيلِ التَّأْكِيدُ وَجَعْلُ الْمَعْقُولِ كَالْمَحْسُوسِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا فِي الْجَواب على لَا بل أعادوا اللَّفْظ تَأْكِيدًا.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ وَجْهُ التَّمْثِيلِ أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ تُطَهِّرُ الْعَبْدَ عَنْ أَقْذَارِالذُّنُوبِ حَتَّى لَا تُبْقِي لَهُ ذَنْبًا إِلَّا أَسْقَطَتْهُ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَايَا فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَكِن قَالَ بن بَطَّالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ الصَّغَائِرُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْخَطَايَا بِالدَّرَنِ وَالدَّرَنُ صَغِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مِنَ الْقُرُوحِ وَالْخُرَاجَاتِ انْتَهَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَنِ فِي الْحَدِيثِ الْحَبُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَسَخُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ الِاغْتِسَالُ وَالتَّنَظُّفُ وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ مُعْتَمَلٌ وَبَيْنَ مُنْزِلِهِ وَمُعْتَمَلِهِ خَمْسَةُ أَنْهَارٍ فَإِذَا انْطَلَقَ إِلَى مُعْتَمَلِهِ عَمِلَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَصَابَهُ وَسَخٌ أَوْ عَرَقٍ فَكُلَّمَا مَرَّ بِنَهْرٍ اغْتَسَلَ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَلِهَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تَسْتَقِلُّ بِتَكْفِيرِ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ قَبْلَهُ حَدِيثَ الْعَلَاءِ عَنْ أبيَّة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فَعَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ يُحْمَلُ مَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِهِ فَائِدَةٌ قَالَ بن بَزِيزَةَ فِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ يَتَوَجَّهُ عَلَى حَدِيثِ الْعَلَاءِ إِشْكَالٌ يَصْعُبُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مُكَفَّرَةٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ انْتَهَى وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ أَن تجتنبوا أَيْ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ وَمَعْنَاهُ الْمُوَافَاةُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ وَقْتِ الْإِيمَانِ أَوِ التَّكْلِيفِ إِلَى الْمَوْتِ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهَا أَيْ فِي يَوْمِهَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَعَلَى هَذَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ انْتَهَى وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ السُّؤَالِ فَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ بِحَمْدِ اللَّهِ سَهْلٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إِلَّا بِفِعْلِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا لَمْ يَعُدْ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ لِأَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ فَوَقَفَ التَّكْفِيرُ عَلَى فِعْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ فَصَّلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ فَقَالَ تَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةٍ أَحَدِهَا أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ فَهَذَا يُعَاوَضُ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ ثَانِيهَا يَأْتِي بِصَغَائِرَ بِلَا إِصْرَارٍ فَهَذَا تُكَفَّرُ عَنْهُ جَزْمًا ثَالِثِهَا مِثْلُهُ لَكِنْ مَعَ الْإِصْرَارِ فَلَا تُكَفَّرُ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ كَبِيرَةٌ رَابِعِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَغَائِرَ خَامِسِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِكَبَائِرَ وَصَغَائِرَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ إِذَا لَمْ يَجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ أَنْ لَا تُكَفِّرَ الْكَبَائِرَ بَلْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُكَفِّرَ شَيْئًا أَصْلًا وَالثَّانِي أَرْجَحُ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَتُهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ فَهُنَا لَا تُكَفِّرُ شَيْئًا إِمَّا لِاخْتِلَاطِ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ أَوْ لِتَمَحُّضِ الْكَبَائِرِ أَوْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَةُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مُقْتَضَى تَجَنُّبِ الْكَبَائِرِ أَنَّ هُنَاكَ كَبَائِرَ وَمُقْتَضَى مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ أَنْ لَا كَبَائِرَ فَيُصَانُ الْحَدِيثُ عَنْهُ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ مَا تَقُولُ إِلَّا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَصْلًا وَهُوَ عِنْدُ بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ لَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ كَانَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ وَعَلَى لَفْظِهِ اقْتَصَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ وَكَذَا الْحُمَيْدِيُّ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ بِلَفْظِ مَا تَقُولُونَ أَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَصْلَ الْحَدِيثِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَصْلًا وَلَا بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنَ الْبُخَارِيِّ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ آخِرَ الْحُرُوفِ مَنْ يَقُولُ فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّهُ لَامِرْطٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ وَفِيهَا جَوَازُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُخْشَ فِتْنَةٌ عَلَيْهِنَّ أَوْ بِهِنَّ .

     قَوْلُهُ  مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ هُوَ بَقَايَا ظَلَامِ اللَّيْلِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أنساءهن أَمْ رِجَالٌ وَقِيلَ مَا يُعْرَفُ أَعْيَانُهُنَّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُتَلَفِّعَةَمِرْطٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ وَفِيهَا جَوَازُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُخْشَ فِتْنَةٌ عَلَيْهِنَّ أَوْ بِهِنَّ .

     قَوْلُهُ  مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ هُوَ بَقَايَا ظَلَامِ اللَّيْلِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أنساءهن أَمْ رِجَالٌ وَقِيلَ مَا يُعْرَفُ أَعْيَانُهُنَّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُتَلَفِّعَةَمِرْطٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ وَفِيهَا جَوَازُ حُضُورِ النِّسَاءِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُخْشَ فِتْنَةٌ عَلَيْهِنَّ أَوْ بِهِنَّ .

     قَوْلُهُ  مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ هُوَ بَقَايَا ظَلَامِ اللَّيْلِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أنساءهن أَمْ رِجَالٌ وَقِيلَ مَا يُعْرَفُ أَعْيَانُهُنَّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُتَلَفِّعَةَيَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا ذكره بن مَالِكٍ مِمَّا قَدَّمْتُهُ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ بَلْ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ فِي ذَلِك وَالشّرط الَّذِي ذكره بن مَالِكٍ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّحَاةِ إِنَّمَا هُوَ لِإِجْرَاءِ فِعْلِ الْقَوْلِ مَجْرَى فِعْلِ الظَّنِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

