279 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ ، عَنْ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ ، عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَانِي اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ ، رَجِلُ الشَّعْرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ ، وَهُوَ بَيْنَهُمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، وَرَأَيْتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا جَعْدًا قَطَطًا ، أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ بِابْنِ قَطَنٍ ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ |
279 حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثنا أنس يعني ابن عياض ، عن موسى وهو ابن عقبة ، عن نافع ، قال : قال عبد الله بن عمر : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهراني الناس المسيح الدجال ، فقال : إن الله تبارك وتعالى ليس بأعور ، ألا إن المسيح الدجال أعور ، عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أراني الليلة في المنام عند الكعبة ، فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من أدم الرجال ، تضرب لمته بين منكبيه ، رجل الشعر يقطر رأسه ماء ، واضعا يديه على منكبي رجلين ، وهو بينهما يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا المسيح ابن مريم ، ورأيت وراءه رجلا جعدا قططا ، أعور عين اليمنى كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن ، واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا المسيح الدجال |
It is narrated on the authority of 'Abdullah b. Umar that the Messenger of Allah (ﷺ) said:
I found myself one night near the Ka'bah, and I saw a man with wheat complexion amongst the fair-complexioned men that you ever saw. He had a lock of hair the most beautiful of the locks that you ever saw. He had combed it. Water was trickling out of them. He was leaning on two men, or on the shoulders of two men, and he was circumscribing the Ka'bah. I asked, What is he? It was said: He is al-Masih son of Mary. Then I saw another person, stout and having too much curly hair, and blind in his right eye as if it was a full swollen grape. I asked Who is he? It was said: He is al-Masih al-Dajjal.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[169] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَرَانِي لَيْلَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ هذا المسيح بن مَرْيَمَ ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطِطٍ أَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ) أَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَانِي فَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ.
.
وَأَمَّا الْكَعْبَةُ فَسُمِّيَتْ كَعْبَةٌ لِارْتِفَاعِهَا وَتَرَبُّعِهَا وَكُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّعٍ عِنْدَ الْعَرَبِ فَهُوَ كَعْبَةٌ وَقِيلَ سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِاسْتِدَارَتِهَا وَعُلُوِّهَا وَمِنْهُ كَعْبُ الرَّجُلِ وَمِنْهُ كَعَبَ ثَدْيُ الْمَرْأَةِ إِذَا عَلَا وَاسْتَدَارَ.
.
وَأَمَّا اللِّمَّةُ فَهِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَجَمْعُهَا لِمَمٌ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُجْمَعُ عَلَى لِمَامٍ يَعْنِي بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ الشَّعْرُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي جَاوَزَ شَحْمَةَ الْأُذُنَيْنِ فَإِذَا بَلَغَ الْمَنْكِبَيْنِ فَهُوَ جُمَّةٌ.
.
وَأَمَّا رَجَّلَهَا فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَمَعْنَاهُ سَرَّحَهَا بِمُشْطٍ مَعَ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطُرُ مَاءً فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ يَقْطُرُ بِالْمَاءِ الَّذِي رَجَّلَهَا بِهِ لِقُرْبِ تَرْجِيلِهِوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُوَإِلَى هَذَا نَحَا الْقَاضِي الْبَاجِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَمَعْنَاهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ نَضَارَتِهِ وَحُسْنِهِ وَاسْتِعَارَةً لِجَمَالِهِ.
.
وَأَمَّا الْعَوَاتِقُ فَجَمْعُ عَاتِقٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ وَفِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَالتَّذْكِيرُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَيُجْمَعُ الْعَاتِقُ عَلَى عَوَاتِقَ كَمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى عُتُقٍ وَعُتْقٍ بِإِسْكَانِ التَّاءِ وَضَمِّهَا.
.
