هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2510 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالعُمْرَى ، أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2510 حدثنا أبو نعيم ، حدثنا شيبان ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن جابر رضي الله عنه ، قال : قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرى ، أنها لمن وهبت له
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Jabir:

The Prophet (ﷺ) gave the verdict that `Umra is for the one to whom it is presented.

Jâbir (radiallahanho) dit: «Le Prophète () décida que [l'objet de] la 'umrâ appartenait à celui à qui il a été donné.»

":"ہم سے ابونعیم نے بیان کیا ، ان سے شیبان نے بیان کیا ، ان سے یحییٰ نے ، ان سے ابوسلمہ نے اور ان سے جابر رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے عمریٰ کے متعلق فیصلہ کیا تھا کہ وہ اس کا ہو جاتا ہے جسے ہبہ کیا گیا ہو ۔

Jâbir (radiallahanho) dit: «Le Prophète () décida que [l'objet de] la 'umrâ appartenait à celui à qui il a été donné.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2625] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أخرجه مُسلم وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ هُوَ بِفَتْحِ أَنَّهَا أَيْ قَضَى بِأَنَّهَا وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ هَذَا لَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ نَحوه من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ فَقَدْ قَطَعَ .

     قَوْلُهُ  حَقَّهُ فِيهَا وَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ الَّذِي فِي آخِرِهِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْهُ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا الَّذِي قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَعْمَرٌ كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ أَيْضا وَبَين من طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ التَّعْلِيلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ الْأَنْصَارُ يُعْمِرُونَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا فَإِنَّهُ مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ فَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلِعَقِبِهِ ثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِذَا مِتَّ رَجَعَتْ إِلَيَّ فَهَذِهِ عَارِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أَعْطَى وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ وَالَّتِي قَبْلَهَا رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ شَرط فَاسد فلغي وَسَأَذْكُرُ الِاحْتِجَاجَ لِذَلِكَ آخِرَ الْبَابِ ثَالِثُهَا أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَهَا وَيُطْلِقُ فَرِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  فِي الْقَدِيمِ الْعَقْدُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَعَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقِيلَ الْقَدِيمُ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَالْجَدِيدِ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّ قَتَادَةَ حَكَى أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي صُورَةَ الْإِطْلَاقِ فَذَكَرَ لَهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا الْعُمْرَى أَيِ الْجَائِزَةُ إِذَا أُعْمِرَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ عَقِبَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانَ لِلَّذِي يَجْعَلُ شَرْطَهُ قَالَ قَتَادَةُ وَاحْتَجَّ الزُّهْرِيُّ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ لَا يَقْضُونَ بِهَا فَقَالَ عَطَاءٌ قَضَى بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى)
أَيْ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ بَسْمَلَةٌ قَبْلَ الْبَابِ وَالْعُمْرَى بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَعَ الْقَصْرِ وَحُكِيَ ضَمُّ الْمِيمِ مَعَ ضَمِّ أَوَّلِهِ وَحُكِيَ فَتْحُ أَوَّلِهِ مَعَ السُّكُونِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَمْرِ وَالرُّقْبَى بِوَزْنِهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُرَاقَبَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُعْطِي الرَّجُلَ الدَّارَ وَيَقُولُ لَهُ أَعْمَرْتُكَ إِيَّاهَا أَيْ أَبَحْتُهَا لَكَ مُدَّةَ عُمُرِكَ فَقِيلَ لَهَا عُمْرَى لِذَلِكَ وَكَذَا قِيلَ لَهَا رُقْبَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَتَى يَمُوتُ الْآخَرُ لِتَرْجِعَ إِلَيْهِ وَكَذَا وَرَثَتُهُ فَيَقُومُونَ مقَامه فِي ذَلِك هَذَا أَصْلهَا لُغَة وَأما شَرْعًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَى إِذَا وَقَعَتْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْآخِذِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ إِلَّا إِنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ الْعُمْرَى إِلَّا مَا حَكَاهُ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُد وَطَائِفَة لَكِن بن حَزْمٍ قَالَ بِصِحَّتِهَا وَهُوَ شَيْخُ الظَّاهِرِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا إِلَى مَا يَتَوَجَّهُ التَّمْلِيكُ فَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ إِلَى الرَّقَبَةِ كَسَائِرِ الْهِبَاتِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُعَمَّرُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَفَذَ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ وَقِيلَ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَهَلْ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْعَارِيَّةِ أَوِ الْوَقْفِ رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ التَّمْلِيكُ فِي الْعُمْرَى يَتَوَجَّهُ إِلَى الرَّقَبَةِ وَفِي الرُّقْبَى إِلَى الْمَنْفَعَةِ وَعَنْهُمْ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَعَمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَصْلِهَا وَأَطْلَقَ الْجُعْلَ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلَا يَرَى أَنَّهَا عَارِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي تَصْرِيحُهُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْهِبَةِ وَقَولُهُ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا جَعَلَكُمْ عُمَّارًا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَعَلَيْهِ يُعْتَمَدُ كَثِيرًا.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ اسْتَعْمَرَكُمْ أَطَالَ أَعْمَارَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَذِنَ لَكُمْ فِي عِمَارَتِهَا وَاسْتِخْرَاجِ قُوتِكُمْ مِنْهَا