.
وَأَمَّا إِذَا تُرِكَ الْقَوْلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ فِي تَضْيِيعِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا)
ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ والْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَقَطت للباقين قَوْله مهْدي هُوَ بن مَيْمُون وغيلان هُوَ بن جَرِيرٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ قَوْله قِيلَ الصَّلَاةُ أَيْ قِيلِ لَهُ الصَّلَاةُ هِيَ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا السَّلْبُ الْعَامُّ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ غَيَّرُوهَا أَيْضًا بِأَنْ أَخْرَجُوهَا عَنِ الْوَقْتِ وَهَذَا الَّذِي قَالَ لِأَنَسٍ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ أَبُو رَافِعٍ بَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَوْحٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ يَا أَبَا حَمْزَةَ وَلَا الصَّلَاةُ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا صنع الْحجَّاج فِي الصَّلَاة قولة صَنَعْتُم بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنُّونِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلكُشْمِيهَنِيِّ بِالْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ أَوْضَحُ فِي مُطَابَقَةِ التَّرْجَمَةِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلُ مَا ذكرته آنِفا من رِوَايَة عُثْمَان بن سعد وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  فِي آخِره أولم يصنعوا فِي الصَّلَاة مَا قد علمْتُم وروى بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ سَبَبَ قَوْلِ أَنَسٍ هَذَا الْقَوْلِ فَأَخْرَجَ فِي تَرْجَمَةِ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعُرْيَانِ الْحَارِثِيِّ سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ قَالَ كُنَّا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخَّرَ الْحَجَّاجُ الصَّلَاةَ فَقَامَ أَنَسٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَهُ فَنَهَاهُ إِخْوَانُهُ شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْهُ فَخَرَجَ فَرَكِبَ دَابَّتَهُ فَقَالَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ فَالصَّلَاةُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ قَدْ جَعَلْتُمُ الظُّهْرَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ أَفَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ بن أَبِي عُمَرَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ مُخْتَصَرًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [528] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا.
قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا».
وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة الزبيري المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية أبي ذر حدّثنا ( ابن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار المدني ( و) عبد العزيز بن محمد بن عبيد ( الدراوردي) بفتح الدال والراء المهملتين فألف ثم واو مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مهملة فياء قرية بخراسان نسب إليها كلاهما ( عن يزيد) ولأبي ذر زيادة ابن عبد الله وللأصيلي يعني ابن عبد الله بن الهاد أي الليثي الأعرج التابعي الصغير ( عن محمد بن إبراهيم) التيمي التابعي راوي حديث: إنما الأعمال بالنيّة، ( عن أبي سلمة) بفتح اللام ( بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أنه سمع رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) : ( أرأيتم) بهمزة الاستفهام التقريري وتاء الخطاب أي أخبروني ( لو) ثبت ( أن نهرًا) بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبتي الوادي سمي به لسعته صفته أنه ( بباب أحدكم) ظرف مستقر حال كونه ( يغتسل فيه كل يوم) ظرف ليغتسل ( خمسًا) أي خمس مرات مصدر له ( ما تقول) أيها السامع أي ما تظن، فأجرى فعل القول مجرى فعل الظن، كما نبّه عليه ابن مالك في توضيحه لأن ما الاستفهامية تقدمت ووليها فعل مضارع مسند إلى ضمير المخاطب، فاستحق أن يعمل عمل فعل الظن.
وقال في المصابيح: جواب لو اقترن بالاستفهام كما اقترن به جواب أن الشرطية في مثل قوله: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] هكذا مثله بعضهم، ومثل الرضى لذلك بقوله تعالى: { أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُون} [الأنعام: 47] وفيهما نظر.
فإن اقتران الجواب في مثله بالفاء واجب ولا محل لهذه الجملة المتضمنة للاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأنه لما قال: أرأيتم قالوا عن أي شيء تسأل؟ فقال: لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه في كل يوم خمسًا ما تقول.
( ذلك) أي الاغتسال ( يبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف من الإبقاء وهو بالموحدة عند الجمهور.
وحكى عياض عن بعض شيوخه أنه ينقي بالنون والأول أوجه ( من درنه؟) بفتح أوله أي من وسخه زاد مسلم شيئًا وما الاستفهامية في موضع نصب يبقي، وقدم لأن الاستفهام له الصدر.
فإن قيل: خاطب أولاً الجماعة بقوله أرأيتم ثم أفرد في تقول فما وجهه؟ أجاب في المصابيح: بأنه أقبل على الكل أولاً فخاطبهم جميعًا، ثم أفرد إشارة إلى أن هذا الحكم لا يخاطب به معين لتناهيه في الظهور فلا يختص به مخاطب دون مخاطب وقد مرَّ نظيره.
( قالوا: لا يُبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف وفاعله ضمير يعود إلى ما تقدم أي لا يبقي ذلك الفعل أو الاغتسال ( من درنه) وسخه ( شيئًا) نصب على المفعولية ( قال) : عليه الصلاة والسلام: ( فذلك) الفاء جواب شرط محذوف أي إذا علمتم ذلك فهو ( مثل الصلوات الخمس) بفتح الميم والمثلثة أو بالكسر والسكون ( يمحو الله به الخطايا) أي الصغائر وتذكير الضمير باعتبار أداء الصلوات، وللأربعة بها أي بالتأنيث باعتبار الصلوات، وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المعقول كالمحسوس.
قال الدماميني رحمه الله تعالى: شبه على وجه التمثيل حال المسلم المقترف لبعض الذنوب المحافظ على أداء الصلوات الخمس في زوال الأذى عنه وطهارته من أقذار السيئاتبحال المغتسل في نهر على باب داره كل يوم خمس مرات في نقاء بدنه من الأوساخ وزوالها عنه، ويجوز أن يكون هذا من تشبيه أشياء بأشياء، فشبهت الصلاة بالنهر لأنها تنقي صاحبها من درن الذنوب كما ينقي النهر البدن من الأوساخ التي تعلق به بالاغتسال فيه، وشبه قرب تعاطي الصلوات وسهولته بكون النهر قريبًا من مجاورته على باب داره، وشبه أداؤها كل يوم خمس مرات بالاغتسال المتعدد كذلك، وشبهت الذنوب بالأدران للتأذّي بملابستها وشبه محو السيئات عن المكلف بنقاء البدن وصفائه والأول أفحل وأجزل.
ورواة هذا الحديث السبعة مدنيون، وفيه ثلاثة من التابعين يزيد ومحمد وأبو سلمة، وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وأخرجه مسلم في الصلاة والترمذي في الأمثال.
7 - باب تَضْيِيعِ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا ( باب تضييع الصلاة) بإضافة باب لتاليه، ولأبي ذر باب بالتنوين في تضييع الصلاة ( عن وقتها) أي تأخيرها إلى أن يخرج وقتها، وسقط لابن عساكر والأصيلي الباب والترجمة.
وقال الحافظ ابن حجر: هذه الترجمة ثابتة في رواية الكشميهني والحموي وسقطت للباقين.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [528] حدثني إبراهيم بن حمزة: ثنا ابن أبي حازم والدراوردي، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ما تقول ذلك يبقي من درنه؟) ) قالوا: لا يبقي من درنه شيئاً.
قال: ( ( فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا) ) .
هذا مثل ضربه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمحو الخطايا بالصلوات الخمس، فجعل مثل ذلك مثل من ببابه نهر يغتسل فيه كل يوم خمس مرار، كما أن درنه ووسخه ينقى بذلك حتى لا يبقى منه شيء، فكذلك الصلوات الخمس في كل يوم تمحو الذنوب والخطايا حتى لا يبقى منها شيء.
واستدل بذلك بعض من يقول: إن الصلاة تكفر الكبائر والصغائر، لكن الجمهور القائلون بأن الكبائر لا يكفرها مجرد الصلاة بدون توبة،يقولون: هذا العموم خص منه الكبائر بما خرجه مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر) ) .
وفيه – أيضا -: عن عثمان، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها؛ إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة وكذلك الدهر كله) ) .
وخرج النسائي وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( والذي نفسي بيده، ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة، ثم قيل له: ادخل بسلام) ) .
وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي أيوب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معناه - أيضا.
وقال ابن مسعود: الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.
وروي عنه مرفوعاً.
والموقوف أصح.
وقال سلمان: حافظوا على هذه الصلوات الخمس؛ فإنهن كفارة لهذه الجراح، ما لم تصب المقتلة.
وقد حكى ابن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك، وأن الكبائر لا تكفر بمجرد الصلوات الخمس، وإنما تكفر الصلوات الخمس الصغائر خاصة.
وقد ذهب طائفة من العلماء، منهم: أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا – إلى أن اجتناب الكبائر شرط لتكفير الصلوات الصغائر، فإن لم تجتنب الكبائر لم تكفر الصلوات شيئاً من الصغائر، وحكاه ابن عطية في " تفسيره" عن جمهور أهل السنة؛ لظاهر قوله: ( ( ما اجتنبت الكبائر) ) .
والصحيح الذي ذهب إليه كثير من العلماء، ورجحه ابن عطية، وحكاه عن الحذاق: أن ذلك ليس بشرط، وأن الصلوات تكفر الصغائر مطلقاً إذا لم يصر عليها، فإنها بالإصرار عليها تصير من الكبائر.
وحديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري في هذا الباب وغيره من الأحاديث يدل على ذلك، وقد ذكر البخاري في تبويبه عليه أن صلاتهن في وقتهن شرط لتكفير الخطايا، وأخذ ذلك من قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يغتسل فيه كل يوم خمساً) ) ، وهذا يدل على تفريق الصلوات خمس مرار في كل يوم وليلة، ومن جمع بينهما في وقت واحد أو في وقتين أو ثلاثة لغير عذر لم يحصل منه هذا التفريق ولا تكرير الاغتسال، وهو بمنزلة من اغتسل مرة أو مرتين أو ثلاثاً.
وحديث عثمان الذي خرجه مسلم يدل على أن كل صلاة تكفر ذنوب ما بينهما وبين الصلاة الأخرى خاصة، وقد ورد مصرحاً بذلك في أحاديث كثيرة.
وحينئذ؛ فمن ترك صلاة إلى وقت صلاة أخرى لغير عذر وجمع بينهما فلا يتحقق أن هاتين الصلاتين المجموعتين في وقت واحد لغير عذر يكفران ما مضى من الذنوب في الوقتين معاً، وإنما يكون ذلك إن كان الجمع لعذر يبيح الجمع.
وتمثيله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنهر هو مبالغة في إنقاء الدرن؛ فإن النهر الجاري يذهب الدرن الذي غسل فيه ولا يبقى له فيه أثر، بخلاف الماء الراكد؛ فإن الدرن الذي غسل فيه يمكث في الماء، وربما ظهر مع كثرة الاغتسال فيه على طول الزمان؛ ولهذا روي النهي عن الاغتسال في الماء الدائم كما سبق ذكره في الطهارة.
وفي " صحيح مسلم" من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات) ) .
قال: قال الحسن: وما يبقى ذلك من الدرن.
وقد روي عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير، عنالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً.
قال أبو حاتم: كذلك أرسله الحفاظ، وهو أشبه.
وروي تشبيه الصلوات بخمس أنهار.
خرجه ابن جرير الطبري والطبراني والبزار من طريق يحيى بن أيوب: وحدثني عبد الله بن قريط، أن عطاء بن يسار حدثه، أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث، أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( الصلواتالخمس كفارة ما بينهما) ) .
وقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أرأيت لو أن رجلاً كان له معتمل، وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله، فأصابه الوسخ والعرق، فكلما مر بنهر اغتسل ما كان ذلك مبقياً من درنه، فكذلك الصلوات، كلما عمل خطيئة أو ما شاء الله، ثم صلى صلاة فدعا واستغفر غفر له ما كان قبلها) ) .
وخرج البزار نحوه - أيضا - من طريق عمر بن صهبان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وهذه متابعة لابن قريط، ولكن ابن صهبان فيه ضعف شديد.
وأمااستنباط البخاري: أن هذا التكفير لا يشترط له أن تكون الصلاة في جماعة، فإنه أخذه من قوله ( ( بباب أحدكم) ) ، ومن صلى في بيته فهو كمن صلى في باب منزله.
ولقائل أن يقول: لو كان الأمر على ذلك لجعل النهر في المنزل، فلما جعله ببابه دل على أنه خارج من بيته، ففيه إشارة إلى الصلاة في المساجد، وإن قربت من المنازل.
وحديث أبي سعيد صريح في أن النهر بين المنزل وبين المعتمل، وهوالمكان الذي يعمل فيه المرء عمله وينتشر فيه لمصالح اكتسابه ونحو ذلك.
وهذا مما يدل على أن المراد بالدرن الصغائر التي تصيب الأنسان في كسبه ومعاشه ومخالطته للناس المخالطة المباحة.
7 - باب في تضييع الصلاة عن وقتها