وَأَمَّا طَوَافُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ فَعِيسَى حَيٌّ لَمْ يَمُتْ يَعْنِي فَلَا امْتِنَاعَ فِي طَوَافِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ مَنَامًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رِوَايَتِهِ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الدَّجَّالِ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ رُؤْيَا إِذْ قَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ طَوَافَ الدَّجَّالِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ تَحْرِيمَ دُخُولِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ فِتْنَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَهُوَ صِفَةٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةٌ لِلدَّجَّالِ فَأَمَّا عِيسَى فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ مَسِيحًا قَالَ الْوَاحِدِيُّ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وَاللَّيْثُ إِلَى أَنَّ أَصْلَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَشِيحَا فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَغَيَّرَتْ لَفْظَهُ كَمَا قَالُوا مُوسَى وَأَصْلُهُ مُوشَى أَوْ مِيشَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ غَيَّرُوهُ فَعَلَى هَذَا لَا اشْتِقَاقَ لَهُ قَالَ وَذَهَبَ أكثر العلماء إلى أنه مُشْتَقٍّ وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَحُكِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهُ لم يمسح ذا عاهة الا بريء وقال ابراهيم وبن الْأَعْرَابِيِّ الْمَسِيحُ الصِّدِّيقُ وَقِيلَ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحُ أَسْفَلِ الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمَصَ لَهُ وَقِيلَ لِمَسْحِ زَكَرِيَّا إِيَّاهُ وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ أَيْ قَطْعِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالْبَرَكَةِ حِينَ وُلِدَ وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَحَهُ أَيْ خَلَقَهُ خَلْقًا حَسَنًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَعْوَرُ وَالْأَعْوَرُ يُسَمَّى مَسِيحًا وَقِيلَ لِمَسْحِهِ الْأَرْضَ حِينَ خُرُوجِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الرُّوَاةِ فِي اسْمِ عِيسَى أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُخَفَّفَةً وَاخْتُلِفَ فِي الدَّجَّالِ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُهُ مِثْلَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَلَكِنَّ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسِيحُ هُدًى وَالدَّجَّالُ مَسِيحُ ضَلَالَةٍ وَرَوَاهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِسِّيحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالسِّينِ الْمُشَدَّدَةِ.
وَقَالَ هُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَالَ هُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الدَّجَّالِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ فَهُوَ بِفَتْحِ القاف والطاء هذا هوالمشهور قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْأُولَى وَبِكَسْرِهَا قَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ الْجَعْدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا فَإِذَا كَانَ ذَمًّا فَلَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا الْقَصِيرُ الْمُتَرَدِّدُ وَالْآخَرُ الْبَخِيلُ يُقَالُ رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابِعِ أَيْ بَخِيلٌ وَإِذَا كَانَ مَدْحًا فَلَهُ أَيْضًا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الْخُلُقِ وَالْآخَرُ يَكُونُ شَعْرُهُ جَعْدًا غَيْرَ سَبِطٍ فَيَكُونُ مَدْحًا لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكْثَرُهَا فِي شُعُورِ الْعَجَمِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ غَيْرُ الْهَرَوِيِّ الْجَعْدُ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ ذَمٌّ وَفِي صِفَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَدْحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ فَرُوِيَ بِالْهَمْزِ وبغير همز فمن همز معناه ذهب ضوؤها وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ مَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ بَارِزَةٌ ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ هُنَا أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمٌ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِّينَا هَذَا الْحَرْفَ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ نَاتِئَةٌ كَنُتُوءِ حَبَّةِ الْعِنَبِ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِهَا قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَدْ وُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ جَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً بَلْ مَطْمُوسَةً وَهَذِهِ صِفَةُ حَبَّةِ الْعِنَبِ إِذَا سَالَ مَاؤُهَا وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ الْهَمْزِ.
.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ جَاحِظُ الْعَيْنِ وَكَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا حَدَقَةٌ جَاحِظَةٌ كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي حَائِطٍ فَتُصَحِّحُ رِوَايَةَ تَرْكِ الْهَمْزَةِ وَلَكِنْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَتُصَحَّحُ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا بِأَنْ تكون الْمَطْمُوسَةُ وَالْمَمْسُوحَةُ وَالَّتِي لَيْسَتْ بِجَحْرَاءَ وَلَا نَاتِئَةً هِيَ الْعَوْرَاءَ الطَّافِئَةَ بِالْهَمْزِ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُمْنَى كَمَا جَاءَ هُنَا وَتَكُونُ الْجَاحِظَةُ وَالَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ وَكَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ هِيَ الطَّافِيَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ الْعَيْنُ الْيُسْرَى كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَالرِّوَايَاتِ فِي الطَّافِيَةِ بِالْهَمْزِ وَبِتَرْكِهِ وَأَعْوَرَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَاءُ فَإِنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْمَعِيبُ لَا سِيَّمَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ عَوْرَاءُ إِحْدَاهُمَا بِذَهَابِهَا وَالْأُخْرَى بِعَيْبِهَا هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْحُسْنِ وَاللَّهُ أعلم .
قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُبْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ .
قَوْلُهُ ( بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ) هُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ أَيْ بَيْنَهُمْ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَعَنْ جَمِيعِ النَّقَائِصِ وَأَنَّ الدَّجَّالَ مَخْلُوقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى نَاقِصُ الصُّورَةِ فَيَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا هَذَا وَتُعَلِّمُوهُ النَّاسَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِالدَّجَّالِ مَنْ يَرَى تَخْيِيلَاتِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ.
.