[ قــ :2510 ... غــ :2625] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَحْيَى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أخرجه مُسلم وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ هُوَ بِفَتْحِ أَنَّهَا أَيْ قَضَى بِأَنَّهَا وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ هَذَا لَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ نَحوه من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ فَقَدْ قَطَعَ .

     قَوْلُهُ  حَقَّهُ فِيهَا وَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ الَّذِي فِي آخِرِهِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْهُ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَأَمَّا الَّذِي قَالَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا قَالَ مَعْمَرٌ كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّعْلِيلَ أَيْضا وَبَين من طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ التَّعْلِيلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ جَعَلَ الْأَنْصَارُ يُعْمِرُونَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا فَإِنَّهُ مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلِعَقِبِهِ فَيَجْتَمِعُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلِعَقِبِهِ ثَانِيهَا أَنْ يَقُولَ هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِذَا مِتَّ رَجَعَتْ إِلَيَّ فَهَذِهِ عَارِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي أَعْطَى وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ وَالَّتِي قَبْلَهَا رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ شَرط فَاسد فلغي وَسَأَذْكُرُ الِاحْتِجَاجَ لِذَلِكَ آخِرَ الْبَابِ ثَالِثُهَا أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَهَا وَيُطْلِقُ فَرِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَالْجُمْهُورِ.

     وَقَالَ  فِي الْقَدِيمِ الْعَقْدُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَعَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقِيلَ الْقَدِيمُ عَنِ الشَّافِعِيِّ كَالْجَدِيدِ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّ قَتَادَةَ حَكَى أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي صُورَةَ الْإِطْلَاقِ فَذَكَرَ لَهُ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ قَالَ وَذَكَرَ لَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنَّمَا الْعُمْرَى أَيِ الْجَائِزَةُ إِذَا أُعْمِرَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ عَقِبَهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانَ لِلَّذِي يَجْعَلُ شَرْطَهُ قَالَ قَتَادَةُ وَاحْتَجَّ الزُّهْرِيُّ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ لَا يَقْضُونَ بِهَا فَقَالَ عَطَاءٌ قَضَى بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى
أعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْيَ عُمْرَى: جَعَلْتُهَا لَهُ.
{ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] جَعَلَكُمْ عُمَّارًا.

( باب ما قيل) أي ورد ( في العمرى) بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر مأخوذة من العمر ( والرقبى) بوزنها مأخوذة من الرقوب لأن كلاًّ منهما يرقب موت صاحبه وكانا عقدين في الجاهلية وتفسير العمري أن يقول الرجل لغير ( أعمرته الدار فهي عمرى) أي ( جعلتها له) ملكًا مدة عمره وتكون هبة ولو زاد فإن متّ فهي لورثته فهبة أيضًا طوّل فيها العبارة ( استعمركم فيها) أي ( جعلكم عمارًا) هذا تفسير أبي عبيدة في المجاز وقال غيره استعمركم أطال أعماركم أو أذن لكم في عمارتها واستخراج قوتكم منها.