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ)

بِالتَّنْوِينِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ كَذَا ثَبَتَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ التَّرْجَمَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَسَقَطَتِ التَّرْجَمَةُ من بعض الرِّوَايَات وَعَلِيهِ مَشى بن بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَزَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا إِذَا صَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ فِي الْجَمَاعَةِ وَغَيرهَا

[ قــ :514 ... غــ :528] قَوْله بن أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُمَا مَدَنِيَّانِ وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَيِ بن أَبِي أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيِّ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَبَكْرِ بْنِ مُضَرَ كِلَاهُمَا عَنْهُ نَعَمْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ لَكِنَّهُ شَاذٌّ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْمَشِ إِنَّمَا رَوَوْهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْمِيُّ رَاوِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ أَيْضًا فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ عَلَى نَسَقٍ .

     قَوْلُهُ  أَرَأَيْتُمْ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالِاسْتِخْبَارِ أَيْ أَخْبِرُونِي هَلْ يَبْقَى .

     قَوْلُهُ  لَوْ أَنَّ نَهْرًا قَالَ الطِّيبِيُّ لَفْظُ لَوْ يَقْتَضِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ يُجَابَ لَكِنَّهُ وَضَعَ الِاسْتِفْهَامَ مَوْضِعَهُ تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا وَالتَّقْدِيرُ لَوْ ثَبَتَ نَهْرٌ صِفَتُهُ كَذَا لَمَا بَقِيَ كَذَا وَالنَّهْرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مَا بَيْنَ جَنْبَيِ الْوَادِي سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسِعَتِهِ وَكَذَلِكَ سُمِّيَ النَّهَارُ لِسِعَةِ ضَوْئِهِ .

