3763 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا. فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَرَجَعَ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا. فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى النَّارِ وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا. فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا. فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَرَجَعَ وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا "
[حكم الالبانى] : صحيح، ابن ماجة (2385)




حاشية السندى
[3763] وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا يُرِيد أَن مُقْتَضى مَا فِيهَا من اللَّذَّة وَالْخَيْر وَالنعْمَة أَن لَا يَتْرُكهَا أحد سمع بهَا فِي أَي نعْمَة كَانَ وَلَا يمْنَع عَنْهَا شَيْء من النعم وَلَا يسْتَغْنى عَنْهَا أحد بغَيْرهَا أَي شَيْء كَانَ وَالْمَطْلُوب مدحها ومدح مَا أعد فِيهَا وتعظيمها وتعظيم مَا فِيهَا دَار لَا يساويها دَار وَلَيْسَ المُرَاد الْحَقِيقَة حَتَّى يُقَال يلْزم أَن يكون جِبْرِيل بِهَذَا الْحلف حانثا وَيكون فِي هَذَا الْخَبَر كَاذِبًا وَهَذَا ظَاهر وَيحْتَمل أَن المُرَاد لَا يسمع بهَا أحد الا دَخلهَا ان بقيت على هَذِه الْحَالة فحفت بالمكاره أَي جعلت سبل الْوُصُول إِلَيْهَا المكاره والشدائد على الْأَنْفس كَالصَّوْمِ وَالزَّكَاة وَالْجهَاد وَلَعَلَّ لهَذِهِ الْأَعْمَال وجودا مثاليا ظهر بهافي ذَلِك الْعَالم وأحاطت الْجنَّة من كل جَانب وَقد جَاءَ الْكتاب وَالسّنة بِمثلِهِ وَمن جملَة ذَلِك قَوْله تَعَالَى وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا ثمَّ عرضهمْ أَي المسميات على الْمَلَائِكَة وَمَعْلُوم ان فِيهَا المعقولات والمعدوماتوَالله تَعَالَى أعلم أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا الظَّاهِر ان جملَة الا دَخلهَا حَال بِتَقْدِير قد مُسْتَثْنى من أَعم الْأَحْوَال وَلَا يخفى أَنه لَا يتَصَوَّر النجَاة فِيهَا إِذا دَخلهَا فالاستثناء من قبيل التَّعْلِيق بالمستحيل أَي لَا ينجو مِنْهَا أحد فِي حَال الا حَال دُخُوله فِيهَا وَهُوَ مُسْتَحِيل فَصَارَت النجَاة مستحيلة وَقد قيل بِمثلِهِ فِي قَوْله تَعَالَى لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا الا سَلاما وَقَوله لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت الا الموتة الأولى قَوْله .