[ قــ :2510 ... غــ : 2625 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعُمْرَى أَنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: ( حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي ( عن يحيى) بن أبي كثير ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن جابر -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قضى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعمرى أنها) أي حكم في العمرى بأنها ( لمن وهبت له) بضم الواو مبنيًّا للمفعول زاد مسلم في رواية الزهري عن أبي سلمة لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث، وله من طريق الليث عن الزهري فقد قطع قوله حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه فلو قال: إن متّ عاد إليّ أو إلى ورثتي إن متّ صحّت الهبة ولغا الشرط لأنه فاسد ولإطلاق الحديث.

وحديث الباب أخرجه مسلم في الفرائض وأبو داود في البيوع والترمذي وابن ماجة في الأحكام والنسائي في العمرى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَا قِيلَ فِي العُمْراى والرُّقْباى)

ثبتَتْ الْبَسْمَلَة فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة قبل لفظ: بابُُ.
قَوْله: ( بابُُ مَا قيل) أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا قيل فِي أَحْكَام الْعمريّ والرقبى، الْعُمْرَى، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم مَقْصُورا، وَحكي بِضَم الْعين وَالْمِيم جَمِيعًا، وبفتح الْعين وَسُكُون الْمِيم..
     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الْعُمْرَى، مصدر كالرجعى، وأصل الْعُمْرَى مَأْخُوذ من الْعُمر، والرقبى بِوَزْن الْعُمْرَى كِلَاهُمَا على وزن فعلى، وأصل الرقبى من المراقبة.
فَإِن قلت: ذكر فِي التَّرْجَمَة الْعُمْرَى والرقبى، وَلم يذكر فِي الْبابُُ إلاَّ حديثين فِي الْعُمْرَى، وَلم يذكر شَيْئا فِي الرقبى؟ قلت: قيل: إنَّهُمَا متحدان فِي الْمَعْنى، فَلذَلِك اقْتصر على الْعُمْرَى، على أَن النَّسَائِيّ روى بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا: الْعُمْرَى والرقبى سَوَاء؟ قلت: هَذَا الْجَواب غير مقنع، لأَنا لَا نسلم الِاتِّحَاد بَينهمَا فِي الْمَعْنى فالعمرى من الْعُمر والرقبى من المراقبة.
وَبَينهمَا فرق فِي التَّعْرِيف، على مَا يَجِيء بَيَانه، وَمعنى قَول ابْن عَبَّاس: هما سَوَاء يَعْنِي: فِي الحكم، وَهُوَ الْجَوَاز، لَا أَنَّهُمَا سَوَاء فِي الْمَعْنى.

أعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْيَ عُمْراى جَعَلْتُها لَهُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى تَفْسِير الْعُمْرَى، وَهُوَ أَن يَقُول الرجل لغيره: أعمرته دَاري، أَي: جَعلتهَا لَهُ مُدَّة عمري..
     وَقَالَ  أَبُو عبيد: الْعُمْرَى أَن يَقُول الرجل للرجل: دَاري لَك عمرك، أَو يَقُول: دَاري هَذِه لَك عمري، فَإِذا قَالَ ذَلِك وَسلمهَا إِلَيْهِ كَانَت للمعمر وَلم ترجع إِلَيْهِ إِن مَاتَ، وَكَذَا إِذا قَالَ: أعمرتك هَذِه الدَّار، أَو: جَعلتهَا لَك حياتك، أَو: مَا بقيت، أَو: مَا عِشْت، أَو: مَا حييت، وَمَا يُفِيد هَذَا الْمَعْنى.