     قَوْلُهُ  مَا تَقُولُ كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بِإِفْرَادِ الْمُخَاطَبِ وَالْمَعْنَى مَا تَقُولُ يَا أَيُّهَا السَّامِعُ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْجَوْزَقِيِّ مَا تَقُولُونَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةُ فِي ذَلِكَ إِلَى الِاغْتِسَالِ قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى إِجْرَاءِ فِعْلِ الْقَوْلِ مَجْرَى فِعْلِ الظَّنِّ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعًا مُسْنَدًا إِلَى الْمُخَاطَبِ مُتَّصِلًا بِاسْتِفْهَامٍ .

     قَوْلُهُ  يُبْقِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  مِنْ دَرَنِهِ زَادَ مُسْلِمٌ شَيْئًا وَالدَّرَنُ الْوَسَخُ وَقَدْ يُطْلَقُ الدَّرَنُ عَلَى الْحَبِّ الصِّغَارِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَادِ وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَالُوا لَا يُبْقِي بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْضًا وَشَيْئًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَلِمُسْلِمٍ لَا يَبْقَى بِفَتْحِ أولة وشئ بِالرَّفْعِ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَذَلِكَ جَوَابُ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ فَهُوَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ إِلَخْ وَفَائِدَةُ التَّمْثِيلِ التَّأْكِيدُ وَجَعْلُ الْمَعْقُولِ كَالْمَحْسُوسِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَصِرُوا فِي الْجَواب على لَا بل أعادوا اللَّفْظ تَأْكِيدًا.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ وَجْهُ التَّمْثِيلِ أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ فَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ تُطَهِّرُ الْعَبْدَ عَنْ أَقْذَارِ الذُّنُوبِ حَتَّى لَا تُبْقِي لَهُ ذَنْبًا إِلَّا أَسْقَطَتْهُ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَايَا فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَكِن قَالَ بن بَطَّالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ الصَّغَائِرُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْخَطَايَا بِالدَّرَنِ وَالدَّرَنُ صَغِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مِنَ الْقُرُوحِ وَالْخُرَاجَاتِ انْتَهَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَنِ فِي الْحَدِيثِ الْحَبُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَسَخُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ الِاغْتِسَالُ وَالتَّنَظُّفُ وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ مُعْتَمَلٌ وَبَيْنَ مُنْزِلِهِ وَمُعْتَمَلِهِ خَمْسَةُ أَنْهَارٍ فَإِذَا انْطَلَقَ إِلَى مُعْتَمَلِهِ عَمِلَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَصَابَهُ وَسَخٌ أَوْ عَرَقٍ فَكُلَّمَا مَرَّ بِنَهْرٍ اغْتَسَلَ مِنْهُ الْحَدِيثَ وَلِهَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تَسْتَقِلُّ بِتَكْفِيرِ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ قَبْلَهُ حَدِيثَ الْعَلَاءِ عَنْ أبيَّة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فَعَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ يُحْمَلُ مَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِهِ فَائِدَةٌ قَالَ بن بَزِيزَةَ فِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ يَتَوَجَّهُ عَلَى حَدِيثِ الْعَلَاءِ إِشْكَالٌ يَصْعُبُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مُكَفَّرَةٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ انْتَهَى وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ أَن تجتنبوا أَيْ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ وَمَعْنَاهُ الْمُوَافَاةُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ وَقْتِ الْإِيمَانِ أَوِ التَّكْلِيفِ إِلَى الْمَوْتِ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهَا أَيْ فِي يَوْمِهَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَعَلَى هَذَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ انْتَهَى وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ السُّؤَالِ فَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ بِحَمْدِ اللَّهِ سَهْلٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إِلَّا بِفِعْلِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا لَمْ يَعُدْ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ لِأَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ فَوَقَفَ التَّكْفِيرُ عَلَى فِعْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ فَصَّلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ فَقَالَ تَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةٍ أَحَدِهَا أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ فَهَذَا يُعَاوَضُ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ ثَانِيهَا يَأْتِي بِصَغَائِرَ بِلَا إِصْرَارٍ فَهَذَا تُكَفَّرُ عَنْهُ جَزْمًا ثَالِثِهَا مِثْلُهُ لَكِنْ مَعَ الْإِصْرَارِ فَلَا تُكَفَّرُ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ كَبِيرَةٌ رَابِعِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَغَائِرَ خَامِسِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِكَبَائِرَ وَصَغَائِرَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ إِذَا لَمْ يَجْتَنِبِ الْكَبَائِرَ أَنْ لَا تُكَفِّرَ الْكَبَائِرَ بَلْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُكَفِّرَ شَيْئًا أَصْلًا وَالثَّانِي أَرْجَحُ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ إِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَتُهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ فَهُنَا لَا تُكَفِّرُ شَيْئًا إِمَّا لِاخْتِلَاطِ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ أَوْ لِتَمَحُّضِ الْكَبَائِرِ أَوْ تُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ فَلَمْ تَتَعَيَّنْ جِهَةُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لِدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مُقْتَضَى تَجَنُّبِ الْكَبَائِرِ أَنَّ هُنَاكَ كَبَائِرَ وَمُقْتَضَى مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ أَنْ لَا كَبَائِرَ فَيُصَانُ الْحَدِيثُ عَنْهُ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ السِّتَّةِ وَأَحْمَدَ بِلَفْظِ مَا تَقُولُ إِلَّا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَصْلًا وَهُوَ عِنْدُ بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ لَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ كَانَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ وَعَلَى لَفْظِهِ اقْتَصَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ وَكَذَا الْحُمَيْدِيُّ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ أَنْ سَاقَهُ بِلَفْظِ مَا تَقُولُونَ أَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَصْلَ الْحَدِيثِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَصْلًا وَلَا بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنَ الْبُخَارِيِّ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ آخِرَ الْحُرُوفِ مَنْ يَقُولُ فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا ذكره بن مَالِكٍ مِمَّا قَدَّمْتُهُ وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ بَلْ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَالتَّقْدِيرُ مَا يَقُولُ أَحَدُكُمْ فِي ذَلِك وَالشّرط الَّذِي ذكره بن مَالِكٍ وَغَيْرُهُ مِنَ النُّحَاةِ إِنَّمَا هُوَ لِإِجْرَاءِ فِعْلِ الْقَوْلِ مَجْرَى فِعْلِ الظَّنِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

.
وَأَمَّا إِذَا تُرِكَ الْقَوْلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الصلوات الخمس كفارة للخطايا
إذا صلاهن لوقتهن في الجماعة وغيرها
[ قــ :514 ... غــ :528 ]
- حدثني إبراهيم بن حمزة: ثنا ابن أبي حازم والدراوردي، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ما تقول ذلك يبقي من درنه؟) ) قالوا: لا يبقي من درنه شيئاً.
قال: ( ( فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا) ) .