وَأَمَّا أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى فَهُوَ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الْإِضَافَةِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَمَا يُقَدَّرُ فِي نَظَائِرِهِ فَالتَّقْدِيرُ أَعْوَرُ عَيْنِ صَفْحَةِ وَجْهِهِ الْيُمْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ) ضَبَطْنَاهُرأيت بضم التاء وفتحها وهما ظاهران وقطن هَذَا بِفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ
[169] أَرَانِي بِفَتْح الْهمزَة فَرَأَيْت رجلا آدم هُوَ مُخَالف لما تقدم فِي الحَدِيث قبله من أَنه أَحْمَر وَقد روى البُخَارِيّ عَن بن عمر أَنه أنكر رِوَايَة أَحْمَر وَحلف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقلهُ وَأَنه اشْتبهَ على الرَّاوِي قَالَ النَّوَوِيّ فَيجوز أَن يتَأَوَّل الْأَحْمَر على الآدم وَلَا يكون المُرَاد حَقِيقَة الْحمرَة والأدمة بل مَا قاربهما لمة بِكَسْر اللَّام وَتَشْديد الْمِيم الشّعْر المتدلي الَّذِي يُجَاوز شحمة الْأُذُنَيْنِ فَإِذا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ فَهُوَ جمة رجلهَا بتَشْديد الْجِيم سرحها فَهِيَ تقطر قيل هُوَ على ظَاهره أَي يقطر بِالْمَاءِ الَّذِي رجلهَا بِهِ لقرب ترجيله وَقيل هُوَ عبارَة عَن نضارته وَحسنه واستعارة لجماله عواتق جمع عاتق وَهُوَ مَا بَين الْمنْكب والعنق يؤنث وَيذكر والتذكير أشهر الْمَسِيح بن مَرْيَم قيل أَصله مشيحا بالعبرانية فعرب وَغير وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَسمي بِهِ لِأَنَّهُ لم يمسح ذَا عاهة إِلَّا برِئ وَقيل لِأَنَّهُ مَمْسُوح أَسْفَل الْقَدَمَيْنِ لَا أَخْمص لَهُ وَقيل لمسحه الأَرْض أَي قطعهَا وَقيل لِأَنَّهُ خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن وَقيل لِأَنَّهُ مسح بِالْبركَةِ حِين ولد بِرَجُل جعد قَالَ الْهَرَوِيّ الْجَعْد فِي صِفَات الرجل يكون مدحا وَيكون ذما فالذم بِمَعْنى الْقصير المتردد وَبِمَعْنى الْبَخِيل يُقَال رجل جعد الْيَدَيْنِ وجعد الْأَصَابِع أَي بخيل والمدح بِمَعْنى شَدِيد الْخلق وَبِمَعْنى عدم سبوطة الشّعْر وَإِنَّمَا مدح بِهَذَا لِأَن السبوطة أَكْثَرهَا فِي شُعُور الْعَجم قَالَ الْهَرَوِيّ فالجعد فِي صفة عِيسَى مدح وَفِي صفة الدَّجَّال ذمّ قطط بِفَتْح الْقَاف والطاء الأولى وَقد تكسر الشَّديد الجعودة أَعور الْعين الْيُمْنَى فِي رِوَايَة الْيُسْرَى وَكِلَاهُمَا صَحِيح طافية رُوِيَ بِالْهَمْز بِمَعْنى ذهب ضوءها وبدونه وَصَححهُ الْأَكْثَر بِمَعْنى ناتئة بارزة كنتوء حَبَّة الْعِنَب.
وَقَالَ القَاضِي كلا عَيْني الدَّجَّال مَعِيبَة عوراء فاليمنى مطموسة وَهِي الطافئة بِالْهَمْز واليسرى ناتئة جاحظة كَأَنَّهَا كَوْكَب وَهِي الطافية بِلَا همز الْمَسِيح الدَّجَّال سمي بذلك لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعين وَقيل لمسحه الأَرْض إِذا خرج وَالْأَشْهر أَنه بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف السِّين وإهمال الْحَاء كوصف عِيسَى وَقيل هُوَ بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين وَقيل هُوَ بإعجام الْخَاء كَالْأولِ وَقيل كالثاني إِن الله لَيْسَ بأعور أَي أَنه منزه عَن سمات الْحَدث وَجَمِيع النقائص أَعور عين الْيُمْنَى هَذِه الْإِضَافَة على ظَاهرهَا عِنْد الْكُوفِيّين والبصريون يقدرُونَ فِيهِ محذوفا أَي أَعور عين صفحة وَجهه الْيُمْنَى كأشبه من رَأَيْت بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا بِابْن قطن بِفَتْح الْقَاف والطاء
[ سـ
:279 ... بـ
:169]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ الْمُسَيَّبِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَانِي اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعْرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَرَأَيْتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا جَعْدًا قَطَطًا أَعْوَرَ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ النَّاسِ بِابْنِ قَطَنٍ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ ) رَوَى ( فَجَلَا ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِهَا وَهُمَا ظَاهِرَانِ وَمَعْنَاهُ كَشَفَ وَأَظْهَرَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ لُغَاتِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاشْتِقَاقِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ .
وَآيَاتُهُ عَلَامَاتُهُ .