وَقَالَ شَيخنَا، رَحمَه الله: الْعُمْرَى على ثَلَاثَة أَقسَام:
أَحدهَا: أَن يَقُول: أعمرتك هَذِه الدَّار، فَإِذا مت فَهِيَ لعقبك أَو وَرثتك، فَهَذِهِ صَحِيحَة عِنْد عَامَّة الْعلمَاء.
وَذكر النَّوَوِيّ أَنه لَا خلاف فِي صِحَّتهَا، وَإِنَّمَا الْخلاف: هَل يملك الرَّقَبَة أَو الْمَنْفَعَة فَقَط؟ وسنذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الْقسم الثَّانِي: أَن لَا يذكر ورثته وَلَا عقبه، بل يَقُول: أعمرتك هَذِه الدَّار، أَو: جَعلتهَا لَك، أَو نَحْو هَذَا، وَيُطلق ... فَفِيهَا أَرْبَعَة أَقْوَال.
أَصَحهَا: الصِّحَّة كالمسألة الأولى، وَيكون لَهُ ولورثته من بعده، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبُو عبيد وَآخَرُونَ.
القَوْل الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تصح لِأَنَّهُ تمْلِيك مُؤَقّت، فَأشبه مَا لَو وهبه أَو بَاعه إِلَى وَقت معِين، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم.
الثَّالِث: أَنَّهَا تصح وَيكون للمعمَر فِي حَيَاته فَقَط، فَإِذا مَاتَ رجعت إِلَى المعمِرِ أَو إِلَى ورثته إِن كَانَ قد مَاتَ، وَحكى هَذَا أَيْضا عَن الْقَدِيم.
الرَّابِع: أَنَّهَا عَارِية يستردها المعمِر مَتى شَاءَ، فَإِذا مَاتَ عَادَتْ إِلَى ورثته.

الْقسم الثَّالِث: أَن لَا يذكر الْعقب وَلَا الْوَرَثَة، وَلَا يقْتَصر على الْإِطْلَاق، بل يَقُول: فَإِذا مت رجعت إِلَيّ، أَو: إِلَى ورثتي إِن كنت مت.
فَإِن قُلْنَا: بِالْبُطْلَانِ فِي حَالَة الْإِطْلَاق فههنا أولى، وَكَذَلِكَ فِي الْإِطْلَاق بِالصِّحَّةِ، وعودها بعد موت المعمَر إِلَى المعمِّر، وَإِن قُلْنَا: إِنَّهَا تصح فِي حَالَة الْإِطْلَاق، ويتأبد الْملك فَفِيهِ وَجْهَان لأَصْحَاب الشَّافِعِي أَحدهمَا: عدم الصِّحَّة.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَهُوَ أسبق إِلَى الْفَهم، وَرجحه القَاضِي ابْن كج، وَصَاحب التمة، وَبِه جزم الْمَاوَرْدِيّ.
وَالثَّانِي: يَصح، وَيَلْغُو الشَّرْط، وَعَزاهُ الرَّافِعِيّ للأكثرين.

ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِيمَا ينْتَقل إِلَى المعمَر: هَل ينْتَقل إِلَيْهِ ملك الرَّقَبَة حَتَّى يجوز لَهُ البيع وَالشِّرَاء وَالْهِبَة وَغير ذَلِك من التَّصَرُّفَات، أَو إِنَّمَا تنْتَقل إِلَيْهِ الْمَنْفَعَة فَقَط.
كالوقف؟ فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن ذَلِك تمْلِيك للرقبة، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، وَذهب مَالك إِلَى أَنه إِنَّمَا يملك الْمَنْفَعَة فَقَط، فعلى هَذَا فَإِنَّهَا ترجع إِلَى المعمر إِذا مَاتَ المعمَر عَن غير وَارِث، أَو انقرضت ورثته، وَلَا يرجع إِلَى بَيت المَال.

ثمَّ هَهُنَا مسَائِل مُتَعَلقَة بِهَذَا الْبابُُ.