هذا مثل ضربه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمحو الخطايا بالصلوات الخمس، فجعل مثل ذلك مثل من ببابه نهر يغتسل فيه كل يوم خمس مرار، كما أن درنه ووسخه ينقى بذلك حتى لا يبقى منه شيء، فكذلك الصلوات الخمس في كل يوم تمحو الذنوب والخطايا حتى لا يبقى منها شيء.

واستدل بذلك بعض من يقول: إن الصلاة تكفر الكبائر والصغائر، لكن الجمهور القائلون بأن الكبائر لا يكفرها مجرد الصلاة بدون توبة، يقولون: هذا العموم خص منه الكبائر بما خرجه مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر) ) .

وفيه – أيضا -: عن عثمان، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها؛ إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة وكذلك الدهر كله) ) .

وخرج النسائي وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( والذي نفسي بيده، ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة، ثم قيل له: ادخل بسلام) ) .

وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي أيوب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معناه - أيضا.

وقال ابن مسعود: الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر.

وروي عنه مرفوعاً.
والموقوف أصح.

وقال سلمان: حافظوا على هذه الصلوات الخمس؛ فإنهن كفارة لهذه الجراح، ما لم تصب المقتلة.
وقد حكى ابن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك، وأن الكبائر لا تكفر بمجرد الصلوات الخمس، وإنما تكفر الصلوات الخمس الصغائر خاصة.

وقد ذهب طائفة من العلماء، منهم: أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا – إلى أن اجتناب الكبائر شرط لتكفير الصلوات الصغائر، فإن لم تجتنب الكبائر لم تكفر الصلوات شيئاً من الصغائر، وحكاه ابن عطية في " تفسيره" عن جمهور أهل السنة؛ لظاهر قوله: ( ( ما اجتنبت الكبائر) ) .

والصحيح الذي ذهب إليه كثير من العلماء، ورجحه ابن عطية، وحكاه عن الحذاق: أن ذلك ليس بشرط، وأن الصلوات تكفر الصغائر مطلقاً إذا لم يصر عليها، فإنها بالإصرار عليها تصير من الكبائر.

وحديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري في هذا الباب وغيره من الأحاديث يدل على ذلك، وقد ذكر البخاري في تبويبه عليه أن صلاتهن في وقتهن شرط لتكفير الخطايا، وأخذ ذلك من قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( يغتسل فيه كل يوم خمساً) ) ، وهذا يدل على تفريق الصلوات خمس مرار في كل يوم وليلة، ومن جمع بينهما في وقت واحد أو في وقتين أو ثلاثة لغير عذر لم يحصل منه هذا التفريق ولا تكرير الاغتسال، وهو بمنزلة من اغتسل مرة أو مرتين أو ثلاثاً.
وحديث عثمان الذي خرجه مسلم يدل على أن كل صلاة تكفر ذنوب ما بينهما وبين الصلاة الأخرى خاصة، وقد ورد مصرحاً بذلك في أحاديث كثيرة.

وحينئذ؛ فمن ترك صلاة إلى وقت صلاة أخرى لغير عذر وجمع بينهما فلا يتحقق أن هاتين الصلاتين المجموعتين في وقت واحد لغير عذر يكفران ما مضى من الذنوب في الوقتين معاً، وإنما يكون ذلك إن كان الجمع لعذر يبيح الجمع.

وتمثيله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنهر هو مبالغة في إنقاء الدرن؛ فإن النهر الجاري يذهب الدرن الذي غسل فيه ولا يبقى له فيه أثر، بخلاف الماء الراكد؛ فإن الدرن الذي غسل فيه يمكث في الماء، وربما ظهر مع كثرة الاغتسال فيه على طول الزمان؛ ولهذا روي النهي عن الاغتسال في الماء الدائم كما سبق ذكره في الطهارة.

وفي " صحيح مسلم" من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات) ) .
قال: قال الحسن: وما يبقى ذلك من الدرن.

وقد روي عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلاً.

قال أبو حاتم: كذلك أرسله الحفاظ، وهو أشبه.

وروي تشبيه الصلوات بخمس أنهار.

خرجه ابن جرير الطبري والطبراني والبزار من طريق يحيى بن أيوب: وحدثني عبد الله بن قريط، أن عطاء بن يسار حدثه، أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث، أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( الصلوات الخمس كفارة ما بينهما) ) .
وقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أرأيت لو أن رجلاً كان له معتمل، وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله، فأصابه الوسخ والعرق، فكلما مر بنهر اغتسل ما كان ذلك مبقياً من درنه، فكذلك الصلوات، كلما عمل خطيئة أو ما شاء الله، ثم صلى صلاة فدعا واستغفر غفر له ما كان قبلها) ) .

وخرج البزار نحوه - أيضا - من طريق عمر بن صهبان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وهذه متابعة لابن قريط، ولكن ابن صهبان فيه ضعف شديد.

وأمااستنباط البخاري: أن هذا التكفير لا يشترط له أن تكون الصلاة في جماعة، فإنه أخذه من قوله ( ( بباب أحدكم) ) ، ومن صلى في بيته فهو كمن صلى في باب منزله.

ولقائل أن يقول: لو كان الأمر على ذلك لجعل النهر في المنزل، فلما جعله ببابه دل على أنه خارج من بيته، ففيه إشارة إلى الصلاة في المساجد، وإن قربت من المنازل.

وحديث أبي سعيد صريح في أن النهر بين المنزل وبين المعتمل، وهو المكان الذي يعمل فيه المرء عمله وينتشر فيه لمصالح اكتسابه ونحو ذلك.

وهذا مما يدل على أن المراد بالدرن الصغائر التي تصيب الأنسان في كسبه ومعاشه ومخالطته للناس المخالطة المباحة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ
هذا ( باب) بالتنوين ( الصلوات الخمس كفارة) وللكشميهني كفّارات للخطايا إذا صلاّهنّ لوقتهنّ في الجماعة وغيرها، وسقط الباب والترجمة لأبي ذر والأصيلي، وضبب عليه في رواية أبي الوقت وعند أبي ذر وفي نسخة أبي الهيثم الباب والترجمة وعنده عوض كفّارة كفّارات وعوض لوقتهنّ لوقتها.


[ قــ :514 ... غــ : 528 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟ قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا.
قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا».


وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي ابن محمد بن حمزة الزبيري المدني ( قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية أبي ذر حدّثنا ( ابن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار المدني ( و) عبد العزيز بن محمد بن عبيد ( الدراوردي) بفتح الدال والراء المهملتين فألف ثم واو مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مهملة فياء قرية بخراسان نسب إليها كلاهما ( عن يزيد) ولأبي ذر زيادة ابن عبد الله وللأصيلي يعني ابن عبد الله بن الهاد أي الليثي الأعرج التابعي الصغير ( عن محمد بن إبراهيم) التيمي التابعي راوي حديث: إنما الأعمال بالنيّة، ( عن أبي سلمة) بفتح اللام ( بن عبد الرحمن) بن عوف ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( أنه سمع
رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول)
:
( أرأيتم) بهمزة الاستفهام التقريري وتاء الخطاب أي أخبروني ( لو) ثبت ( أن نهرًا) بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبتي الوادي سمي به لسعته صفته أنه ( بباب أحدكم) ظرف مستقر حال كونه ( يغتسل فيه كل يوم) ظرف ليغتسل ( خمسًا) أي خمس مرات مصدر له ( ما تقول) أيها السامع أي ما تظن، فأجرى فعل القول مجرى فعل الظن، كما نبّه عليه ابن مالك في توضيحه لأن ما الاستفهامية تقدمت ووليها فعل مضارع مسند إلى ضمير المخاطب، فاستحق أن يعمل عمل فعل الظن.
وقال في المصابيح: جواب لو اقترن بالاستفهام كما اقترن به جواب أن الشرطية في مثل قوله: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] هكذا مثله بعضهم، ومثل الرضى لذلك بقوله تعالى: { أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُون} [الأنعام: 47] وفيهما نظر.
فإن اقتران الجواب في مثله بالفاء واجب ولا محل لهذه الجملة المتضمنة للاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأنه لما قال: أرأيتم قالوا عن أي شيء تسأل؟ فقال: لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه في كل يوم خمسًا ما تقول.
( ذلك) أي الاغتسال ( يبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف من الإبقاء وهو بالموحدة عند الجمهور.
وحكى عياض عن بعض شيوخه أنه ينقي بالنون والأول أوجه ( من

درنه؟)
بفتح أوله أي من وسخه زاد مسلم شيئًا وما الاستفهامية في موضع نصب يبقي، وقدم لأن الاستفهام له الصدر.

فإن قيل: خاطب أولاً الجماعة بقوله أرأيتم ثم أفرد في تقول فما وجهه؟ أجاب في المصابيح: بأنه أقبل على الكل أولاً فخاطبهم جميعًا، ثم أفرد إشارة إلى أن هذا الحكم لا يخاطب به معين لتناهيه في الظهور فلا يختص به مخاطب دون مخاطب وقد مرَّ نظيره.

( قالوا: لا يُبقي) بضم أوله وكسر ثالثه المخفّف وفاعله ضمير يعود إلى ما تقدم أي لا يبقي ذلك الفعل أو الاغتسال ( من درنه) وسخه ( شيئًا) نصب على المفعولية ( قال) : عليه الصلاة والسلام: ( فذلك) الفاء جواب شرط محذوف أي إذا علمتم ذلك فهو ( مثل الصلوات الخمس) بفتح الميم والمثلثة أو بالكسر والسكون ( يمحو الله به الخطايا) أي الصغائر وتذكير الضمير باعتبار أداء الصلوات، وللأربعة بها أي بالتأنيث باعتبار الصلوات، وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المعقول كالمحسوس.
قال الدماميني رحمه الله تعالى: شبه على وجه التمثيل حال المسلم المقترف لبعض الذنوب المحافظ على أداء الصلوات الخمس في زوال الأذى عنه وطهارته من أقذار السيئات بحال المغتسل في نهر على باب داره كل يوم خمس مرات في نقاء بدنه من الأوساخ وزوالها عنه، ويجوز أن يكون هذا من تشبيه أشياء بأشياء، فشبهت الصلاة بالنهر لأنها تنقي صاحبها من درن الذنوب كما ينقي النهر البدن من الأوساخ التي تعلق به بالاغتسال فيه، وشبه قرب تعاطي الصلوات وسهولته بكون النهر قريبًا من مجاورته على باب داره، وشبه أداؤها كل يوم خمس مرات بالاغتسال المتعدد كذلك، وشبهت الذنوب بالأدران للتأذّي بملابستها وشبه محو السيئات عن المكلف بنقاء البدن وصفائه والأول أفحل وأجزل.

ورواة هذا الحديث السبعة مدنيون، وفيه ثلاثة من التابعين يزيد ومحمد وأبو سلمة، وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وأخرجه مسلم في الصلاة والترمذي في الأمثال.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

بابُُ منون، تَقْدِيره: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة، وَهَكَذَا وَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات.
وَفِي بعض الرِّوَايَات التَّرْجَمَة سَقَطت، وَعَلِيهِ مَشى ابْن بطال وَمن تبعه.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( بابُُ الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة للخطايا إِذا صَلَّاهُنَّ لوقتهن فِي الْجَمَاعَة وَغَيرهَا) .
وَقَوله: الصَّلَوَات مُبْتَدأ، و: الْخمس، صفته، و: كَفَّارَة، خَبره.
وَقد مر تَفْسِير الْكَفَّارَة.

والخطايا جمع خَطِيئَة، وَهِي الْإِثْم.
يُقَال: خطأ يخطأ خطأ وخطأة، على وزن: فعلة بِكَسْر الْفَاء، والخطيئة على وزن فعيلة: الْإِثْم.
وَلَك أَن تشدد الْيَاء لِأَن كل يَاء سَاكِنة قبلهَا كسرة أَو: وَاو، سَاكِنة قبلهَا ضمة وهما زائدتان للمد لَا للإلحاق، وَلَا هما من نفس الْكَلِمَة، فَإنَّك تقلب الْهمزَة بعد الْوَاو واوا، وَبعد الْيَاء يَاء، وتدغم.
وَتقول فِي مقروء: مقروٍّ وَفِي خَطِيئَة: خطية، وأصل الْخَطَايَا: خطائي، على وزن فعائل، فَلَمَّا اجْتمعت الهمزتان قلبت الثَّانِيَة: يَاء، لِأَن قبلهَا كسرة، ثمَّ استثقلت، وَالْجمع، ثقيل، وَهُوَ معتل مَعَ ذَلِك، فقلبت الْيَاء ألفا، ثمَّ قلبت الْهمزَة الأولى يَاء لخفائها بَين الْأَلفَيْنِ.



[ قــ :514 ... غــ :528]
- حدَّثنا إبْرَاهيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثني ابنُ أبي حازِمٍ وَالدَّرَاوَرْديُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ ابنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ أرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرا بِبابُِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قالُوا لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو الله بِهِ الخَطَايَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالْبابُُ الَّذِي قبل الْبابُُ الَّذِي قبله أَعم من هَذِه التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ يتَنَاوَل الصَّلَوَات الْخمس وَغَيرهَا من أَنْوَاع الصَّلَاة.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي كتاب الايمان.
الثَّانِي: عبد الْعَزِيز ابْن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي بابُُ نوم الرِّجَال.
الثَّالِث: عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، نِسْبَة إِلَى دراورد، بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ ألف ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ دَال مُهْملَة: وَهِي قَرْيَة بخراسان..
     وَقَالَ  أَكْثَرهم مَنْسُوب إِلَى دَار بجرد، مَدِينَة بِفَارِس وَهِي من شواذ النّسَب.
الرَّابِع: يزِيد، من الزِّيَادَة: ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد اللَّيْثِيّ الْأَعْرَج، مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.
الْخَامِس: مُحَمَّد بن ابراهيم التَّيْمِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة.
السَّادِس: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، سَمَّاهُ البُخَارِيّ: عبد الله،.