الأولى: الْعُمْرَى الْمَذْكُورَة فِي أَحَادِيث هَذَا الْبابُُ وَفِي غَيره، هَل هِيَ عَامَّة فِي كل مَا يَصح تَمْلِيكه من الْعقار وَالْحَيَوَان والأثاث وَغَيرهَا، أَو يخْتَص ذَلِك بالعقار؟ الْجَواب: أَن أَكثر وُرُود الْأَحَادِيث فِي الدّور والأراضي، فإمَّا أَن يكون خرج مخرج الْغَالِب فَلَا يكون لَهُ مَفْهُوم، ويعم الحكم كل مَا يَصح تَمْلِيكه.
أَو يُقَال: هَذَا الحكم ورد على خلاف الأَصْل، فَيقْتَصر على مورد النَّص، فَلَا يتَعَدَّى بِهِ إِلَى غَيره، قَالَ شَيخنَا: لم أرَ من تعرض لذَلِك، إلاَّ أَن الرَّافِعِيّ مثل فِي أَمْثِلَة الْعمريّ بِغَيْر الْعقار، فَقَالَ: وَلَو قَالَ: دَاري لَك عمرك فَإِذا مت فَهِيَ لزيد، أَو: عَبدِي لَك عمرك فَإِذا مت فَهُوَ حر، تصح الْعُمْرَى على قَوْلنَا الْجَدِيد، ولغى الْمَذْكُور بعْدهَا، فَعلم من هَذَا جَرَيَان الحكم فِي العبيد وَغَيرهم.

الثَّانِيَة: هَل يَسْتَوِي فِي الْعُمْرَى تَقْيِيد ذَلِك بعمر الْوَاهِب كَمَا لَو قَيده بعمر الْمَوْهُوب؟ فَعَن أبي عبيد التَّسْوِيَة بَينهمَا، لِأَنَّهُ فسر الْعمريّ بِأَن يَقُول للرجل: هَذِه الدَّار لَك عمرك أَو عمري، وَلَكِن عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي عدم الصِّحَّة فِي هَذِه الصُّورَة.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَلَو قَالَ: جعلت لَك هَذِه الدَّار عمري أَو حَياتِي
الثَّالِثَة: إِذا قيد الْوَاهِب الْعُمْرَى بعمر أجبني، بِأَن قَالَ: جعلت هَذِه الدَّار لَك عمر زيد، فَهَل يَصح؟ قَالَ الرَّافِعِيّ: أجْرى فِيهِ الْخلاف فِيمَا إِذا قَالَ: عمري أَو حَياتِي فعلى هَذَا فَالْأَصَحّ عدم الصِّحَّة لِخُرُوجِهِ عَن اللَّفْظ الْوَارِد فِيهِ.

الرَّابِعَة: إِذا لم يشْتَرط الْوَاهِب الرُّجُوع بعد موت المعمر لنَفسِهِ بل شَرطه لغيره، فَقَالَ: فَإِذا مت فَهِيَ لزيد، قَالَ الرَّافِعِيّ: يَصح وَيَلْغُو الشَّرْط، وَكَذَا لَو قَالَ: أعمرتك عَبدِي فَإِذا مت فَهُوَ حر يَصح، وَيَلْغُو الشَّرْط على الْجَدِيد.

الْخَامِسَة: إِذا لم يذكر الْعُمر فِي العقد بل أوردهُ بِصِيغَة الْهِبَة، كَمَا إِذا قَالَ: وَهبتك هَذِه الدَّار، فَإِذا مت رجعت إليَّ فَهَذَا لَا يَصح، قَالَ الرَّافِعِيّ: ظَاهر الْمَذْهَب فَسَاد الْهِبَة وَالْوَقْف بِالشُّرُوطِ الَّتِي يفْسد بهَا البيع، بِخِلَاف الْعُمْرَى لما فِيهَا من الْإِخْبَار.

السَّادِسَة: إِذا أَتَى بِمَا يَقْتَضِي الْعُمْرَى، وَلَكِن بِصِيغَة البيع، فَقَالَ: مَلكتك هَذِه الدَّار بِعشْرَة عمرك، فَنقل الرَّافِعِيّ عَن ابْن كج أَنه قَالَ: لَا ينْعَقد عِنْدِي جَوَازه تَفْرِيعا على الْجَدِيد..
     وَقَالَ  أَبُو عَليّ الطَّبَرِيّ: لَا يجوز، قَالَ شَيخنَا: مَا قَالَه أَبُو عَليّ هُوَ الصَّحِيح نقلا وتوجيهاً، فقد جزم بِهِ ابْن شُرَيْح وَأَبُو إِسْحَاق الْمروزِي وَالْمَاوَرْدِيّ، وَمَا نَقله عَن ابْن كج احْتِمَال،.

     وَقَالَ  بِهِ ابْن خيران فِيمَا حَكَاهُ صَاحب التَّحْرِير.

السَّابِعَة: هَل تجوز الْوَصِيَّة بالعمرى بِأَن يَقُول: إِذا مت فَهَذِهِ الدَّار لزيد عمره، كَمَا يجوز تنجيزها؟ فَقَالَ بِهِ الرَّافِعِيّ، وَلكنهَا تعْتَبر من الثُّلُث.

الثَّامِنَة: لَا يجوز تَعْلِيق الْعُمْرَى بِغَيْر موت المعمِر، كَقَوْلِه إِذا مَاتَ فلَان فقد أعمرتك هَذِه الدَّار.

وَأما الرقبى فَهُوَ أَن يَقُول الرجل للرجل: أرقبتك دَاري إِن متُ قبلك فَهِيَ لَك وَإِن مت قبلي فَهِيَ لي، وَهُوَ مُشْتَقّ من الرقوب، فَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يترقب موت صَاحبه..
     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: ذهب بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم أَن الرقبي جَائِزَة مثل الْعمريّ.
وَهُوَ قَول أَحْمد وأسحاق وَفرق بعض أهل الْعلم من أهل الْكُوفَة من أهل الْكُوفَة وَغَيرهم بَين الْعُمْرَى والرقبى، فأجازوا الْعُمْرَى وَلم يجيزوا الرقبى،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْهِدَايَة) : الْعُمْرَى جَائِزَة للمعمِر لَهُ فِي حَال حَيَاته ولورثته من بعده.
قلت: وَهَذَا قَول جَابر بن عبد الله، وَعبد الله ابْن عَبَّاس، وَعبد الله بن عمر وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
وَرُوِيَ عَن شُرَيْح وَمُجاهد وطاووس وَالثَّوْري،.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْهِدَايَة) أَيْضا: والرقبى بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك،.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف: جَائِزَة، بِهِ قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد.

اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا جعَلَكُمْ عُمَّاراً
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن من الْعُمْرَى أَن يكون استعمر بِمَعْنى أعمر، كاستهلك بِمَعْنى أهلك، أَي: أعمركم فِيهَا دِيَاركُمْ ثمَّ هُوَ يَرِثهَا مِنْكُم بعد انْقِضَاء أعماركم، وَفِي ( التَّهْذِيب) للأزهري: أَي: أذن لكم فِي عمارتها واستخراج قوتكم مِنْهَا.
وَقيل: استعمركم من الْعُمر نَحْو: استبقاكم من الْبَقَاء، وَقيل: استعمركم أَي: عمركم بالعمارة.
قَوْله: ( عمَّاراً) بِضَم الْعين وَتَشْديد الْمِيم.



[ قــ :2510 ... غــ :2625 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيى عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ جابرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قضاى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعُمْرى أنَّهَا لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله مَا قيل فِي الْعُمْرَى، وَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ جَابر هُوَ الَّذِي قيل فِيهَا، وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

والْحَدِيث أخرجه بَقِيَّة السِّتَّة: مُسلم فِي الْفَرَائِض عَن القواريري عَن جمَاعَة غَيره، وَأَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَغَيره.
وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْأَحْكَام عَن إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ، وَالنَّسَائِيّ فِي الْعُمْرَى عَن عبد الْأَعْلَى وَغَيره، وَابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ، وَمعنى حَدِيثهمْ وَاحِد.

قَوْله: ( قضى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: حكم ( بالعمرى) أَي بِصِحَّتِهَا.
قَوْله: ( أَنَّهَا) ، أَي: بِأَنَّهَا، أَي: بِأَن الْهِبَة ( لمن وهبت لَهُ) ، ووهبت على صِيغَة الْمَجْهُول.