     وَقَالَ  عَمْرو بن عَليّ: لَا يعرف لَهُ اسْم.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: اثْنَان اسْم كل مِنْهُمَا: عبد الْعَزِيز، وَفِيه: ثَلَاثَة تابعيون وهم: يزِيد وَهُوَ تَابِعِيّ صَغِير، وَمُحَمّد، وَأَبُو سَلمَة.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة: عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث وَبكر بن مُضر عَن ابْن الْهَاد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَمْثَال عَن قُتَيْبَة بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ، فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَحده بِهِ.
.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( أَرَأَيْتُم) الْهمزَة للاستفهام على سَبِيل التَّقْرِير، وَالتَّاء للخطاب،، وَمَعْنَاهُ: أخبروني، ويوري: ( أَرَأَيْتكُم) ، بِالْكَاف وَالْمِيم، لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب.
قَوْله: ( لَو أَن نَهرا) قَالَ الطَّيِّبِيّ: لفظ: لَو، يَقْتَضِي أَن يدْخل على الْفِعْل وَأَن يُجَاب، لكنه وضع الِاسْتِفْهَام مَوْضِعه تَأْكِيدًا أَو تقريرا، وَالتَّقْدِير، لَو ثَبت نهر صفته كَذَا لما بَقِي كَذَا، وَالنّهر، بِفَتْح الْهَاء وسكونها: مَا بَين جنبيّ الْوَادي، سمي بذلك لسعته، وَكَذَلِكَ سمي النَّهَار لسعة ضوئه.
قَوْله: ( مَا تَقول) أَي: أَيهَا السَّامع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( مَا تَقولُونَ) .
قَوْله: ( ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى الِاغْتِسَال،.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على إِجْرَاء فعل القَوْل مجْرى فعل الظَّن، وَالشّرط فِيهِ أَن يكون فعلا مضارعا مُسْندًا إِلَى الْمُخَاطب مُتَّصِلا بالاستفهام، كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث.
ولغة سليم إِجْرَاء فعل القَوْل مجْرى الظَّن بِلَا شَرّ، فَيجوز على لغتهم أَن يُقَال: قلت زيدا مُنْطَلقًا، وَنَحْوه.
قَوْله: ( مَا تَقول؟) ، كلمة: مَا، الاستفهامية فِي مَوضِع نصب بِلَفْظ: يبْقى، وَقدم لِأَن الِاسْتِفْهَام لَهُ صدر الْكَلَام، وَالتَّقْدِير: أَي: شَيْء تظن ذَلِك الِاغْتِسَال مبقيا من درنه؟ و: تَقول، يَقْتَضِي مفعولين: أَحدهمَا هُوَ قَوْله: ذَلِك، وَالْآخر وَهُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي قَوْله: يبْقى، وَهُوَ بِضَم الْيَاء من الْإِبْقَاء.
قَوْله: ( من درنه) بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء وَهُوَ: الْوَسخ.
قَوْله: ( شَيْئا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: لَا يبْقى، بِضَم الْيَاء أَيْضا وَكسر الْقَاف، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( لَا يبْقى من درنه شَيْء) ، فشيء، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل قَوْله: لَا يبقي، بِفَتْح الْيَاء وَالْقَاف.
قَوْله: ( فَكَذَلِك) : الْفَاء، فِيهِ جَوَاب شَرط مَحْذُوف أَي: إِذا أقررتم ذَلِك وَصَحَّ عنْدكُمْ فَهُوَ مثل الصَّلَوَات.
وَفَائِدَة التَّمْثِيل التَّقْيِيد وَجعل الْمَعْقُول كالمحسوس..
     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: وَجه التَّمْثِيل أَن الْمَرْء كَمَا يتدنس بالأقذار المحسوسة فِي بدنه وثيابه ويطهره المَاء الْكثير، فَكَذَلِك الصَّلَوَات تطهر العَبْد من أقذار الذُّنُوب حَتَّى لَا تبقي لَهُ ذَنبا إِلَّا أسقطته وكفرته.
فَإِن قلت: ظَاهر الحَدِيث يتَنَاوَل الصَّغَائِر والكبائر لِأَن لفظ الْخَطَايَا يُطلق عَلَيْهَا.

قلت: روى مُسلم من حَدِيث الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: ( الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة لما بَينهمَا مَا اجْتنبت الْكَبَائِر) .
قَالَ ابْن بطال: يُؤْخَذ من الحَدِيث أَن المُرَاد الصَّغَائِر خَاصَّة لِأَنَّهُ شبه الْخَطَايَا بالدرن والدرن صَغِير بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أكبر مِنْهُ من القروح والجراحات.
فَإِن قلت: لِمَ لَا يجوز أَن يكون المُرَاد بالدرن الْحبّ؟ قلت: لَا بل المُرَاد بِهِ: الْوَسخ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبه التَّنْظِيف والتطهير، وَيُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( أَرَأَيْت لَو أَن رجلا كَانَ لَهُ معتمل، وَبَين منزله ومعتمله خَمْسَة أَنهَار، فَإِذا انْطلق إِلَى معتمله عمل مَا شَاءَ الله فَأَصَابَهُ وسخ أَو عرق فَكلما مر بنهر اغْتسل مِنْهُ) الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَنهُ.
فَإِن قلت: الصَّغَائِر مكفرة بِنَصّ الْقُرْآن باجتناب الْكَبَائِر، فَمَا الَّذِي تكفره الصَّلَوَات الْخمس؟ قلت: لَا يتم اجْتِنَاب الْكَبَائِر إِلَّا بِفعل الصَّلَوَات الْخمس، فَإِذا لم يَفْعَلهَا لم يكن مجتنبا للكبائر لِأَن تَركهَا من الْكَبَائِر فَيتَوَقَّف التَّكْفِير على فعلهَا.
قَوْله: ( بهَا) : أَي: بالصلوات، ويروى بِهِ بتذكير الضَّمِير أَي: بأَدَاء الصَّلَوَات.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :514 ... غــ :528]
- حدَّثنا إبْرَاهيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثني ابنُ أبي حازِمٍ وَالدَّرَاوَرْديُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ ابنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ أرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرا بِبابُِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قالُوا لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو الله بِهِ الخَطَايَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالْبابُُ الَّذِي قبل الْبابُُ الَّذِي قبله أَعم من هَذِه التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ يتَنَاوَل الصَّلَوَات الْخمس وَغَيرهَا من أَنْوَاع الصَّلَاة.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي كتاب الايمان.
الثَّانِي: عبد الْعَزِيز ابْن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي بابُُ نوم الرِّجَال.
الثَّالِث: عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، نِسْبَة إِلَى دراورد، بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ ألف ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ دَال مُهْملَة: وَهِي قَرْيَة بخراسان..
     وَقَالَ  أَكْثَرهم مَنْسُوب إِلَى دَار بجرد، مَدِينَة بِفَارِس وَهِي من شواذ النّسَب.
الرَّابِع: يزِيد، من الزِّيَادَة: ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد اللَّيْثِيّ الْأَعْرَج، مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.
الْخَامِس: مُحَمَّد بن ابراهيم التَّيْمِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة.
السَّادِس: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، سَمَّاهُ البُخَارِيّ: عبد الله،.