وروى مُسلم حَدِيث جَابر بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة وأسانيد متباينة، أخرج عَن أبي سَلمَة وَلَفظه: الْعُمْرَى لمن وهبت لَهُ.
وَعَن أبي سَلمَة أَيْضا عَنهُ أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( أَيّمَا رجل أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَأَنَّهَا للَّذي أعطيها لَا ترجع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا) ، لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث.
وَعَن أبي سَلمَة عَنهُ أَيْضا.
وَلَفظه، قَالَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَيّمَا رجل أعمر رجلا عمرى لَهُ ولعقبه، فَقَالَ: قد أعطيتكها وَعَقِبك مَا بَقِي مِنْكُم أحد فَإِنَّهَا لمن أعطيها، وَإِنَّهَا لَا ترجع إِلَى صَاحبهَا من أجل أَنه أَعْطَاهَا عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث) .
وَعَن أبي سَلمَة أَيْضا عَن جَابر قَالَ: إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أجَاز رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَقول: هِيَ لَك ولعقبك، فَأَما إِذا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا ترجع إِلَى صَاحبهَا.
قَالَ معمر: وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِهِ.
وَعَن أبي سَلمَة أَيْضا عَنهُ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قضى فِيمَن أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَهِيَ لَهُ بتلة لَا يجوز للمعطي فِيهَا شَرط وَلَا ثنيا، قَالَ أَبُو سَلمَة لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث.
فَقطعت الْمَوَارِيث شَرطه.
وَأخرج مُسلم أَيْضا من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر يرفعهُ إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم وَلَا تفسدوها، فَإِنَّهُ من أعمر عمرى فَهِيَ للَّذي أعمرها حَيا أَو مَيتا ولعقبه) .
وَعَن أبي الزبير أَيْضا عَنهُ، قَالَ: أعمرت امْرَأَة بِالْمَدِينَةِ حَائِطا لَهَا ابْنا لَهَا، ثمَّ توفّي وَتوفيت بعده، وَترك ولدا بعده، وَله إخْوَة بنُون للمعمرة، فَقَالَ ولد المعمرة: رَجَعَ الْحَائِط إِلَيْنَا، فَقَالَ بَنو المعمّر: بل كَانَ لأبينا حَيَاته وَمَوته، فاختصموا إِلَى طَارق مولى عُثْمَان فَدَعَا جَابِرا فَشهد على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعمرى لصَاحِبهَا فَقضى بذلك طَارق، ثمَّ كتب إِلَى عبد الْملك فَأخْبرهُ بذلك، وَأخْبرهُ بِشَهَادَة جَابر، فَقَالَ عبد الْملك: صدق جَابر، فَأمْضى ذَلِك طَارق بِأَن ذَلِك الْحَائِط لبني المعمَر حَتَّى الْيَوْم.
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث عَطاء عَن جَابر عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( الْعُمْرَى جَائِزَة) .
وَأخرج أَيْضا عَن عَطاء عَنهُ عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ( المرى مِيرَاث لأَهْلهَا) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مفصلا فِي أول الْبابُُ، وبهذه الْأَحَادِيث احْتج أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن صَالح وَأَبُو عبيد، على: أَن الْعُمْرَى لَهُ يملكهَا ملكا تَاما يتَصَرَّف فِيهَا تصرف الْملاك، واشترطوا فِيهَا الْقَبْض على أصولهم فِي الهبات.
وَذهب الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَيزِيد بن قسيط وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَمَالك إِلَى أَن الْعمريّ جَائِزَة وَلكنهَا ترجع إِلَى الَّذِي أعمرها، واحتجواغ فِي ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم) .
أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
وَأجَاب عَنهُ الطَّحَاوِيّ بِأَن هَذَا على الشُّرُوط الَّتِي قد أَبَاحَ الْكتاب اشْتِرَاطهَا، وَجَاءَت بهَا السّنة، وَأجْمع عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ، وَمَا نهى عَنهُ الْكتاب ونهت عَنهُ السّنة فَهُوَ غير دَاخل فِي ذَلِك.
ألاَ تَرى أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ فِي حَدِيث بَرِيرَة: ( كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط) ؟ .