     وَقَالَ  عَمْرو بن عَليّ: لَا يعرف لَهُ اسْم.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: اثْنَان اسْم كل مِنْهُمَا: عبد الْعَزِيز، وَفِيه: ثَلَاثَة تابعيون وهم: يزِيد وَهُوَ تَابِعِيّ صَغِير، وَمُحَمّد، وَأَبُو سَلمَة.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة: عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث وَبكر بن مُضر عَن ابْن الْهَاد.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَمْثَال عَن قُتَيْبَة بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ، فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَحده بِهِ.
.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( أَرَأَيْتُم) الْهمزَة للاستفهام على سَبِيل التَّقْرِير، وَالتَّاء للخطاب،، وَمَعْنَاهُ: أخبروني، ويوري: ( أَرَأَيْتكُم) ، بِالْكَاف وَالْمِيم، لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب.
قَوْله: ( لَو أَن نَهرا) قَالَ الطَّيِّبِيّ: لفظ: لَو، يَقْتَضِي أَن يدْخل على الْفِعْل وَأَن يُجَاب، لكنه وضع الِاسْتِفْهَام مَوْضِعه تَأْكِيدًا أَو تقريرا، وَالتَّقْدِير، لَو ثَبت نهر صفته كَذَا لما بَقِي كَذَا، وَالنّهر، بِفَتْح الْهَاء وسكونها: مَا بَين جنبيّ الْوَادي، سمي بذلك لسعته، وَكَذَلِكَ سمي النَّهَار لسعة ضوئه.
قَوْله: ( مَا تَقول) أَي: أَيهَا السَّامع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( مَا تَقولُونَ) .
قَوْله: ( ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى الِاغْتِسَال،.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على إِجْرَاء فعل القَوْل مجْرى فعل الظَّن، وَالشّرط فِيهِ أَن يكون فعلا مضارعا مُسْندًا إِلَى الْمُخَاطب مُتَّصِلا بالاستفهام، كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث.
ولغة سليم إِجْرَاء فعل القَوْل مجْرى الظَّن بِلَا شَرّ، فَيجوز على لغتهم أَن يُقَال: قلت زيدا مُنْطَلقًا، وَنَحْوه.
قَوْله: ( مَا تَقول؟) ، كلمة: مَا، الاستفهامية فِي مَوضِع نصب بِلَفْظ: يبْقى، وَقدم لِأَن الِاسْتِفْهَام لَهُ صدر الْكَلَام، وَالتَّقْدِير: أَي: شَيْء تظن ذَلِك الِاغْتِسَال مبقيا من درنه؟ و: تَقول، يَقْتَضِي مفعولين: أَحدهمَا هُوَ قَوْله: ذَلِك، وَالْآخر وَهُوَ الْمَفْعُول الثَّانِي قَوْله: يبْقى، وَهُوَ بِضَم الْيَاء من الْإِبْقَاء.
قَوْله: ( من درنه) بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء وَهُوَ: الْوَسخ.
قَوْله: ( شَيْئا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: لَا يبْقى، بِضَم الْيَاء أَيْضا وَكسر الْقَاف، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( لَا يبْقى من درنه شَيْء) ، فشيء، مَرْفُوع لِأَنَّهُ فَاعل قَوْله: لَا يبقي، بِفَتْح الْيَاء وَالْقَاف.
قَوْله: ( فَكَذَلِك) : الْفَاء، فِيهِ جَوَاب شَرط مَحْذُوف أَي: إِذا أقررتم ذَلِك وَصَحَّ عنْدكُمْ فَهُوَ مثل الصَّلَوَات.
وَفَائِدَة التَّمْثِيل التَّقْيِيد وَجعل الْمَعْقُول كالمحسوس..
     وَقَالَ  ابْن الْعَرَبِيّ: وَجه التَّمْثِيل أَن الْمَرْء كَمَا يتدنس بالأقذار المحسوسة فِي بدنه وثيابه ويطهره المَاء الْكثير، فَكَذَلِك الصَّلَوَات تطهر العَبْد من أقذار الذُّنُوب حَتَّى لَا تبقي لَهُ ذَنبا إِلَّا أسقطته وكفرته.
فَإِن قلت: ظَاهر الحَدِيث يتَنَاوَل الصَّغَائِر والكبائر لِأَن لفظ الْخَطَايَا يُطلق عَلَيْهَا.

قلت: روى مُسلم من حَدِيث الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: ( الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة لما بَينهمَا مَا اجْتنبت الْكَبَائِر) .
قَالَ ابْن بطال: يُؤْخَذ من الحَدِيث أَن المُرَاد الصَّغَائِر خَاصَّة لِأَنَّهُ شبه الْخَطَايَا بالدرن والدرن صَغِير بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أكبر مِنْهُ من القروح والجراحات.
فَإِن قلت: لِمَ لَا يجوز أَن يكون المُرَاد بالدرن الْحبّ؟ قلت: لَا بل المُرَاد بِهِ: الْوَسخ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبه التَّنْظِيف والتطهير، وَيُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ( أَرَأَيْت لَو أَن رجلا كَانَ لَهُ معتمل، وَبَين منزله ومعتمله خَمْسَة أَنهَار، فَإِذا انْطلق إِلَى معتمله عمل مَا شَاءَ الله فَأَصَابَهُ وسخ أَو عرق فَكلما مر بنهر اغْتسل مِنْهُ) الحَدِيث رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَنهُ.
فَإِن قلت: الصَّغَائِر مكفرة بِنَصّ الْقُرْآن باجتناب الْكَبَائِر، فَمَا الَّذِي تكفره الصَّلَوَات الْخمس؟ قلت: لَا يتم اجْتِنَاب الْكَبَائِر إِلَّا بِفعل الصَّلَوَات الْخمس، فَإِذا لم يَفْعَلهَا لم يكن مجتنبا للكبائر لِأَن تَركهَا من الْكَبَائِر فَيتَوَقَّف التَّكْفِير على فعلهَا.
قَوْله: ( بهَا) : أَي: بالصلوات، ويروى بِهِ بتذكير الضَّمِير أَي: بأَدَاء الصَّلَوَات.